الجلبي أمام الأمم المتحدة: أشقاء العراق التزموا الصمت إزاء مصيبته بل عيروه وعابوه يوم رفع الصوت

دعا المشككين في نيات أميركا وبريطانيا «إلى زيارة المقابر الجماعية والأهوار المجففة وحلبجة»

TT

استهل أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي الذي انتهت رئاسته التي دامت شهرا لمجلس الحكم الانتقالي في العراق في أول خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ58 بالنقد غير المباشر للدول العربية والدول المجاورة للعراق. وقال في خطابه اول من امس «إن إخوانه واشقاءه في الجوار التزموا الصمت والتجاهل والتغاضي والتعامي إزاء مصيبته بل عيروه وعابوه يوم رفع الصوت».

وتميز خطاب الجلبي بقدر كبير من الإنشائية ودافع في معرض حديثه عن نيات أميركا وبريطانيا في حربهما ضد العراق للتخلص من نظام صدام حسين وقال «ان تحرير العراق وما جرى هو قطعا تحرير، وما كان ليكون لولا العزم الذي أبداه الرئيس (الاميركي جورج) بوش والتزمته دول التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة». واضاف «وإذ نسمع اليوم اصوات المشككين بنيات الحكومتين الأميركية والبريطانية في إقدامهما على التحرير ندعوهم إلى زيارة المقابر الجماعية وإلى زيارة الأهوار المجففة وحلبجة وإلى استعراض قوائم المغيبين الذين حرمهم النظام من حقهم في الحياة».

وأكد الجلبي على الخيار الديمقراطي لشكل الحكم القادم في العراق وقال إن «الحوار المستمر التمثيلي الصادق القائم على مبدأ تداول الحكم ودوريته والالتزام الراسخ بمبدأ الانتخاب كالفيصل والحكم» ودعا إلى تطبيق نظام الفيدرالية في العراق، مشددا على «ان العراق الجديد سيقوم على مبدأ السلطة المحلية في إطار اتحادي فيدرالي». وأضاف «والفيدرالية بالمفهوم الذي يتفق عليه العراقيون ليست قطعا تقسيما بل هي تأهيل وتمكين للمقيمين في مناطقه المختلفة لتولي كافة الشؤون الخاصة بمناطقهم بشكل مباشر لا يشترط التخويل التفصيلي من الحكومة المركزية». وشدد على أن الفيدرالية لا تعني التفريط بمبدأ وحدة الأراضي العراقية ووحدة العراق وقال «وبعيدا عن المزايدات التي تشدق بها النظام السابق عبثا وزورا فاننا نعلن أمام الملأ أن العراق وطن واحد ثابت قائم بذاته. ليس هذا الإعلان انتقاصا من التواصل الذي ينشده العراقيون في الداخل عن هويتهم الثقافية والقومية». وقال الجلبي الذي كان آخر المتحدثين وبه اختتمت الجمعية مناقشات دورتها العامة «نحن في إعلاننا هذا لا نعبر وحسب عن الرأي الفعلي لمعظم العراقيين بل نعتبره مبدأ أوليا وإطارا مرجعيا لأية ممارسة سياسية إقرارا بالواقع وتجنيبا للبلاد المزيد من المغامرات». واوضح أن حكم العراق المستقبلي سيقوم على حكم القانون والمؤسسات وهي المستمدة من المواطن. ودافع الجلبي في بيانه عن الإسلام وقال «إن الإسلام هو دين الأكثرية العظمى من العراقيين فهو بالتالي يطبع الهوية العراقية بطابعه، والدين في العراق هو من أهم مقومات الفرد والمجتمع ولن نرضى التفريط به سواء ببعده الفقهي أو السلوكي أو الفكري أو الحياتي». ودعا إلى إعادة الاعتبار إلى المؤسسات الدينية كافة «من خلال تمكينها مجددا من تولي مسؤوليتها في صون الإنسان العراقي الذي يقصدها روحيا وأخلاقيا بعيدا عن بدعة التوريط السياسي الذي يريده البعض لها نفاقا». وقال دبلوماسيون ان خطاب الجلبي بدا كأنه موجه إلى جمهور أميركي. وقال احدهم لـ«الشرق الأوسط» رفض ذكر اسمه «إن الجلبي في خطابه تجاهل أن هناك أغلبية بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعارض الحرب وتعارض الاحتلال الأميركي للعراق». واضاف دبلوماسي غربي آخر «إن بيان الجلبي تجاهل تماما الأمم المتحدة ودورها الممكن في إعادة بناء العراق حتى انه لم يشر إلى الهجوم الإرهابي ضد مقرها في بغداد». وقال «كان على الجلبي أن يخاطب المجتمع الدولي بطريقة أخرى لدعم مجلس الحكم ولدعم شرعيته ولحث المجتمع الدولي على المساهمة في إعادة بناء العراق وإعادة الاستقرار والأمن إليه، وهذا ما يحتاجه العراق في الوقت الراهن». وعلق دبلوماسي عربي قائلا «إنه ذكرنا بالبيان الأول الذي يصدر بعد الانقلابات العسكرية في العالم العربي».