مسؤولون أميركيون: واشنطن مارست ضغوطا على الجلبي مطالبة إياه بالكف عن «إحراج» الرئيس بوش

TT

قال مسؤولون اميركيون بارزون ان الولايات المتحدة بذلت خلال الاسبوعين الاخيرين جهودا جدية للسيطرة على رئيس المؤتمر الوطني العراقي وعضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق، مطالبة إياه بالكف عن إحراج الرئيس جورج بوش من خلال مناشدته بتسليم السلطة للعراقيين. كما ان مسؤولين في إدارة الرئيس بوش باتوا يشككون في مصداقية الجلبي وأصبحوا يشعرون بقلق متزايد ازاء مواقفه تجاه مستقبل العراق. فقد عقدت مستشارة الرئيس جورج بوش لشؤون الامن القومي، كوندوليزا رايس، اجتماعا مع الجلبي واثنين من اعضاء مجلس الحكم العراقي الاسبوع الماضي في نيويورك. وذكرت مصادر ان رايس التقت الاعضاء الثلاثة مجددا الثلاثاء الماضي بواشنطن بشأن تصريحات طالبت في الآونة الاخيرة بتسليم العراقيين قدرا اكبر من السلطات والسيطرة على السلطة السياسية وعمليات إعادة الاعمار. ونقل عن هذه المصادر قولها ان كوندوليزا رايس تلقت تعليمات لإبلاغ الجلبي بأن يحسن التصرف. كما صرح مسؤول اميركي مطلع بأن مستشارة الامن القومي شددت خلال حديثها مع الجلبي على «ان تعبير العراقيين عن مواقف تثير حرجا شخصيا للرئيس بوش، يعتبر امرا غير مفيد خصوصا وان بوش يعد اقوى المؤيدين لإيجاد نظام حكم جديد في بغداد». وتأتي الضغوط الاميركية في وقت بات يظهر فيه الجلبي في المسرح العالمي على نحو متزايد بوصفه وجها يمثل العراق الجديد. جدير بالذكر ان الجلبي، الذي لم يعش في العراق منذ عام 1958، ظل يمثل الخيار السياسي الافضل لدى ادارة بوش، فيما حظي ايضا بتأييد قادة وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) لقيادة العراق خلال فترة ما بعد الحرب. وكان الجلبي قد نقل جوا الى جنوب العراق مطلع ابريل (نيسان) الماضي وجرى اختياره عضوا في مجلس الحكم الانتقالي الذي تم تعيين اعضائه في يوليو (تموز) بعد اسابيع من المناقشات مع سلطة التحالف المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة. وقالت مصادر مطلعة في واشنطن ان مسؤولي «البنتاغون» انفسهم اقروا خلال اجتماع حاسم سبق حديث الرئيس الاميركي أمام الامم المتحدة في 23 سبتمبر(ايلول) الماضي بأن الجلبي قد تجاوز الحدود وبات يعرض الجهود الاميركية في العراق للخطر. فيما قال مسؤولون عرب واميركيون ان الرئيس جورج بوش قد اعرب عن غضب واضح وتحدث بلهجة متشددة حول الجلبي ومساعديه بسبب تصرفات ومواقف من شأنها ان تضعف جهود ومساعي الولايات المتحدة من اجل إعادة الاستقرار للعراقِ. يضاف الى ما سبق فان مسؤولا اميركيا رفيعا صرح بأن الحاكم المدني الاميركي للعراق، بول بريمر، قد بات يشعر ايضا بالإحباط ازاء الجلبي. وكان البيت الابيض قد اعرب عن غضبه تجاه موقف الجلبي ازاء مستقبل العراق بسبب تأييده مناشدة فرنسا بتسليم السلطة في العراق لحكومة عراقية انتقالية خلال فترة اسابيع فقط وإجراء انتخابات عامة في ديسمبر (كانون الاول) المقبل، وهو اقتراح وصفه وزير الخارجية الاميركي كولن باول بأنه «غير واقعي». فالإدارة الاميركية ترغب في ان يصيغ العراقيون دستورا جديدا للبلاد ينص بوضوح على الترتيبات ذات الصلة بالشراكة في السلطة بغرض تجنب أي احتكاك او نزاع بين الفصائل العرقية والدينية في العراق عند إعادة السيادة كاملة الى العراقيين. ويرى بعض المسؤولين الاميركيين ان مناشدات الجلبي بالنقل الفوري للمزيد من السلطات الى مجلس الحكم الانتقالي لا يعدو ان يكون محاولة منه للتأكيد على حصوله على اعلى مركز قيادي في المجلس. يشار الى ان وزارة الخارجية الاميركية ووكالة الاستخبارات المركزية قد عبرتا قبل فترة طويلة عن شكوك ازاء الجلبي بعضها يتعلق بمشاكل لها صلة بمسؤوليته عن الاموال التي قدمتها الولايات المتحدة كمساعدات لدعم المؤتمر الوطني العراقي الذي اسسه الجلبي نفسه وظل يسيطر على قيادته على مدى سنوات. كما ان الشعور بخيبة الامل تجاه الجلبي وسط جهات اخرى داخل الادارة الاميركية قد جاء خلال فترة ما بعد الحرب بعد ان ثبت ان المعلومات التي قدمها حول بعض الجوانب السياسية وجوانب اخرى ذات صلة بالاسلحة العراقية المحظورة كانت اما خاطئة او غير واقعية. وفي هذا السياق قال مسؤول في الادارة الاميركية ان الجلبي «يعاني من مشكلة مصداقية» وأن «عدم العثور على اسلحة الدمار الشامل لم يساعد في هذا الشأن». وقال مسؤولون اميركيون وعراقيون شاركوا في المناقشات التي دارت حول هذه القضية ان الجلبي تراجع بعض الشيء منذ اجتماعه مع كوندوليزا رايس ولم يعد يتحدث عن قضية سيادة العراق سواء كان ذلك في تصريحاته العامة او خلال الاجتماعات الرسمية، إلا ان مسؤولين اميركيين، وعلى وجه الخصوص بوزارة الخارجية، باتوا يشعرون بالقلق حول مدى استمرار موقفه ازاء مستقبل العراق. ويبدو ان الجلبي قد خطا خطوة رئيسية في تحقيق هدفه المتعلق بالطموح الشخصي باحتلاله مقعد ممثل العراق في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة الاخير. فالكلمات التي تلقى أمام الجمعية العامة يقدمها عادة اعلى مسؤول في الدولة، علما بأن الجلبي ليس رئيسا للعراق كما انه لم يعد يشغل منصب رئيس مجلس الحكم الانتقالي الذي يشغل بالتناوب الشهري، اذ ان فترة رئاسة الجلبي الدورية لهذا المجلس انتهت منذ 30 سبتمبر (ايلول) الماضي.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»