المناطيد تدخل الحرب ضد الإرهاب في أميركا

البحرية الأميركية تخصص 4 ملايين دولار لاختبار فعاليتها في تعقب الإرهابيين

TT

في الوقت الذي يجري فيه البحث عن وسائل لمكافحة الارهاب، يدرس سلاح البحرية الاميركي بعض الافكار من الماضي: المناطيد. فقد حصلت شركة مقرها هونولولو على عقد قيمته 4 ملايين دولار لاختبار ما اذا كانت المناطيد وسيلة جيدة لتعقب الارهابيين والقاء القبض عليهم.

ويشار الى ان سلاح البحرية الاميركي استخدم المناطيد قبل عشرات السنين لعدة اغراض، بينها حماية القوافل البحرية من الغواصات الالمانية خلال عبورها المحيط الاطلسي في فترة الحرب العالمية الثانية. غير ان استخدامها توقف عام 1961 بعد بروز طائرات الاستطلاع ذات الاجنحة الثابتة.

وقد حصلت الشركة الآنفة الذكر على مشروع المناطيد ذات المحركات عام 1999، غير ان العقد اتخذ اهمية اضافية بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) عام 2001. وقال خبراء الاستطلاع الذين يعملون في المشروع ان النتائج المبدئية مشجعة. وقال غريغ بلم نائب مدير المشروع في شركة «ساينس اند تكنولوجي انترناشونال»: «اننا نقدم عبر هذا الوسيط، عملية استخباراتية كاملة: الجو والارض وتحت الماء». وكان غريغ يتحدث خلال رحلة اختبارية الاسبوع الماضي فوق امبريال بيتش في ضواحي سان دييغو.

وقد بدأت الشركة، مستخدمة منطادا مستأجرا، اجراء اختبارات في منطقة سان دييغو بعد تجارب مماثلة في ماساتشوستس وفيرجينيا. ويطلق على المنطاد اسم المخترع البرازيلي البرتو سانتوس دومونت (1873 ـ 1932)، ويصل طوله الى 60 متراً واصبح مظهرا اعتياديا في المنطقة حيث يحلق على ارتفاع يتراوح بين 300 و450 متراً.

ومن بين الاختبارات التي تجرى في سان دييغو معرفة ما اذا كان بامكان اجهزة الاستطلاع في المنطاد العثور على «غواصين اعداء» و«الغام تحت الماء». وتجدر الاشارة الى ان الكشف عن الالغام يعتبر احدى القضايا التي تثير قلق البحرية الاميركية في منطقة الخليج العربي.

ومن بين التقنيات الاخرى التي يجري اختبارها نظام «لاش» الذي يمكنه اكتشاف مئات من ظلال الالوان ثم يقارنها بالالوان المعروفة لشيء معين. وقد اعدت هذا النظام شركة «ساينس اند تكنولوجي» في اطار مشروع قيمته خمسون مليون دولار مع البحرية الاميركية.

وفي مشروع المنطاد يتولى تقنيون تقييم الصور داخل المنطاد الذي يصل طوله الى 9 امتار، ثم ينقلون نتائج التقييم عبر اتصالات كومبيوترية آمنة الى القوات البرية. وقال بلم: «في الوقت الحالي، يريد الجميع تغطية مستمرة. عيون في السماء لمدة 24 ساعة يوميا. الجميع يريد ذلك، وهو ما ننوي تنفيذه».

ويرى بلم ان المناطيد تتميز بالمرونة وقلة التكلفة مقارنة بالطائرات وطائرات الهليكوبتر. ويرى انه يمكن تشغيلها ليلاً باستخدام تكنولوجيا الاشعة تحت الحمراء.

وذكر ستيف هوت مدير برنامج لاش في مكتب ابحاث سلاح البحرية، انه معجب بما شاهده من امكانيات المنطاد. لكنه اعترف بوجود عقبات منظمة لقبول مبدأ استخدام المناطيد. فقد فكرت البحرية الاميركية التي تملك 140 منطادا اعادة استخدامها في الثمانينات، ولكن تم التخلي عن الفكرة بسبب معارضات داخلية.

واوضح بلم ان المناطيد المحلية تعبأ بغاز الهليوم غير القابل للاشتعال، وليس بالهيدروجين القابل للاشتعال الذي كان يستخدم في منطاد هيندنبورع. وعلى الرغم من انها تطير على ارتفاعات منخفضة فانها بعيدة عن معظم نيران المدافع الارضية، كما ان اجهزة الرادار لا يمكنها متابعتها.

ورغم ان الهدف الاساسي للمشروع هو المساعدة في جمع معلومات لاغراض عسكرية، فان بلم وغيره يرون وجود احتمالات لاستخدام سلطات تطبيق القانون المحلية فيما يمكن ان يكون مشروعا مشتركا. ففي فبراير (شباط) الماضي، استخدمت المناطيد لمدة ثلاثة اسابيع امام سواحل فلوريدا لمتابعة نوع من الحيتان المهددة بالانقراض. كما تم ارسال منطاد في اطار البحث عن «قناص واشنطن» اواخر العام الماضي، لكن القي القبض عليه قبل وصول المنطاد.

ومثل كل المناطيد فان «سانتوس دومونت» رشيق، ويحلق بهدوء، لكن يصعب التحكم فيه على الارض عندما تزيد سرعة الرياح. وفي رحلة من فيرجينيا بلغ متوسط السرعة 85 كيلومترا في الساعة، وهو بلا اجنحة ويهبط او يصعد عن طريق التحكم في ثقل للموازنة. وقال بلم، الضابط السابق في مجال الغواصات: «انه مثل الغواصة، ولكن في وسط مختلف».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»