انتخابات مجالس المدن والبلديات تعمق الخلاف بين الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وتهدد وضع الحكومة المغربية

TT

يواجه حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اللذان يشكلان العمود الفقري للائتلاف الحزبي المؤيد لحكومة ادريس جطو امتحانا عسيرا هذه الايام مع اتساع دائرة الخلافات بينهما حول انتخاب رؤساء مجالس البلديات والمدن.

ويرصد المتتبعون باهتمام كبير مصير علاقة الحزبين في ضوء الامتحان الجديد الذي سيواجههما في بداية الاسبوع الحالي لانتخاب عمدتي العاصمتين السياسية الرباط، والاقتصادية الدار البيضاء. وفي الدار البيضاء تحتدم المنافسة بين مرشحي الحزب الوزيرين في حكومة ادريس جطو، خالد عليوة عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الإشتراكي الذي يتولى حاليا منصب وزير التعليم العالي، وكريم غلاب عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال الذي يتولى منصب وزير التجهيز والبنيات التحتية.

وفي الرباط ينافس مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي احمد الريح مرشح حزب الحركة الشعبية «مشارك في الحكومة» عمر البحرواي، بينما يراقب حزب الاستقلال العملية من الخلف.

وبعد عودته السياسية القوية على رأس ترتيب الأحزاب الفائزة في الانتخابات البلدية والقروية، أظهر حزب الاستقلال نهجا براغماتيا في تحالفاته التي وسعها خارج اطار الائتلاف الحزبي بهدف تجسيد فوزه في الاقتراع العام على مستوى رئاسة مجالس البلديات والمدن، وامام تنامي فرص «الاستقلال» في مدينتي الدار البيضاء وفاس، بات الخناق يضيق على حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي حصل على الرتبة الثانية في اقتراع 12 سبتمبر (أيلول)، ومهددا في معقله التاريخي الرباط العاصمة التي ينتخب مجلسها اليوم، ولا سيما اذا لم يصوت حزب الاستقلال لفائدة مرشح الاتحاد الاشتراكي.

وظهرت أمس في صدر صحيفة «الاتحاد الاشتراكي» اشارات باللون الأحمر تدل على «غضب» الاتحاديين من مآل عملية انتخاب المجالس ووصفها بـ«محنة الديمقراطية». وركزت اشاراتها على مراكش ومكناس التي خسر فيها الحزب.

وتقول مصادر حزب الاستقلال أنه حريص اكثر من أي وقت مضى على تجسيد فوزه التاريخي في الانتخابات البلدية والقروية الاخيرة، سواء من خلال مجالس المدن، او في مرحلة لاحقة بمناسبة تجديد ثلث مجلس المستشارين «الغرفة الثانية بالبرلمان» الذي يختاره «الناخبون الكبار»، واعتمادا على مركزه المتقدم في الانتخابات الحالية تشكل رئاسة مجلس المستشارين واحدا من اهداف حزب الاستقلال.

ورغم تواتر الحديث عن الجفاء في علاقة أميني الحزبين الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي الوزير الأول السابق، والاستقلالي عباس الفاسي الذي يتولى حاليا منصب وزير دولة بدون حقيبة، فان تاريخ علاقات الحزبين الشقيقين اللذين خرجا من رحم واحد، يكشف ان اتصالات اللحظات الاخيرة والجسور المتعددة الممدودة على مستويات مختلفة في الحزبين، يمكن ان تقلب المعادلات وتحدث المفاجأة في كل وقت.

وبدأت محنة العلاقة بين الحزبين «الشقيقين» و«اللدودين» إبان الانتخابات التشريعية التي جرت بتاريخ 27 سبتمبر من العام الماضي، عندما تصدر حزب الاتحاد الاشتراكي الأحزاب الفائزة ، وبات يستعد لحصد فوزه برئاسة الحكومة، فطفح الخلاف مع حليفه التاريخي «الاستقلال» الذي كان بدوره قاب قوسين او أدنى من تشكيل ائتلاف من الأحزاب يضم حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الاصولي اللاعب الجديد الذي لفت الانظار اليه بتحقيقه فوزا سياسيا ثمينا في أول انتخابات يخوضها. ورغم تراجع مركزه في الانتخابات البلدية والقروية، فان الحزب الاصولي ما يزال دوره مؤثرا في مجريات الانتخابات بمجالس المدن حيث تركزت ترشيحاته.

وأدى احتدام الخلاف بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، الى تغيير في مسار الامور، عندما توخى العاهل المغربي الملك محمد السادس اختيار وزير أول من خارج الأحزاب السياسية. لكن ادريس جطو الوزير الأول الحالي ، ظل منذ ذلك التاريخ جالسا فوق بركان من الخلافات الحزبية التي تشق الائتلاف الذي يؤيده «يضم ستة أحزاب»، وتصل اليوم تلك الخلافات ذروتها بالتصدع الذي تشهده علاقة الحزبين الكبيرين، الاستقلال، والاتحاد الاشتراكي، تصدع يتزامن مع موجة من الاشاعات حول احتمال تغيير في الحكومة.