مجلس الشيوخ الأميركي يرفض اقتراحا لزيادة الضرائب لتمويل ميزانية إعادة الإعمار

TT

قلل مجلس الشيوخ الاميركي من مخاوف احتمال ازدياد العجز في الميزانية الاميركية برفضه مقترحا للمصادقة على مقترح من شأنه ان يرفع قيمة الضرائب المفروضة على الاميركيين الاكثر دخلا وذلك بغرض مقابلة نفقات احتلال وإعادة بناء العراق. فقد رفض التعديل المقترح، الذي كان من المحتمل ان يساعد على توفير مبلغ 87 مليار دولار اميركي من خلال زيادة معدل ضريبة الدخل من 35 في المائة الى 38 في المائة، اثر تصويت 57 نائبا ضد الاقتراح و42 الى جانبه. ويعكس النقاش حول هذه القضية حالة الارتباك التي يواجهها الكونغرس وهو ينظر في الطلب الذي تقدم به الرئيس جورج بوش بتوفير مبلغ 87 مليار دولار للإنفاق على العمليات في العراق وافغانستان. ويلاحظ ان ثمة اتفاقا حول ضرورة ان يوفر الكونغرس هذا المبلغ، إلا انه لا يوجد إجماع ازاء كيفية توفير الكونغرس لهذا المبلغ ولا حتى كيفية تجنب توسيع هوة العجز في الميزانية. وفي تطور آخر ذي صلة بتمويل إعادة إعمار العراق، صادق مجلس الشيوخ الاميركي على تعديل جعل من الصعب على الحكومة الاميركية ان تمنح من جانبها عقوداً لعمليات إعادة الإعمار كما حدث مع شركة هاليبيرتون، التي كان يرأسها نائب الرئيس الاميركي الحالي ديك تشيني، اذ أثار عقد حصلت عليه الشركة لتنفيذ مشاريع في العراق جدلا واسعا.

رفض مجلس الشيوخ ايضا اقتراحا من جانب الحزب الديمقراطي بنقل إدارة عمليات إعادة تعمير العراق من وزارة الدفاع (البنتاغون) الى وزار الخارجية، اذ ينظر مراقبون ان مقترح الحزب الديمقراطي يعكس مدى الإحباط ازاء تعامل البنتاغون مع هذه المهمة، بيد ان مجلس الشيوخ رفض بقوة هذا المقترح بـ65 صوتا مقابل 42 صوتا. وعلى الرغم من المقترح الخاص برفع معدل الضرائب على الاميركيين الاكثر دخلا قد هزم بسهولة داخل المجلس، فإن مجرد تبني النواب الديمقراطيين لهذا المقترح يعتبر مؤشرا على اعتزامهم المناشدة بإلغاء إجراءات خفض الضرائب التي نفذت تحت ظل الإدارة الحالية للرئيس بوش، اذ ظل الديمقراطيون محجمين عن مناشدة ادارة بوش التراجع عن خفض الضرائب خوفا من ان يعيد ذلك الى الاذهان صورة الحزب الديمقراطي كحزب يعتمد على فرض ضرائب كبيرة.

وفي ظل التوقعات التي تشير الى احتمال وصول العجز في الميزانية الاميركية الى مبلغ 500 مليار دولار في العام المقبل وسط تزايد الإنفاق الحربي في العراق، ناشد المزيد من الديمقراطيين الإدارة بإلغاء كلياً او جزئياً لتخفيضات الضرائب التي طبقتها ادارة بوش. فقد قال السيناتور جون كيري، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي وواحد من الذين طرحوا رفع نسبة الضرائب، ان الولايات المتحدة يجب الا تتخلى عن مهمتها في العراق. وأضاف كيري، وهو واحد من مرشحي الحزب الديمقراطي للسباق الرئاسي المرتقب، مؤكدا على اهمية التضحية المشتركة في كل ما تنفقه الولايات المتحدة في العراق.

الجمهوريون من جانبهم قالوا ان الإجراء المقترح برفع نسبة الضرائب ربما يعود بنتائج عكسية خصوصا في ظل الجهود المضنية لتحقيق انتعاش في الاقتصاد الاميركي. وصوت نائب واحد فقط من الحزب الجمهوري هو لينكن تشاف، الى جانب الاقتراح الديمقراطي بإلغاء خفض الضرائب الذي قررته الادارة الحالية. يشار الى ان مقترح رفع معدل الضرائب، الذي طرحه النائبان كيري وجوزيف بيدين، ربما يؤدي الى توفير مبلغ الـ87 مليار دولار، الذي طالب به الرئيس بوش، على مدى ست سنوات، وسيؤثر فقط على الاشخاص الذين يصل دخلهم او يزيد على 950, 311 دولاراً، وأكد كل منهما على أن دافعي الضرائب هم الاكثر استعدادا للمساهمة في نفقات الحرب بدلا عن زيادة العجز في الميزانية وما يترتب على ذلك من نتائج على الأجيال المقبلة. اما فيما يتعلق بالتعديل الخاص بالمنافسة للحصول على عقود إعادة إعمار العراق، الذي حاز تأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فقد تقرر ان تمنح العقود للشركات على أساس المنافسة إلا اذا ابلغ الكونغرس بالأسباب الداعية لمنح عقد الى شركة محددة. وكان الديمقراطيون قد شكوا من ان عقودا مغرية قد منحت لشركات لها صلات وثيقة بالإدارة الاميركية لتنفيذ مشاريع في العراق يمكن تنفيذها بتكاليف اقل. تجدر الإشارة الى ان مجلس الشيوخ قد رفض مقترحا بنقل إدارة إعادة إعمار العراق من البنتاغون الى وزارة الخارجية، رغم تعاطف بعض الجمهوريين مع المقترح. وكان السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي قد طرح المقترح بعد ان حمل البنتاغون مسؤولية استمرار حالة عد الاستقرار في العراق خلال مرحلة ما بعد الحرب. وقال ليهي في هذا السياق: «لم يكن لدى البنتاغون خطة لمرحلة ما بعد الحرب في العراق، كما انه اخطأ حسابات هامة وزج بالجنود الاميركيين في موضع لا يمكن الدافع عنه». وقال ليهي ان المسؤولين والعاملين المدنيين بوزارة الخارجية مؤهلون بصورة افضل مقارنة بالعسكريين بتولي مهمة إعادة بناء العراق.

إلا ان الادارة الاميركية، بما في ذلك وزارة الخارجية، عارضت بقوة نقل ادارة عمليات إعادة الإعمار من البنتاغون، فقد قال السيناتور الجمهوري جون وورنر، رئيس لجنة الخدمات المسلحة، ان نقل عمليات إعادة إعمار العراق من البنتاغون في هذا الوقت ربما يتسبب في التأثير سلبا على الزخم وما تم من انجازات. وأضاف وورنر قائلا انه ربما يأتي وقت يكون من المناسب فيه تسليم وزارة الخارجية الاميركية هذه المهمة في العراق بعد قيام الحكومة العراقية وانتفاء الحاجة الى القوات الاميركية في مهام حفظ السلام.

*خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»