إسرائيل تقرر تصفية كل قادة «حماس» وأبو علاء يشكل حكومة أزمة مؤقتة من 10 وزراء

TT

تتسارع التطورات على الساحة الفلسطينية ـ الاسرائيلية باتجاه التصعيد والتدهور، اذ قامت اسرائيل، أمس، بمحاولة فاشلة لاغتيال احد مؤسسي «حماس» في غزة، الدكتور محمود الزهار ودمرت بيته وقتلت ابنه وأحد حراسه واصابته هو بجراح. ثم خطفت احد قادة «حماس» رائد البرغوثي من قلب مدينة رام الله. وهددت «حماس» بالمقابل بالرد القاسي على الممارسات الاسرائيلية والوصول بالعمليات الى المنازل الاسرائيلية.

وفي الوقت الذي اعلن فيه احمد قريع (ابو علاء) قبوله تكليف الرئيس ياسر عرفات بتشكيل حكومة، وقال ان حكومته ستكون صغيرة وتسمى حكومة «أزمة مؤقتة» ولن تضم اكثر من 10 وزراء، وان هدفها سيتركز على تهدئة الاوضاع مع اسرائيل، فان الحكومة الاسرائيلية تجاهلت هذا التطور وقررت الانعقاد الطارئ لاقرار شكل الحرب الجارفة التي ستشنها على «حماس».

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي، آرييل شارون، قد قرر قطع زيارته الى الهند، فجر امس، عندما سمع بالعملية التفجيرية الثانية في القدس منتصف ليلة الثلاثاء الماضي (علما بانه عندما سمع بالعملية الاولى امام قاعدة صرفند العسكرية التي قتل فيها 8 جنود، قال انه لن يقطع الزيارة لانه لا يريد للإرهاب ان ينتصر وأجرى مشاورات مع القائم بأعماله، وزير الخارجية سلفان شالون، ومع وزير الدفاع شاؤول موفاز، ورئيس المخابرات آفي يختر، وصادق على عدد من العمليات السريعة بينها تصفية الدكتور محمود الزهار وكل من امكن الوصول اليه من قادة «حماس»).

وتبين ان هذا هو «القرار الصغير» الذي توصلوا اليه وان هناك «قرارات كبرى» سوف تتخذ بعد عودة شارون. واتفق على تعقد جلسة طارئة للمجلس الوزارء الامني المصغر للحكومة الاسرائيلية حال وصول شارون الى مطار اللد ظهر اليوم، لاقرار الاجراءات الاخرى، ردا على العمليات التفجيرية، وستسبق الاجتماع مشاورات امنية.

وحسب ناطق مقرب من شارون فان القرارات الاسرائيلية ستكون باتجاهين: استراتيجي وتكتيكي. أما الاستراتيجي فيشمل: «القضاء على جميع قادة «حماس» اينما كانوا، ومن ثم كل قادة الارهاب الفلسطيني»، و«تنفيذ ما لم تقدم الحكومة الفلسطينية عليه، الا وهو تفكيك البنى التحتية لتنظيمات الارهاب بواسطة تدمير المعامل واعتقال الخبراء والقادة والاعضاء وتصفية كل من يعترض على ذلك منهم والتخلص من دور ياسر عرفات».

وأما التكتيكي فهو في اجتياح المدن والبلدات الفلسطينية وقت الحاجة واعتقال او اغتيال كل من امكن من قادة التنظيمات العسكرية الفلسطينية.

* العمليتان

* وكان عدد القتلى في العمليتين التفجيريتين في اسرائيل قد ارتفع فجر امس الى 15 يهوديا (8 جنود في عملية صرفند و7 مدنيين في مقهى «هليل» في القدس) وعدد الجرحى تجاوز المائة، منهم اثنان يصارعان الموت و13 جراحهم صعبة.

وتبين ان الفلسطيني الذي نفذ عملية صرفند تخفى بلباس جندي اسرائيلي وحشر نفسه بين الجنود والضباط الصغار الذين وقفوا على محطة الحافلات، مقابل القاعدة العسكرية «صرفند» قرب مستشفى «اساف هروفيه»، ثم قام بتفجير حقيبة يحملها في يده كعادة الجنود الاسرائيليين.

وأما عملية القدس، فقد تمت عندما وصل الشاب الفلسطيني الى مقهى في حي الالمانية جنوب المدينة، فقد حاول الدخول الى المقهى حيث كانت تقام حفلة للفتيات العزباوات. وحاول الحارس الامني منعه لكنه لم ينجح فقد دخل الفلسطيني بالقوة وتقدم بضع خطوات وقام بتفجير نفسه.

وجاءت العمليتان محرجتين للغاية لأجهزة الامن الاسرائيلية، اذ انهما اثبتتا فشل نظرية الامن الاسرائيلية بشكل مطلق حيث انها كانت قد اعلنت حالة استنفار امني قصوى، بدرجة واحدة اقل من اعلان حالة الطوارئ الحربية، وحولت مدينة القدس بشكل خاص الى ثكنة عسكرية، دورية وحاجز في كل شارع، وفرضت طوقا عسكريا على جميع المناطق الفلسطينية ووضعت حراسة عسكرية شديدة على كل مقهى ومطعم ومتجر ومحطة حافلات او تاكسيات. وتمكن الفلسطينيان من اختراق كل هذه الحواجز وهما يحملان كمية كبيرة من المتفجرات. ويذكر انهما كانا طالبين جامعيين.

وبقدر الشعور بالفشل والخيبة كانت شدة الحقد والرغبة في الثأر والانتقام لدى الاسرائيليين وبدأوا يعدون العدة للعمليات الحربية الانتقامية.

* الزهار والبرغوثي

* وبعد ان قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بالاغارة على بيت الدكتور محمود الزهار، الناطق بلسان «حماس» ودمرته تماما وقتلت ابنه البكر وحارسه الشخصي واصابته هو بجراح، قامت قوة اخرى من المستعربين (الجنود اليهود الذين يتخفون بلباس عربي) باقتحام مدينة رام الله والوصول الى مركزها واعتقلت وخطفت احد قادة «حماس» رائد البرغوثي، حيث ان اسرائيل تحمل فرع «حماس» في رام الله مسؤولية العمليتين المذكورتين.

واعتبرت «كتائب عز الدين القسام»، التابعة لحركة «حماس»، العمليتين الاسرائيليتين تصعيدا جديدا. وقالت في بيان لها ان تدمير بيت الزهار وقتل ابنه وحارسه هو خط احمر سيضع من الآن فصاعدا المنازل والعمارات السكنية في اسرائيل هدفا للعمليات التفجيرية. وهددت بعمليات اكبر واخطر من العمليتين المذكورتين وقالت ان كل يهودي، طفلا كان ام امرأة او مسنا، سيكون هدفا للعمليات «لأن اسرائيل لم تعد تفرق بين الطفل والمرأة والمسن الفلسطيني».

* الحكومة الفلسطينية

* على اثر هذا التدهور سارع رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، احمد قريع (ابو علاء) الذي كلف تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، الى اخذ زمام الامور بيديه واعلن انه يوافق على تحمل المسؤولية في هذه الظروف العصيبة وانه لن ينتظر شيئا، وسيقيم «حكومة ازمة» مؤقتة عدد وزرائها سيكون ما بين 6 و8 اعضاء او 10 اعضاء على الأكثر في غضون 24 ساعة. ودعا المجلس التشريعي الى الانعقاد ظهر اليوم للحصول على ثقته قبل ان تنعقد الحكومة الاسرائيلية لاقرار الرد.

المعروف ان ابو علاء كان قد اشترط الحصول على ضمانات اميركية ـ اوروبية بأن توقف اسرائيل عملياتها الحربية تماما بما في ذلك الاغتيالات، وتغير سياستها تجاه الرئيس عرفات، حتى يقبل برئاسة الحكومة. لكن واشنطن رفضت اعطاء ضمانات كهذه وابلغته انها ستساعده اذا اثبت قدرته على لجم «حماس» والتنظيمات العسكرية. فاتصل بشارون طالبا مكالمة طويلة او جلسة سريعة للتفاهم ووقف التدهور وفتح صفحة جديدة، لكنه لم يتمكن من ذلك، وارسل له شارون بعض التطمينات بأنه لن يمانع في التعامل معه اذا اثبت قدراته الامنية.

ولكن، في ضوء التدهور الشامل الذي ترافق مع التصعيد، قرر اخذ زمام الامور، وقال للمحيطين به ان هذه مسؤولية خطيرة لا يجوز انتظار شيء للقيام بها. وعلم ان الرئيس عرفات يعطيه كامل الدعم في هذه المهمة ويوافق حتى على منحه المسؤولية عن الاجهزة الامنية.

* الوضع السياسي

* وعلى الرغم من عنف الرد الاسرائيلي والرؤوس العديدة الحامية التي تقرر سياستها، فان اوساطاً سياسية في اسرائيل اعربت عن تقديرها بأن شارون سيسعى الى التهدئة في مرحلة معينة، خصوصا ان الكثير من الاجراءات التي يريد القيام بها لا تلقى رضى الاميركيين.

واضافت هذه المصادر ان الادارة الاميركية على اتصال مباشر مع شارون وقد ابلغته انها لا توافق على طرد الرئيس عرفات في هذه المرحلة وانها تفتش عن طريقة لوقف التدهور وليس للتصعيد، وانها تتلقى اشارات فلسطينية مشجعة حول وقف العمليات.

وكان الناطق باسم البيت الأبيض الأميركي سكوت مكليلان قد قال امس ان «اول مهام ابو علاء هو وضع حد للعنف، فالهجومان البشعان اللذان وقعا اول امس يظهران اكثر ضرورة تفكيك المنظمات الارهابية». واضاف: «من المهم وجود رئيس وزراء فلسطينية وحكومة ملتزمين بالسلام».

وكان قريع قد ادان عملية القدس قائلا: «انها تشكل ضررا بقضيتنا ومصالح شعبنا» وأضاف «كما ان عمليات العدوان الاسرائيلي المستمرة والمتواصلة واللجوء الى استهداف القوة، هي استهداف لقتل اي محاولة للسلام العادل والشامل الذي نسعى اليه».

واستنكر قريع ايضا محاولة اغتيال الزهار محذـرا من «مغامرة اسرائيلية لتدمير كل شيء». وأضاف «اننا نعلن استنكارنا وإدانتنا للمحاولة الاسرائيلية الجبانة لاغتيال محمود الزهار القائد السياسي في «حماس» والتي استشد خلالها ابنه البكر ومرافقه وجرح هو وزوجته وعشرات المدنيين الابرياء».