الفرنسي المدان في تفجيرات الدار البيضاء.. اعتنق الإسلام عن طريق فريق كرة قدم.. وتدرب في معسكرات «القاعدة» بأفغانستان

TT

يمكن أن يكون بيير رتشارد روبير،31 سنة، مثالا على جاذبية حركة الجهاد العالمية بالنسبة للشباب الأوروبي الغاضب. ويمثل هذا الفرنسي عينة جديدة من مجندي الياقات الزرقاء، فلا هو متردد السجون ولا هو الراديكالي الجامعي. وقد نشأ روبرت في قرية تشامبلز الفرنسية الصغيرة. وانتهت دراسته بمدرسة آن فرانك الثانوية العامة بأندريزو، المدينة الصناعية تحت الجبل حيث كان والده عاملا في مصنع للزجاج. وقد نشأت صداقة بين هذا الفتى تحت العشرين وبين بعض الفتيان الأتراك الذين يؤدون أعمالا متفرقة ويلعبون كرة القدم، الواسعة الشعبية وسط الشباب الفرنسي وشباب المهاجرين على السواء لأنها تمارس في أفضل ملعب بالمدينة. وكانت تلك بداية اعتناقه الاسلام.

ويذكر مسلمو اندريزو، الذين يصفون أنفسهم بأنهم مسلمون معتدلون، روبير كفتى صامت يجلس منطويا على نفسه في أحد أركان المسجد. وقال إبراهيم تكيلي، 35 سنة، وهو عضو قديم باتحاد العمال، أن روبير مثله مثل كثيرين من الذين اعتنقوا الإسلام حديثا، كان يصارع من اجل التخلص من احتساء «هذه المشروبات الغبية». وكان يحلم بالنظام والحياة الهادفة. وقال تكيلي ان والد روبير، الذي صعق للحدث. ولكن عندما بلغ روبرت 18 سنة وأبدى رغبة في دراسة الإسلام بتركيا دفع والداه ثمن الرحلة. وذهب روبير إلى مدينة كونيا المركز السياحي والديني الذي يمثل نقطة جاذبة لمعتنقي الإسلام من الأوروبيين.

وقال ضابط استخبارات فرنسي أن روبير عندما عاد إلى فرنسا عام 1992، قال ان تركيا «علمانية أكثر مما ينبغي». وقد سافر الى السعودية وباكستان وافغانستان منتصف التسعينات وتلقى التدريب بمعسكر الخالدين الذي تديره منظمة القاعدة، حسب معلومات المحققين الفرنسيين والإسبانيين. تزوج بعد ذلك فتاة مغربية وبدأ ينتقل بين اوروبا والمغرب. وقد حضر مع زوجته إلى تشامبلز للبقاء هناك فترة طويلة وكان ذلك قبل سبع سنوات. وعاشا في منزل اسرته ثم استأجرا شقة في مدينة سانت إتيان القريبة، وهي منطقة مضمحلة محاطة بمصانع الأسلحة المدمرة وحقول الفحم المهجورة.

صار روبير يرسل لحيته ويرتدي الزي العربي، كما سمى نفسه يعقوب. وأثناء زيارات كان يقوم بها خلال عامي 1999 و2000 إلى مكتبة إسلامية بسانت إتيان، اثار إعجاب مدير المكتبة بلغته العربية ومعارفه الدينية. قال المدير أحمد عبد الودود: «كان يعرف أكثر مني».

وقال تكيلي ان روبير صار واعظا ليليا متجولا في مجمع للمساكن. وشارك كذلك في تجارة السيارات بين أوروبا والمغرب،والتي يديرها الإسلاميون المتطرفون بصورة كبيرة. وقد قضى خمسة أشهر بسجن بلجيكي متهما بسرقة السيارات، عام 1998. ولكن كل ذلك لا يقارن بنشاطه السري في طنجة حيث قضى روبير، الذي اصبح ابا لطفلين، معظم وقته هناك خلال العامين الأخيرين. وقد حكم عليه يوم الخميس بتجنيد عشرات الشباب للخلايا الإرهابية التي قامت بطنجة وفاس.

تخطت المكانة التي حظي بها روبير كل الحدود الثقافية، إذ نصبته المجموعة «أميرا» عليها. وكان هو القائد في حلقات التدريب على الأسلحة في الغابات والصحاري.

ثم جاء الهجوم الانتحاري يوم 16 مايو والذي راح ضحيته 45 شخصا في الدار البيضاء، وكان أسوأ هجوم في تاريخ هذه المملكة التي تفخر بأنها موطن للتسامح والتعايش السلمي. وقد القت الشرطة القبض على مئات المتطرفين، كما ألقت القبض على روبير في احدى الغابات وهو يقود شاحنة بيك آب تحمل لوحة أرقام هولندية مزورة. واتهمته السلطات بأنه يقود خلية كانت تخطط لتنفيذ موجة جديدة من الهجمات الإرهابية على أهداف سياحية وتجارية. وبعد أن أدلى باعترافات أولية تراجع وقال انهم عذبوه لأن الشرطة كانت تبحث عن كبش فداء من الأجانب. وقال في تصريح قرأه محاميه نيابة عنه: «إنني ضحية مؤامرة حبكتها أجهزة الأمن».

وقال روبرت أثناء محاكمته أنه عمل ايضا مخبرا فرنسيا، وهو ادعاء رفضته الشرطة الفرنسية مباشرة. وقال المحققون أن روبرت كان جزءاً من خطة «لتدريب المدربين»، وهو نموذج للكيفية التي ستعمل بها منظمة القاعدة التي تدار على اساس لامركزي. وقال المسؤولون إن القاعدة استوردت الإرهاب إلى المغرب بواسطة مجموعة صغيرة من المتخصصين في التجنيد الذين نجحوا في إعداد العناصر الداخلية لتكون مستعدة للقتل.

وتقول الشرطة ان روبير كان ينوي خوض حربه على الأرض الفرنسية ايضا. وقد خطط هو وعبد العزيز بن عايش، وهو من المجاهدين المتحمسين، وله علاقات قديمة بالخلايا الإرهابية الأوروبية، لاستخدام مدافع البازوكا والقنابل الصاروخية لضرب الأهداف التي يحددونها ومن ضمنها مصفاة للبترول وسفينة حاملة للبلوتونيوم بالقرب من ليون، التي تبعد حوالي الساعة من مسقط راس روبير.

عندما ألقت الشرطة الاسبانية القبض على بن عايش في الجزيرة الخضراء، على الجانب المغربي من مضيق جبل طارق، في يونيو، كان قد قام بحلق شعره، وهو إجراء تطهري يسبق الهجمات الانتحارية. قال مدير شرطة اسباني: «كان يعد لتنفيذ هجوم انتحاري. فابن عايش رجل خطير جدا».

ومع أن بعض الضباط الفرنسيين يشعرون أن خطورة روبير مبالغ فيها، فإنه أفلت بعد صعوبة من عقوبة الإعدام التي طالب بها الإدعاء بعد ادانته في تفجيرات الدار البيضاء.