الجراح الزهار.. أول من بادر إلى العصيان المدني وكتب سيناريو فيلم سينمائي

TT

تتراكم قصاصات الورق امامه باستمرار، ففي عيادته بحي «الزيتون» جنوب غزة، كان الطبيب الذي يعد من اشهر جراحي القطاع، يختلس الوقت بين مراجعات المرضى لتدوين ملاحظات من الكتب المكدسة على مكتبه. وفي بيته ايضا تجده دائما وهو يقرأ او يكتب.

لقد نجا امس الدكتور محمود الزهار، 58عاما، عضو القيادة السياسية لحركة حماس من محاولة اسرائيلية لاغتياله، اسفرت عن اصابته بجروح، وقتل ابنه وحارسه، وتدمير منزله على من فيه.

ولد الزهار في مدينة غزة، لعائلة الزعبوط، التي تعتبر من اعرق واكبر عائلات المدينة في حي الزيتون. وبعد انهائه الثانوية العامة بتفوق، التحق بكلية الطب بجامعة عين شمس المعروفة بمستوى اساتذتها الرفيع، وتخصص بعد ذلك في الجراحة، ليعود لقطاع غزة ويلتحق بالعمل في مستشفى الشفاء بغزة.

وبسرعة اصبح من اشهر الجراحين في القطاع. وفي مطلع الثمانينات انتخب الزهار رئيسا للجمعية الطبية، وهي الاطار النقابي الذي يضم الاطباء في قطاع غزة. على الرغم من ان ميوله كانت اسلامية في ذلك الوقت، الا ان الزهار لم يكن من اعضاء الحركة الاسلامية البارزين، كما هو عليه الحال بالنسبة لزميله في عضوية ادارة الجمعية الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، لكن احد ابرز الانشطة التي تحسب للزهار هو مبادرته في عام 1985، لقيادة العصيان المدني الشعبي ضد الاحتلال، وقاد اضرابا للاطباء عن العمل، الامر الذي شل المؤسسات الطبية في القطاع. صحيح ان ذلك الاضراب لم يؤد الى نتائج عملية، لكنه كان تجربة الفلسطينيين الاولى مع العصيان المدني، باعتباره صورة من صور الاحتجاج على وجود الاحتلال. وعند اندلاع الانتفاضة في اواخر عام 1987، لم يكن الزهار من بين مؤسسي حركة حماس التي انبثقت عن جماعة الاخوان المسلمين المصرية، لتمارس المقاومة ضد الاحتلال على نطاق واسع، لكنه سرعان ما انضم اليها بعد ذلك، واصبح من المتحدثين باسمها.

واعتقل الزهار عام 1988 اعتقالا اداريا في سجون الاحتلال لمدة 6 اشهر، وفي اواخر عام 1990 كان من ضمن مبعدي حركتي حماس والجهاد الاسلامي الى مرج الزهور في جنوب لبنان. وبعد تشكيل السلطة الفلسطينية اعتقل الزهار 3 مرات لنشاطه السياسي والنقابي، وفي عام 1995 تعرض للقسوة داخل سجون السلطة، حيث قام السجانون بحلق ذقنه ورأسه الى جانب تعذيبه بشكل مهين. وحرصت بعض دوائر السلطة على تسريب خبر ما تم ضد الزهار، في خطوة وصفتها حماس في حينه بانها تأتي في اطار «برهنة السلطة لاسرائيل على انها تشن حرب لا هوادة فيها ضد حماس».

وانتقل الزهار للعمل في الجامعة الاسلامية، وكان من مؤسسي كلية التمريض في الجامعة الاسلامية بغزة. وبرز كناطق رسمي لحركة حماس، وكان يمثلها في جلسات الحوار مع السلطة الفلسطينية. اصدر الزهار 8 كتب، اشهرها كتاب «لا مكان تحت الشمس»، الذي قال عنه انه رد على كتاب رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق بنيامين نتنياهو «مكان تحت الشمس». ولا يتوقف نشاط الزهار عند العطب او العمل السياسي، او حتى تأليف الكتب، بل كشف عن حب جارف لفن السينما، عندما الف سيناريو فيلم، كان يحاول العثور على من يقوم باخراجه وانتاجه.