مصدر بريطاني: صدام يفاوض للاستسلام لقاء تسفيره إلى بيلاروسيا

الرئيس المخلوع فوض أحد مساعديه الأمنيين لعقد صفقة يكشف بموجبها أسرار أسلحة الدمار وأماكن الأموال المخفية

TT

كشفت صحيفة «ميرور اون صنداي» الشعبية البريطانية امس عن تفاصيل مفاوضات قالت ان الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين يجريها مع القيادة العسكرية الاميركية في بغداد لضمان خروجه سرا من العراق مقابل معلومات عن اسلحة الدمار الشامل العراقية والحسابات المصرفية التي يرجح انه يخفي فيها عشرات الملايين من الدولارات، فضلا عن غيرها من الأموال التي يحتفظ بها نقدا.

واكدت الصحيفة ان كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس الاميركي جورج بوش لشؤون الامن القومي تشرف على المفاوضات من واشنطن بينما يتولى الجنرال ريكاردو سانشيز قائد قوات التحالف في العراق ادارتها من بغداد، وذلك من خلال ضابط اتصال عراقي حمل الى مقر القوات الاميركية في تكريت تخويلا خطيا من صدام لاجراء المفاوضات باسمه.

وقالت الصحيفة ان الرئيس العراقي السابق طلب نقله بشكل سري الى جمهورية بيلاروسيا السوفياتية السابقة، واضافت ان الرئيس الاميركي جورج بوش يطلع باستمرار على مجريات المفاوضات.

وقالت الصحيفة ان ممثلا لصدام يجيد التحدث بالانجليزية ويرتدي طاقما على الطراز الغربي دخل الى مقر القوات الاميركية في تكريت في 12 الشهر الحالي عند مغيب الشمس، طالبا التحدث مع احد المسؤولين الكبار. وقاد المبعوث مجموعة من القوات الاميركية الى منزل في ضواحي المدينة للالتقاء بمسؤول امني كبير من اتباع الرئيس المخلوع، حيث تم تسليم الضابط المسؤول عن القوة الاميركية رسالة مكتوبة بخط اليد، يرجح ان تكون لصدام، تعرض السماح للرئيس المخلوع بالسفر الى جمهورية بيلاروسيا مقابل تقديم معلومات عن برامج اسلحة الدمار العراقية والحسابات المصرفية التي ما يزال يحتفظ بها. وكان المسؤول الامني الذي يدير المفاوضات باسم صدام يستخدم جهاز اتصال لاسلكي بريطاني الصنع تصعب ملاحقة اشاراته، قال انه يستطيع التحدث من خلاله مع اشخاص موجودين في الغرفة نفسها التي يوجد فيها صدام.

واحتجزت القوات الاميركية المسؤول الامني العراقي السابق على الفور. ولكن المسؤولين العسكريين الاميركيين واصلوا تبادل الرسائل مع صدام باستخدام جهاز الاتصال فضلا عن وسائل اخرى.

وقالت الصحيفة ان المفاوضات بين الضباط الاميركيين والمسؤول الامني التابع لصدام تجري بتخويل مباشر من الجنرال سانشيز وباشراف مستشارة الامن القومي التي تتولى بدورها اطلاع الرئيس بوش على تفاصيل المفاوضات.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عراقي قوله ان الرئيس المخلوع يبحث الآن عن صفقة، لأنه يائس ومحاصر وقلما يجد اناسا مستعدين لايوائه. وأضاف ان الدكتاتور السابق يذهب الى منازل اناس برفقة قوة مسلحة فارضا عليهم استضافته، وعندما يغادر يقوم حراسه بتهديد مضيفيه بالقتل اذا قدموا اية معلومات عن مكان وجوده.

وقالت الصحيفة انه من المرجح ان تقوم القوات الاميركية بتتبع خطى المراسلين الذين يتوسطون في المفاوضات سعيا للتعرف على مكان اختفاء الرئيس المخلوع. ونقلت عن احد المصادر القول انه «ما من شك في ان الخناق يضيق على صدام، في حين يواجه انصاره صعوبات حقيقية في الخروج من العراق». ولكنه قال انه «ما يزال بوسع هؤلاء الاتباع ان يثيروا المتاعب للقوات الاميركية، حتى وان كانوا يعرفون ان من المستبعد ان تؤدي اعمالهم الى عودة صدام الى السلطة». واضاف ان القوات الاميركية ستعمل على الابقاء على خط الاتصال لاطول امد ممكن، وذلك على الرغم من تمسك واشنطن بموقفها الرافض لعقد اية صفقة مع صدام. وكان الرئيس العراقي السابق لمح في آخر خطاباته المسجلة الى رغبته في التفاوض مع الولايات المتحدة عندما خاطب الرئيس بوش بالقول انه اعتمد في قرار الحرب على معلومات استخباراتية خاطئة، مشيرا الى انه «ربما كان هناك اشخاص كذبوا عليك، وانك تصدق هذه الاكاذيب»، مضيفا «اذا كنت تريد مناقشة ترتيبات للانسحاب، فهناك بين بعض اعضاء القيادة الذين تم اعتقالهم من قبل جيشك، مسؤولون تستطيع الاتصال بهم لاجراء حوار مناسب».

وتقول مصادر عراقية ان الدكتاتور السابق يتحرك مرتديا ملابس فلاح او عامل، وغالبا بدشداشة بيضاء من النوع الذي يرتديه سكان المناطق الريفية. ونظرا لخشيته من الخيانة او من الوقوع تحت الانظار، فانه لا يمضي اكثر من ساعتين في اي مكان يذهب اليه. وهو غالبا ما يحصل على المأوى لدى شيوخ عشائر يدينون له بالولاء نظرا الى انه كان منحهم الكثير من الجاه والمال خلال سنوات حكمه، الامر الذي يجعلهم يشعرون انهم مدينون بوجودهم له. ولكن في الوقت نفسه يدرك صدام والمقربون منه ان التزامات الولاء تتضاءل مع مرور الوقت الامر الذي يصعد حدة الضغوط التي يواجهها. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عراقي قوله «ان الرئيس المخلوع اعد لنفسه نحو 1000 مكان للاختفاء قبل ان يطاح بنظامه حتى ان وزراء حكومته انفسهم كانوا لا يعرفون اين تعقد اللقاءات معه، واعتقد انه يذهب من مكان الى آخر، هذه الايام». واضاف «كان الوزراء يؤخذون في باصات صغيرة، او بسيارات تابعة لقوة الامن اذا كانوا من الشخصيات البارزة، الامر الذي جعله خبيرا في شؤون النجاة».

ويعتقد ان اختيار صدام لبيلاروسيا ملجأ له يعود الى ان نظامها الحالي ما يزال ينتمي الى الحقبة السوفياتية حيث يتولى الحرس القديم في الحزب الشيوعي السابق السلطة في هذا البلد.

وكانت الولايات المتحدة عرضت على صدام الرحيل الى الخارج قبل اندلاع الحرب، الا انه رفض العرض. وعلى الرغم من ان قوات التحالف ما تزال تحض على القاء القبض على صدام «حيا او ميتا» مقابل مكافئة تصل الى 25 مليون دولار، فليس من المستبعد ان تكون ضغوط الاختفاء المتزايدة التي يتعرض لها الرئيس المخلوع اقنعته بالعودة الى قبول ما كان رفضه من قبل.