حياة تسعة من أحفاد صدام في 3 مدارس في العاصمة الأردنية

TT

عاد الاطفال العراقيون إلى المدارس في العراق قبل ايام، وقبلهم عاد أحفاد صدام حسين الى المدارس ولكن في بلد آخر هو الاردن. وبينهم حفيد يحمل اسم الرئيس المخلوع ويتوجه صباح كل يوم ما عدا الجمعة والاحد الى مدرسة بجوار العاصمة الاردنية عمان مع مئات التلاميذ الاخرين حيث يقيم منذ شهرين واسبوع.

وهناك أحفاد آخرون، للرئيس المخلوع ومجموعهم 4 بنات و5 فتيان يتلقون علومهم الابتدائية في 3 مدارس شهيرة في عمان.

ومن بين تلامذة المدارس بحثت «الشرق الأوسط» طوال يومين عمن يعرف الأحفاد أو يدرس معهم على الأقل، عملا بحكمة «خذوا أسرارهم من صغارهم» لعله يروي شيئا عن حياتهم اليومية وكيف يمضون النهار ويتصرفون خلال ساعات الدرس وماذا يقولون وبماذا يشعرون بعد أن دارت عليهم دوائر الحياة منذ سقوط نظام العراق قبل 8 أشهر، خصوصا أن اسم أحدهم كاسم جده الشهير تماما: صدام حسين المجيد، الا أن عمره 12 سنة، وبالكاد يعرف لماذا وكيف وأين حطت به الرحال؟

طبعا، يصعب العثور على تلميذ في مدرسة يتلقى فيها بعض أحفاد صدام دروسهم ليتحدث عنهم الى صحيفة، لأن أهله لا يرغبون بذلك في معظم الأوقات، كما حدث مع عائلتين تحدثت الىهما «الشرق الأوسط» أمس، أو لأنه تلميذ صغير بالسن، كمعظم أحفاد الرئيس المخلوع. لكن الصدفة تساعد أحيانا، وهي التي أتاحت عثور «الشرق الأوسط» على طالبة أردنية اسمها سالينا النجار، وهي ابنة مديرة «المدرسة الأهلية للبنات» التي تدرس فيها، وتقع في منطقة الدوار الأول بجبل عمان. في تلك المدرسة تتلقى 4 حفيدات للرئيس المخلوع علومهن في العاصمة الأردنية، وهن نبع، إبنة البنت الوسطى لصدام، رنا. ثم حرير ووهج وبنان، بنات رغد، 36 سنة، وهي ابنته الكبرى التي جاءت مع شقيقتها وأولادهما التسعة من دمشق في أول أغسطس (آب) الماضي للاقامة في عمان برعاية انسانية من العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، فروت سالينا، ما قد يعطي فكرة عن الحياة المدرسية للحفيدات بعض الشيء، فيما روى مقرّب من ابنتي صدام في عمان ما يلبي بعض الفضول عن بقية أحفاده الذكور وأين يدرسون وكيف يمضون الحياة «الانضباطية» الجديدة في مدارس البلاد التي فتحت لهم ذراعيها.

وكانت «الشرق الأوسط» اتصلت أولا بوالدة الطالبة سالينا، وهي هيفاء نجار، وهي لبنانية من عائلة حجار، ومن مصيف سوق الغرب المطل على بيروت، ومتزوجة من أردني من عائلة نجار، فقالت عبر الهاتف من مكتبها في المدرسة التي تعمل فيها منذ 20 سنة، إنها لا يمكن أن تتحدث عن أي طالبة في «المدرسة الأهلية للبنات» التي تأسست منذ 76 سنة «لأن سمعة المدرسة تلزمها بالحفاظ على طالباتها فلا حديث عنهن الا مع ذويهن فقط، ومهما كانت خلفية الطالبة وأصولها ومرتبتها ومن أين جاءت» وفق تعبيرها.

وشرحت السيدة هيفاء أن المدرسة، وهي الأقدم والأشهر في الأردن للبنات وأسسها «المجلس الكنسي للطائفة الانجيلية الأسقفية العربية» عام 1926 وتضم الآن ألفا و200 طالبة «لا تتصرف مع طالباتها، ومن ضمنهن الحفيدات الأربع، الا باحترام كبير. وبالنسبة لي فأنا أشعر أن كل طالبات المدرسة هن كبناتي تماما، لذلك لا أتحدث عنهن، لأن لا أحد يتحدث عن بناته مع الآخرين الا بما هو ضروري» كما قالت.

ورفضت أن تؤكد معلومات ألمت بها «الشرق الأوسط» من المقرّب من ابنتي الرئيس المخلوع في عمان، وفيها أن أحفاده التسعة يصلون الى مدارسهم برفقة حرس مدربين وبسيارات شبه رسمية، خصوصا الحفيدات الأربع، فهن يصلن صباح كل يوم بسيارة الى باب المدرسة برفقة 4 حارسات مدربات، برغم أن المدرسة توفر وسيلة نقل لطالباتها بالباصات، كما عند مدخلها قسم يضم 6 موظفين للحماية والاستقبال، لكن السيدة هيفاء قالت: «في الحقيقة أنا لا أعرف شيئا عن هذا الموضوع، لأن ما يهمنا هو الطالبة وهي ضمن أسوار المدرسة، لا خارجها ولا كيف تصل اليها».

ووصفت حفيدات الرئيس المخلوع بأنهن «في منتهى الأدب والأخلاق، ولا بد أنهن تلقين تربية عائلية عالية جدا حين كن في العراق، ونعم هذه التربية. وأنا على ثقة بأنهن يتلقين هذه التربية نفسها مع والدتيهن هنا في الأردن أيضا، لذلك فهن الآن بناتنا، ومدرستنا فخورة بهن وبكل طالبة فيها، وأنا أتوقع لهن دراسة جيدة» على حد تعبيرها.

وقالت المديرة، التي تذكر أنها كانت ترغب دائما أن تصبح صحافية ولم «يحالفها» الحظ، إن الصفوف الدراسية للحفيدات، ومن بينها ارتيادهن لمركز يضم 16 كومبيوتر، وآخر للدراسة الثانوية يضم ضعف هذا العدد من الكومبيوترات «قد تكون غير مناسبة لأعمارهن، والسبب هو الظروف التي مررن بها هذا العام بشكل خاص»، مشيرة بذلك الى أنهن في صفوف يرتادها عادة الأصغر منهن سنا.

وشرحت أن حرير، ابنة رغد، هي في الصف الحادي عشر، بينما شقيقتاها بنان ووهج، هما مع نبع (ابنة رنا، 36 سنة) في صف واحد، هو التاسع. وذكرت أنها اجتمعت الى الحفيدات الطالبات «كاجتماعي الى أي طالبة أخرى في المدرسة، لكني لا يمكن أن أذكر عنهن شيئا، ولا عن مستواهن العلمي وأعمارهن وغير ذلك، لأن هذا شأن داخلي من شؤون المدرسة، ولا يحق الا لذويهم الاطلاع عليه» على حد قولها.

ثم تحدثت «الشرق الأوسط» الى ابنتها، الطالبة سالينا، وهي في آخر سنة ثانوية وتهيء لتدرس العام المقبل في الجامعة، فقالت إنها لا ترى حفيدات صدام في الملعب وسواه إلا نادرا «فعمري 17 سنة، وهن أصغر مني بكثير، ويدرسن في صفوف ابتدائية.. أراهن أحيانا هنا وهناك وبشكل سريع، ولا أهتم»، وفق تعبيرها عبر هاتف البيت بعمان.

وتقول سالينا إن الطالبات يرتدين الثياب المدرسية نفسها في «الأهلية للبنات» البالغ قسطها السنوي حوالي 5 آلاف دولار كمعدل «أي قميص أبيض وسروال بني». وشرحت أنهن لا يتناولن طعام الغداء في المدرسة، مع أن دوامها ينتهي في الثالثة بعد الظهر «الا اذا أحضرت الطالبة طعامها معها. ولكن يمكنها أن تتناول سندويتش ، تشتريه مع مرطبات من دكان المدرسة لتسد حاجتها حتى تعود للبيت، كما أفعل أنا مثلا».

وامتدحت سالينا «المدرسة الأهلية للبنات» بصفوف من الحضانة حتى الثانوية، وقالت إنها تحتوي على مكتبة تضم 20 ألفا و167 كتابا بالانجليزية والعربية، و انها من الأفضل للاناث بالمملكة «ويصعب أن تتم احدى الطالبات دروسها الثانوية فيها، لتمضي من بعدها للجامعة، من دون أن تكون قد أتقنت الانجليزية تماما، ومعها بقية المواد» بحسب قولها.

وشرحت أن معظم المدرسات والمدرسين هم أردنيون «ولكن هناك معلما أو معلمة من خارج الأردن طبعا، لكن الجميع تقريبا من الأردن، وهم محترفون». وذكرت أن معدل الطالبات في الصف الواحد هو 30 طالبة على الأكثر، وأن المدرسة لا تعاقب أحدا بالضرب أو بما يؤذي، «مع أن هناك عقوبات بسيطة اذا ما أخلت احداهن بالنظام العام، كأن تتأخر عن الحضور مثلا، وهي عقوبات مدروسة بعناية»، مؤكدة أن الخلافات بين الطالبات نادرة «فالكل يهتم بالدراسة فقط، والمدرسة لهذا السبب رائعة. ونحن لا نتحدث داخلها عن فلان أو فلان، ولا نأتي بالحديث عن حفيدات صدام، فهن كغيرهن من الطالبات».

والمدرسة الأهلية للبنات، ليست للبنات تماما الا في مراحلها الابتدائية والثانوية، المنتهية عادة بحصول الطالبة على شهادة بكالوريا دولية تؤهلها حتى للالتحاق بجامعات في الخارج. أما في مرحلة الحضانة فهي مختلطة، وكان العاهل الأردني الراحل، الملك حسين، من طلابها حين كان عمره 4 سنوات عام 1939 ضمن مرحلتي الحضانة والتمهيدي. كما تلقت فيها شقيقته الأميرة بسمة دروسها أيضا، وكذلك ابنتها الأميرة فرح، الى جانب الأميرة عالية الحسين، ومعها الأميرة عالية الفيصل، وغيرهن كثيرات من الشهيرات على كل صعيد في الأردن ماضيا وحاضرا.

أما المقرّب من ابنتي الرئيس العراقي المخلوع في عمان فيذكر أن سيارة «بي.ام.دبليو» ألمانية الصنع وفضية اللون مزودة بزجاج للشبابيك أسود يحجب الرؤية، تقل كل صباح 4 أحفاد لصدام، بينهم نجلا ابنته الكبرى، رغد، أي علي وصدام، فيما الآخران هما أحمد وسعد، نجلا ابنته رنا، ويرافقهم حرس مدربون تقلهم 3 سيارات تنطلق بهم صباحا من مرآب فيللا بيضاء مؤلفة من 3 طوابق، وكانت سابقا للعاهل الأردني الراحل، الملك حسين، فيمضي الجميع الى «مدرسة الشويفات الدولية» الواقعة بشارع المطار قرب نادي للغولف ومتنزه غمدان، خارج العاصمة الأردنية، حيث يتلقون علومهم الابتدائية في المدرسة التي يبلغ قسطها السنوي 5 آلاف و500 دولار كمعدل، بينما يدرس حفيد آخر لصدام، هو حسين (ابن رنا) في مدرسة ثانية للذكور داخل عمان، ولم يعد المقرّب من ابنتي الرئيس المخلوع يذكر اسمها تماما «لكنه يذهب اليها وبرفقته حراس أيضا» كما قال.

وتعتبر «كلية الشويفات العالمية» من أشهر المدارس للطلاب الذكور في الأردن، وهي أميركية لها فروع في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأجنبية والعربية، كلبنان ومصر وقطر وسورية والامارات، وتلقى فيها معظم الأردنيين من المشاهير علومهم «وسيكون بامكان أحفاد الرئيس السابق التعلم بشكل جيد فيها، وأفضل مما في العراق سابقا» وفق تعبيره.

وقال المقرّب إنه في احدى المرات، وكان ذلك قبل أسبوعين، تقدم الطالب صدام من معلمته وطلب أن تسمح له بالخروج ليرى شقيقه الذي كان قد خرج قبله من الصف بدقائق «ولما لم تسمح له، نظر اليها ورآها تكلم شخصا آخر، فاغتنمها فرصة وأسرع الى الباب وفتحه.. ثم ركض واختفى».