وفاة إدوارد تيلر.. مخترع القنبلة الهيدروجينية

TT

توفي مساء اول من امس الفيزيائي المجري ـ الأميركي ادوارد تيلر عن عمر يناهز الخامسة والتسعين. وكان هذا العالم مالكا لقوة اقناع شخصية مع قدرة ابداعية علمية جعلتاه يعرف بأبي القنبلة الهيدروجينية.

كان تيلر انسانا مثقفا بشكل متميز وهذا ما ساعده ولعقود عديدة من المشاركة في القضايا العامة المهمة والمرتبطة بهذه المرحلة، وقد ترك بصمته على جزء كبير من تاريخ عصره. وكان قد حصل على الجنسية الاميركية بعد ان اضطر الى مغادرة اوروبا مع صعود نجم النازيين وشارك في الجهود المبذولة لوضع تصميم اميركي للقنبلة الذرية وبنائها خلال الحرب العالمية الثانية.

وبعد الحرب حينما اظهر الكثير من زملائه الفيزيائيين، لاسباب مختلفة، اهتماما ضئيلا للمجهودات التي بذلت لتطوير المرحلة اللاحقة في ميدان المتفجرات النووية، عمل تيلر بحماسة شديدة لاقناع زعماء الولايات المتحدة كي يدفعوا باتجاه صنع القنبلة الهيدروجينية. واصر بعض الاختصاصيين على ان مشاركا آخر في تطوير القنبلة الهيدروجينية يستحق التقدير بقدر ما حصل عليه تيلر. لكن وجوها محترمة في الوسط العلمي قالت ان اسهاماته لمفهوم الذرة جبنا الى جنب مع مساعيه الفردية الهادفة الى تحقيق بناء الذرة منحته موقع الاب لهذا النوع من الاسلحة.

ففي فترة الثمانينات، التي تميزت بتعرضه للكثير من الامور المثيرة للجدل، كان الفضل يعود له في اداء دور اساسي لاقناع ادارة الرئيس رونالد ريغان بقيمة بناء نظام دفاعي جوي ضد الصواريخ النووية، وعرفت هذه باسم «المبادرة الدفاعية الاستراتيجية» (حرب النجوم) التي لم يقرر بعد مستقبلها بشكل قطعي.

كذلك كان تيلر واحدا من الوجوه الاساسية في الاجراءات التي نزعت عن روبرت اوبنهايمر، رئيس الفريق المسؤول عن بناء القنبلة الذرية، الثقة الامنية به. وعلى الرغم من ان شهادة تيلر في التحقيقات تضمنت ايمانه باخلاص اوبنهايمر، فقد اشتكى من «تصرفات اوبنهايمر المثيرة للريبة». وظلت هذه القضية موضوع جدل بين دوائر المثقفين حتى يومنا هذا.

ويمكن القول ان امتلاك تيلر لجاذبية شخصية وموهبة متميزة في الاقناع معترف بهما حتى من خصومه الكثيرين. فقد كان داعية قوي لقناعاته حتى نهاية حياته التي بدأت في بودابست في الايام الاخيرة من الامبراطورية النمساوية ـ المجرية.

وكان تيلر طفلا موهوبا في الرياضيات وبرزت قدراته العلمية في سن مبكرة. كذلك كان شاهدا على اجواء الاضطراب التي حلت بأوروبا مع بدء الحرب العالمية الاولى.

وبعد الحرب ترك وطنه الام ليدرس في المانيا التي كانت آنذاك مركزا علميا وثقافيا مهما. وحصل على شهادة الدكتوراه في الفيزياء تحت اشراف الحائز جائزة نوبل فيرنر هاينزبرغ.

وكان واحدا من العلماء الذين شاركوا في تثوير الفيزياء عن طريق تطوير واستخدام نظريات الكم في الفيزياء الذرية. واخيرا جاء الى واشنطن واصبح بروفسيرا في جامعة جورج واشنطن خلال فترة الثلاثينات.

من الناحية الجسدية كان تيلر قويا على الرغم من فقدانه احدى قدميه في حادث سيارة بالمانيا. وكان لاعبا ممتازا في تنس الطاولة، وعاشقا للموسيقى ويجيد عزف موسيقى موزارت حتى وقت متأخر من الليل في مركز لوس الاموس الذي انتجت فيه القنبلة الذرية.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»