بوتفليقة وشيراك يبحثان ملفات عدة بينها الصحراء.. وباريس تنفي التوسط بين المغرب والجزائر

TT

فيما الوضع السياسي الداخلي في الجزائر يزداد تأزما مع تفاقم النزاع حول مؤتمر جبهة التحرير الوطني وعزم امينها العام علي بن فليس منافسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على منصب رئاسة الجمهورية، قام بوتفليقة بزيارة خاطفة امس الى باريس، استمرت ساعات ودشن خلالها برفقة نظيره الفرنسي جاك شيراك معرضين خاصين بالجزائر في معهد العالم العربي وعقدا جلسة مباحثات، في اطار غداء عمل في قصر الاليزيه شارك فيها وزيرا خارجية البلدين ووزيرا الثقافة والمستشارون الدبلوماسيون للرئيسين.

ومنذ الصباح الباكر اتخذت اجراءات امنية واسعة في محيط معهد العالم العربي، حيث انتشر رجال الشرطة بكثافة في الطرق والساحات المفضية الى المعهد وفتش المدعوون الى حضور تدشين المعرضين اللذين يحملان اسم «الارث الجزائري في الفن والتاريخ» و«الجزائر في لوحات الرسامين دولا كروا ورينوار».

وتأتي هذه التظاهرة في اطار «سنة الجزائر في فرنسا» التي «لاقت نجاحا باهرا» وفق ما قاله الرئيس شيراك الذي استقبل بوتفليقة في ساحة المعهد. وجاءت زيارة بوتفليقة الى باريس قبل اسبوع من زيارة الدولة التي سيبدأها شيراك الى المغرب، مما شكل فرصة لتبادل وجهات النظر حول ملف الصحراء الغربية عقب اجتماع القمة الذي جمع في نيويورك الاسبوع الماضي الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي الملك محمد السادس.

ولم يدل الرئيس الجزائري بأي تصريح رسمي لا في معهد العالم العربي ولا في قصر الاليزيه.

غير ان الناطقة الرئاسية كاترين كولونا التي قالت ان الرئيسين بحثا الوضع في الشرق الأوسط والعراق وايران، افادت كذلك انهما تناولا موضوع الصحراء الغربية وان الرئيس الجزائري «اطلع الرئيس شيراك عن انطباعاته عقب اجتماع نيويورك».

ونفت كولونا ان تكون باريس بصدد القيام بوساطة بين الجزائر والرباط لانهما «لا تحتاجان الى وسيط وهما تتكلمان من غير واسطة». كذلك نفت كولونا ان يكون الرئيسان تناولا الوضع الداخلي في الجزائر لان فرنسا «لا تتدخل في الشؤون الداخلية لاي بلد، مهما كان قريبا من فرنسا، وهذا يصح على الجزائر».

واكتفت الناطقة بجملة واحدة عن الوضع الداخلي الجزائري بقولها ان باريس «تتمنى مستقبلا اكثر صفاء للجزائر». اما بالنسبة لمسألة الصحراء، فاكدت ان «مواقف الاطراف معروفة»، مشيرة الى قرار مجلس الامن الاخير حولها الذي صوتت فرنسا لصالحه. غير ان كولونا حرصت على التنويه باصرار فرنسا على ادخال فقرة على نص القرار، الذي يتناول مقترحات ممثل الامين العام للامم المتحدة جيمس بيكر والتي فهمت على انها دعم للمغرب. ونصت هذه الفقرة على ان «كل حل لمسألة الصحراء يستلزم موافقة جميع الاطراف»، ومعلوم ان المغرب يرفض مقترحات بيكر رفضا قاطعا.

الا ان مصدرا فرنسيا رسميا قال لـ«الشرق الأوسط» ان «مقترحات بيكر هي قاعدة جيدة للحل»، مما يعني ان باريس تؤيدها، لكنها في الوقت عينه لا تريد ان يحشر المغرب بفرض هذه المقترحات عليه.

وقال وزير خارجية الجزائر عبد العزيز بلخادم لـ«الشرق الأوسط»، تعليقا على قمة نيويورك، انها ادت الى «اذابة الجليد في العلاقات الجزائرية ـ المغربية» وانها «قاعدة انطلاق» يمكن البناء عليها لتحسين هذه العلاقات. ووصف بلخادم لقاء نيويورك بانه «كان صريحا» وان الزعيمين اتفقا على «متابعته»، مشيرا الى زيارات وزارية متبادلة في الاسابيع والاشهر القادمة.

وافادت كولونا ان وجهات النظر بين شيراك وبوتفليقة بخصوص الملفات الدولية (الشرق الأوسط والعراق وايران) كانت «متقاربة» وان للبلدين «المشاغل نفسها ونفس التحليلات والرؤية».

ونقلت كولونا عن الرئيسين قولهما ان الوضع بين الفلسطينيين والاسرائيليين «موضع قلق».

وفي ما خص المناقشات الجارية في مجلس الامن الدولي حول العراق، قالت كولونا ان النص الاميركي الجديد «يتضمن القليل من التغييرات ذات المعنى لا بل انه لا يحمل تغييرات حقيقية بحيث ان فرنسا لا تجد صدى للمقترحات والتعديلات التي قدمتها بالتشارك مع الالمان والروس».