قصة الغياب الغامض لليبيا عن اجتماع الجامعة العربية

TT

لم يجد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية من وسيلة للاتصال بالسفير عبد المنعم الهوني مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية قبل ساعات قليلة من اجتماعات مجلس الجامعة العربية الذي اختتم أعمال دورته المائة والعشرين أول من أمس، سوى إرسال مندوب من الجامعة العربية على عجل إلى مقر إقامة الهوني بأحد أحياء العاصمة المصرية في محاولة لإقناع ليبيا في اللحظات الأخيرة بالتراجع عن مقاطعتها لأعمال هذه الدورة من دون أسباب رسمية معلنة.

ورغم المقاطعة الليبية للمجلس الوزاري العربي فقد شارك عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية في الاحتفال الضخم الذي أقامه احمد قذاف الدم المنسق العام للعلاقات المصرية الليبية مساء أول من أمس في دار الأوبرا المصرية بمناسبة مرور 34 عاما على قيام الثورة الليبية.

وطبقا للرواية التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر رفيعة بالجامعة العربية فان الهوني اغلق هاتفه النقال بعد اعتذار عبد الرحمن شلقم أمين اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي (وزير الخارجية الليبي) عن عدم المشاركة في هذه الاجتماعات، على نحو تعذر معه معرفة الأمانة العامة للجامعة العربية ما إذا كان هذا الاعتذار يعني تخفيض مستوى التمثيل الليبي ليحل الهوني محل شلقم أو انه مقاطعة نهائية لا رجعة عنها.

واضطر موسى إلى إرسال مبعوث بشكل عاجل إلى منزل الهوني صباح يوم الاثنين الماضي لسؤاله رسميا حول الموقف النهائي لليبيا.

ووفقا للمعلومات فان الهوني الذي كان في منزله استقبل مبعوث موسى وأبلغه أن ليبيا لا تريد المشاركة في هذه الاجتماعات لأسباب يعلمها الأمين العام للجامعة العربية، وان ليبيا لا تتلقى أوامر بالحضور من أحد بما في ذلك مجلس الحكم الانتقالي العراقي الذي أثار حضوره الاجتماع الوزاري العربي ردود فعل متباينة لم تنته بعد، وعند هذا الحد أدركت الجامعة العربية أن مساعي عمرو موسى أمينها العام لإقناع ليبيا بتغيير موقفها المفاجئ والتراجع عن قرار مقاطعة الاجتماعات الرسمية والتشاورية لمجلس وزراء الخارجية العرب والمندوبين الدائمين قد باءت بالفشل ولم تعلن ليبيا رسميا مبررات هذه المقاطعة التي تأتي خلافا لما زعمته الجامعة العربية حول أن ليبيا قررت خفض مستوى تمثيلها في الاجتماع الوزاري العربي بحضور مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، لكن أوساطا ديبلوماسية عربية اعتبرت أنها تأتي في إطار العلاقات المتوترة التي تغلف علاقات ليبيا مع أكثر من دولة عربية في الآونة الأخيرة.

وتغيب عبد المنعم الهوني مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية عن المشاركة في الاجتماع الذي عقده صباح الثلاثاء الماضي المندوبون الدائمون لمناقشة جدول أعمال مجلس وزراء الخارجية العرب.

وكان عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي قد أبلغ الأمين العام للجامعة العربية في اتصال هاتفي أجراه معه قبل يومين اعتذار ليبيا عن عدم المشاركة في كافة الاجتماعات الرسمية والتشاورية للدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية.

وكان يفترض أن يعقد موسى وشلقم قبل ثلاثة أيام محادثات حول جدول أعمال هذه الدورة والوساطة التي أعلنها موسى مؤخرا بين ليبيا ولبنان لحسم الخلافات العالقة بينهما حول ملف اختفاء الإمام موسى الصدر مؤسس حركة أمل الشيعية الذي اختفى في زيارة رسمية له إلى ليبيا عام 1978، لكن الوزير الليبي اعتذر في آخر لحظة مسببا إرباكا ملحوظا للأمانة العامة للجامعة العربية.

وأدى غياب ليبيا باعتبارها رئيس الدورة المنتهية لمجلس الجامعة العربية، حدوث تغيير غير متوقع في المراسم البروتوكولية الخاصة بتسليم وتسلم رئاسة الدورة التي ستؤل الى مصر وفقا لنظام التناوب عليها وفقا للأحرف الأبجدية للدول العربية وللمرة الأولى من إنشاء الجامعة العربية عام 1945 تمت هذه المراسم الشكلية من دون تسليم الرئاسة الدورية لمجلس الجامعة العربية.