مبعوث السلام البريطاني إلى السودان: المفاوضات بين الخرطوم وحركة قرنق تستأنف الأسبوع المقبل بلا مراقبين

TT

أعرب مبعوث السلام البريطاني الى السودان آلان غولتي عن الامل بتوقيع اتفاق سلام شامل في السودان «في الربع الاول من العام المقبل». ونقل غولتي عن الجنرال الكيني لازوراس سيمبويو تأكيده أن الطرفين سيبدآن جولة مفاوضات جديدة في السادس من اكتوبر (تشرين الاول) الجاري، سيغيب عنها المراقبون الاجانب وينضم اليها رئيسا الوفدين في وقت لاحق على ان تُعلق مع بداية شهر رمضان المبارك. وقال الدبلوماسي البريطاني إن التوصل للتسوية النهائية يمثل جزءاً بسيطاً من الحل لأن الامتحان الحقيقي يتعلق بتطبيق الاتفاقات لئلا تبقى «حبراً على ورق كما يقول السودانيون». وأكد لـ«الشرق الاوسط» ان المعارضة الشمالية والجنوبية تتجه عموماً الى تأييد التسوية، والتركيز على الفترة التي ستتلو توقيع الاتفاق بدلاً من السعي للمشاركة في المفاوضات الراهنة. ولفت الى أن الاتفاقات الاخيرة لقيت الترحيب ضمن أوساط الحكومة من جهة وضمن الحركة الشعبية لتحرير السودان من ناحية أخرى. وذكر غولتي الذي كان يتحدث امس في لقاء مع عدد محدود من الصحافيين بمقر الخارجية البريطانية في لندن، أن الجنرال سيمبويو «اكد لي ان الطرفين سيجتمعان في السادس من اكتوبر من دون مراقبين (أجانب)»، وأن الاجندة ستقتصر على «ثلاثة موضوعات هي تقاسم السلطة وتقاسم الثروات والمناطق المهمشة الثلاث». واضاف ان نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق «سينضمان للمفاوضات في الخامس عشر من اكتوبر، إذ من المؤمل أن يكون الوفدان قد عالجا النقاط العادية بحلول ذلك التاريخ وآن الآوان لاتخاذ القرارت السياسية». وزاد، إن الجانبين متفقان على «تعليق المفاوضات طيلة شهر رمضان المبارك الذي يبدأ في الخامس والعشرين من اكتوبر»، على ان تُستأنف المباحثات في نوفمبر (تشرين الثاني). وقال «يمكننا أن نتطلع الى (توقيع) تسوية شاملة في الربع الاول من العام القادم».

واعتبر مبعوث السلام البريطاني ان الاتفاق نفسه لا يمثل سوى «حل 10 في المائة من التحديات» مشيراً الى ان النجاح الحقيقي يكمن في «تطبيق الاتفاقات» ومسائل في مقدمتها «انهاء حالة التعبئة العسكرية وإعادة الاعمار وإعادة التأهيل» ومعالجة قضية الديون الخارجية التي تبلغ 21 مليار دولار. وقال «انا أخطط حالياً بالتعاون مع البارونة فاليري آموس (وزيرة التنمية الدولية البريطانية) لتقديم المساعدات الفنية الممكنة لدعم عملية التطبيق ولمعالجة قضية الديون القديمة والتي نشأ بعضها عن قروض تعود الى عهد (الرئيس الاسبق جعفر) النميري (1969 ـ 1983)». ولفت الى ان هذه الخطط التي ينكب حالياً على وضعها تغطي «فترة 6 سنوات ونصف السنة وما بعدها لان من الطبيعي ان عملية التطبيق» وترسيخ السلام قد تستغرق وقتاً طويلاً. وأوضح أن 8 بريطانيين سيشاركون في «الهيئة المشتركة» التي ستكون قوة حفظ سلام في جبال النوبة، تضم ممثلين عن الحكومة والحركة الشعبية وجهات دولية.

وفي رد على سؤال لـ«الشرق الاوسط» قال غولتي إن «هناك ترحيباً عاماً في اوساط المعارضة بالجنوب والشمال بالاتفاقات». واضاف «إنني واظبت الاتصال بكل الاحزاب» منذ اختياره مبعوثاً للسلام، بهدف إقناعها بالنظر الى المفاوضات والاتفاق على التسوية كمحطة على طريق الحل. وزاد «لا يمكن للأحزاب كلها ان تحضر المفاوضات، ويجب ان تنظر الى الاتفاق الذي ستتمخض عنه على أنه سيفتح الباب أمام فرص جديدة» ينبغي استغلالها بمشاركة المعارضة لترسيخ السلام والنهوض بالبلاد. وتابع إن «الاتفاق لن ينهي المشاكل كلها، بل لعل العمل الفعلي سيبدأ بعد التوقيع».

وفي سياق شرحه للتقلبات التي مرت بها المفاوضات، خصوصاً خلال الجولة الاخيرة، روى مبعوث السلام البريطاني أن نائب الرئيس على عثمان طه «قال لي على الهاتف مرة إن لدينا في السودان مثل يقول يوم عسل ويوم بصل». ورأى غولتي ان المثل السوداني كان خير وصف لوضع المفاوضات وقتذاك، مؤكداً ان هذا التعثر لم يجعله يقطع الامل بإمكان التوصل الى حل. واوضح ان امله نبع من حقيقة أن «السودانيين تمكنوا من حل النزاع قبل ذلك بانفسهم (1971) ومع أن هذا الحل فشل فيما بعد، فمجرد نجاحهم في التوصل الى حل جعل نزاعهم مختلفاً عن نزاعات أخرى كقضية الشرق الاوسط مثلاً التي اشتغلت عليها طويلاًُ، وبعث الامل بالقدرة على تسوية هذا الخلاف القديم».

وإذ شدد على ان «الاتفاقات الامنية الاخيرة عادلة ومتوازنة بصورة مرضية للجميع»، أثنى على «تفهم ومساعدة دول الجوار». ونفى «ان تكون ضغوط خارجية قد مورست على الجانبين، بل إن الضغط كله عليهما اتى من السودان نفسه الذي تعب مواطنوه من الحرب وأكدوا رغبتهم في السلام». واعتذر عن عدم الرد على سؤال حول عزم الولايات المتحدة رفع اسم السودان من القائمة الاميركية للدول الراعية للإرهاب، معتبراً ان الاستفسار يجب أن يوجه للاميركيين انفسهم.