مبارك في باريس تعليقا على دعوات إسرائيلية لقتل عرفات: «هذا أسلوب جديد في العالم لم نسمع عنه سابقا»

TT

وصف الرئيس المصري حسني مبارك دعوة نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت للتخلص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن طريق اغتياله بانها «اسلوب جديد في العالم لم نسمع عنه سابقا». وحذر الرئيس المصري الذي كان يتحدث بعد ظهر امس الى الصحافة عقب لقائه بنظيره الفرنسي جاك شيراك في قصر الاليزيه من النتائج المترتبة على مثل هذه البادرة، ومن ان العالم «سيصبح في (حالة) فوضى، وقتل عرفات او نفيه لن يحل المشكلة». واستطرد: «لا اقول هذا حبا بهذا او كرها بذاك اطلاقا.. فنحن نريد ان نبحث عن السلام وعن الاسلوب الواقعي لحل القضية (الفلسطينية) بحثا عن السلام وحتى تعيش الشعوب بوئام. اما القتل فهذا موضوع خطير».

وكان الموضوع الفلسطيني احد المواضيع الرئيسية في مباحثات شيراك ـ مبارك الذي اعقبه غداء عمل. وتشكل زيارة مبارك الرسمية الى باريس، التي ينهيها اليوم، المحطة الثانية والاخيرة له بعد زيارته الى ايطاليا.

وافادت مصادر قصر الاليزيه ان مبارك وشيراك اعربا عن «قلقهما» ازاء الوضع المتدهور. ونقلت كاترين كولونا، الناطقة الرئاسية، عن شيراك قوله «لا يجب ان نبقى مكتوفي الاذرع تجاه ما يحصل». وعرضت كولونا، نقلا عن شيراك ان فرنسا تريد ثلاثة اهداف، اولها كسر حلقة العنف الذي يقود الى الطريق المسدود عن طريق حمل كل طرف على ان «يقتنع بهذه الحقيقة» وعن طريق دفع المجموعة الدولية للدفع في اتجاه تفعيل المسار السياسي. اما الهدف الثاني فهو العودة الى «خريطة الطريق» التي قبلها الطرفان والعمل على تطبيقها.

غير ان فرنسا تعتقد بضرورة «ايجاد دينامية سياسية جديدة» لهذا المسار (الهدف الثالث) عن طريق طرح مقترحات جديدة، اولها الدعوة المبكرة الى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط «من اجل ايجاد افق للسلام». وثانيها توفير «حضور دولي» عبر قوة فصل دولية بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

وتدفع فرنسا اللجنة الرباعية (واشنطن، موسكو، الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة) الى ان تتفحص المقترحات الفرنسية في اجتماعها القادم، في نيويورك، في 22 الشهر الجاري.

ويتطابق الموقف المصري مع الموقف الفرنسي. فقد اعلن مبارك ان «خريطة الطريق» هي «الامل الوحيد الموجود امامنا الذي لو امكن تنفيذه بامانة من قبل الجانبين يمكن ان نصل الى آفاق السلام». غير ان مبارك لا يبدو مقتنعا بامكانية ارسال قوة مراقبين دولية اذ اعلن ان تنفيذه «يتوقف على اسرائيل» التي رفضت باستمرار مثل هذا الاقتراح.

ولا يبدو ان موضوع اغتيال عرفات قد اثير في اجتماع امس، وفق ما قالته كولونا. واكدت كولونا، نقلا عن شيراك، ان ابعاد عرفات «ممثل الشعب الفلسطيني» سيكون بمثابة «خطأ» وانه «ليس الحل» وسيأتي بـ«نتائج معكوسة».

وفي ما يتناول الملف العراقي، ذكر الرئيس المصري انه «قلق جدا ازاء حالة عدم الاستقرار الموجودة في العراق لما لها من تداعيات على المنطقة». واكد شيراك الموقف الفرنسي القائل ان «المقاربة الامنية (اي الاميركية) وحدها لا تكفي، وان الجواب يجب ان يكون سياسيا، من خلال ترميم السيادة العراقية باسرع وقت ممكن وتغيير المنطق الحالي (السائد في العراق)».

ووصف شيراك الذي سيزور نيويورك في نهاية الاسبوع الجاري اجتماع جنيف الاخير بانه «مرحلة في المسار» الجاري للوصول الى اتفاق في مجلس الامن حول العراق. وحرصت كولونا على التأكيد ان المناقشات مع الاميركيين «مستمرة وتجري بروحية منفتحة وبناءة».

وقالت مصادر رسمية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» انه رغم الانفتاح الاميركي «فان المواقف الفرنسية الاميركية ما زالت متباعدة». واعربت عن رغبة باريس في الوصول الى تفاهم مع واشنطن. غير انها تساءلت عن مدى استعداد واشنطن لمزيد من الانفتاح باتجاه دور الامم المتحدة وقبول فكرة التخلي عن الهيمنة على العراق. وينتظر ان يحسم اجتماع الرئيس الاميركي جورج بوش مع شيراك في نيويورك، على هامش اعمال الامم المتحدة، هذه المسائل كلها.

وحظي الملف النووي الايراني، قيد النظر حاليا امام الوكالة الدولية للطاقة النووية باهتمام خاص من قبل شيراك ومبارك. وقالت كولونا ان الطرفين «اعربا عن قلقهما ازاء البرنامج النووي الايراني». وانهما حضّا ايران على «تبديد المخاوف الدولية والتوقيع سريعا على البروتوكول الاضافي للوكالة الدولية ووضعه سريعا موضع التنفيذ».

وكان مجلس امناء الوكالة قد اصدر بالاجماع قرارا يدعو ايران الى «توضيح» ابعاد برنامجها النووي حتى موعد نهائي هو 31 اكتوبر (تشرين الاول) القادم.

وكان لافتا، في اطار «جولة الافق» بين شيراك ومبارك، تناول الملف السوري الذي «تبادل» الرئيسان الرأي بشأنه. وقالت كولونا ان الرئيسين عرضا اراءهما وتحليلاتهما ازاء دمشق وان باريس «تكن تقديرا خاصا لحكمة الرئيس مبارك ولتحليلاته».

وشرح شيراك آخر تطورات الملف الليبي، عقب التصويت الذي جرى في مجلس الامن الدولي لرفع العقوبات الدولية المفروضة منذ عام 1992 على طرابلس. وكانت فرنسا قد امتنعت عن التصويت على القرار. وعللت كولونا الامتناع الفرنسي بان باريس ما زالت تناقش عددا من الملفات مع ليبيا وانها ستكون متنبهة لكيفية تنفيذ طرابلس للاتفاق المبدئي الذي توصلت اليه مع عائلات ضحايا طائرة «يوتا» الفرنسية حول دفع تعويضات اضافية لها مقابل اغلاق ملف «يوتا» نهائيا، بما في ذلك ابعاده القانونية والقضائية.

ويمكن ان يتوجه شيراك الى القاهرة، في موعد لم يحدد بعد لافتتاح الجامعة الفرنسية في القاهرة.