قادة الجيش الإسرائيلي يطالبون شارون بأن يعطي فرصة لنجاح أبي علاء ويعترفون بخطئهم في التعامل مع حكومة أبي مازن والتسبب بفشلها

TT

بعد فترة من النقاش الداخلي في الجيش الاسرائيلي وبينه وبين قوى الامن المختلفة (اجهزة المخابرات العامة الداخلية «ساباك» والخارجية «الموساد») يبدو ان قادة الجيش حسموا امرهم وقرروا التوجه الى رئيس الوزراء، ارييل شارون، طالبين منه ان يسعى للتعاون مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، برئاسة احمد قريع (ابو علاء) واعطائها فرصة لاثبات قدراتها على تنفيذ الاصلاحات المالية والامنية ووقف اطلاق النار.

ويفترض ان يطرح ابو علاء حكومته المصغرة يوم الاربعاء المقبل اي بعد انتهاء احتفالات اليهود بيوم الغفران.

وكان ابو علاء قد اعلن عن استكمال التشكيل الحكومي غير انه تكتم على اسماء المشاركين في هذه الحكومة.

غير ان مصادر فلسطينية توقعت ان يحتفظ ابو علاء بالوزارات الرئيسية ومنها:

ـ الشؤون الخارجية ـ نبيل شعث ـ الداخلية ـ اللواء معشر يوسف ـ الاعلام ـ ياسر عبد ربه ـ الحكم المحلي ـ جمال شوبكي ـ المالية ـ سلام فياض ـ التعليم ـ نعيم ابو الحمص ـ الصحة ـ جواد العتيبي ـ الاقتصاد والتجارة ـ ماهر العدل ـ التخطيط ـ نبيل قسيس ـ الشؤون الاجتماعية ـ ام جهاد ـ الاسكان ـ ؟؟

وتحدثت اوساط في قيادة الجيش بأن رئيس الاركان موشيه يعلون، شخصيا يقود هذه الاتجاه للتفاهم مع أبي علاء. وهو على خلاف مع وزير الدفاع، شاؤول موفاز، من جهة ومع رئيس المخابرات العامة «الشاباك» آفي ديختر، اللذين يعتبران ابا علاء تابعا للرئيس ياسر عرفات.

بينما يرى يلعون الذي يعتمد على تقديرات قسم الاستخبارات العسكرية، ان ابا علاء سياسي محنك و«ثعلب وداهية» وان علاقته الحميمة مع عرفات مبنية على رؤيا سياسية حكيمة، كونه يعرف ان لا حياة لاية حكومة ولاي رئيس حكومة فلسطيني في هذه الظروف الا اذا تعامل بتفاهم كامل مع عرفات. ولهذا، وبسبب الخلاف بين يلعون وموفاز وديختر، يجب اللجوء الى شارون ليبت في الامر.

وبدأت هذه القوى في قيادة الجيش تقتنع بأنه ليس هذا كل ما تطلبه اسرائيل من القيادة الفلسطينية. فهناك معايير ومحاذير ينبغي اخذها بالاعتبار.

وتكلم مصدر امني كبير، امس، لصحيفة «معاريف» الاسرائيلية، في حديث سوف ينشر غدا، فقال ان قيادة الجيش الاسرائيلي تعترف اليوم بانها اخطأت في التعامل مع حكومة محمود عباس (ابو مازن): «العبرة التي نخرج بها من هذه التجربة هي اننا لم نقدم الدعم الكافي لحكومة ابي مازن. ففشلت. فنحن لم نعط الفلسطينيين تسهيلات جدية تجعله يظهر امام شعبه بانجازات حقيقية، تمكنه من فرض وقف اطلاق النار. واليوم يوجد لدينا الوعي لاهمية هذه التسهيلات. ولذلك نقترح التعامل مع حكومة ابي علاء بشكل آخر».

وحسب هذا المصدر، فان قادة الجيش سيقترحون على شارون اقرار خطة في الحكومة لدعم ابي علاء مبنية على ما يلي:

* لا تغيير المقاييس الصارمة التي وضعها الجيش الاسرائيلي لاطلاق سراح اسرى فلسطينيين، بحيث يتم تعديل مقياس «الملطخة ايديهم بالدماء» واخراج مئات الاسرى المسجلين في اطاره بغية اطلاق سراح كمية محترمة منهم في اول مناسبة.

* فتح كل الحواجز العسكرية داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يتمكن الفلسطينيون من التحرك بحرية في كل مكان داخل هذه المناطق ومن بلدة لاخرى. والابقاء على الحواجز الشديدة فقط في الحدود، ما بين الضفة الغربية واسرائيل او قطاع غزة واسرائيل.

* زيادة عدد العمال والتجار الفلسطينيين الحاصلين على تصاريح عمل ودخول لاسرائيل.

ويشترط قادة الجيش لهذه الاجراءات بالطبع، وقف اطلاق النار تماما من الطرف الفسطيني، بما في ذلك اطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات اليهودية.

وذكرت مصادر مطلعة في الطرفين ان هذا الموقف في قيادة الجيش لم ينشأ صدفة. وان هناك اتصالات هادئة تتم بين الجيش وبين انصار ابي علاء. وان ابا علاء طمأن الاسرائيليين بانه معني بالتركيز على العلاقات المباشرة بين اسرائيل وفلسطين، اكثر من الاعتماد على الوساطات الاجنبية. وانه قادر على فرض وقف اطلاق نار حقيقي بالتفاهم مع التنظيمات الفلسطينية العسكرية، وقد اوضح لهذه التنظيمات انه يعمل بتنسيق كامل مع الرئيس عرفات. وان عليهم ان يقبلوا هذا الوقف لانه لم يعد مفر من وقف النار واللجوء الى الحوار من اجل تحصيل الحقوق الفلسطينية ومنع ضياعها.

اما ديختر، فانه يرفض تحليلات الجيش. ويقول ان ابا علاء هو (برغي) في الماكينة الضخمة التي يديرها عرفات. وانه لا يثق بأن هناك من هو معني بوقف اطلاق النار في «حماس» او «الجهاد الاسلامي» او حتى في تنظيم «فتح». ويرى ان الفلسطينيين يعدون لسلسلة عمليات تفجيرية داخل اسرائيل.

وسيسمح في هذا النقاش رئيس الوزراء الذي ينتظر ليرى التشكيلة النهائية لحكومة ابي علاء. وفي هذه الاثناء، تعمل اسرائيل في مواجهة اي احتمال للانفجار، بواسطة الاجراءات الرادعة. فقد اغلقت بعد ظهر امس المعابر بين الضفة الغربية وقطاع غزة من جهة وبين اسرائيل من جهة اخرى.

وقررت منع الفلسطينيين من الوصول اليها حتى فجر يوم الثلاثاء المقبل، اي حتى انتهاء الاعياد اليهودية، وذلك خوفا من خروجهم الى عمليات تنغص طقوس هذه الاعياد.