باول: إسرائيل لم تقدم لنا حلولا مقنعة بشأن الجدار الأمني

وزير الخارجية الأميركي يؤكد أن مهلة الـ 6 أشهر لصياغة دستور عراقي جديد «ممكنة»

TT

صرح وزير الخارجية الاميركي كولن باول بأن محاولة اسرائيل الرامية الى تهدئة انتقادات الولايات المتحدة بترك ثغرات في مشروع الجدار الفاصل الذي يمتد الى داخل الاراضي الفلسطينية ليست كافية. كما كشف ايضا عن ان مسؤولين اميركيين يجرون في الوقت الراهن «نقاشا مكثفا» حول الرد المحتمل. يشار الى ان الحكومة الاسرائيلية كانت قد صادقت هذه الاسبوع على استمرار العمل في المشروع الذي يهدف الى عزل الفلسطينيين خارج اسرائيل في عدد من المناطق في عمق الضفة الغربية. وأكد باول ان الثغرات التي تحدث عنها الجانب الاسرائيلي لا تعتبر حلا مقنعا بالنسبة له، مؤكدا ان الامر المهم هو استخدام هذه الثغرات مستقبلا. واضاف باول انه التقى الرئيس جورج بوش الخميس الماضي وناقشا مطولا الوضع في الشرق الاوسط وذلك في اعقاب اجتماع بين مسؤولين اميركيين بارزين مكلفين بوضع سياسة الولايات المتحدة ازاء الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. وقال باول عقب اللقاء انه لم يتم التوصل بعد الى ما يجب ان تتخذه الولايات المتحدة من خطوات تجاه هذه المسألة، لكنه اشار الى أن المسؤولين «فحصوا الجدار الفاصل والاتجاه الذي يسير فيه وسير العمل فيه والمستوطنات والتزامات الولايات المتحدة بموجب القانون في ما يتعلق بهذه القضايا». ويعتقد مراقبون ان تعليقات باول حول مشروع الجدار الفاصل الاسرائيلي تعتبر ذات اهمية كبيرة، اذ ان اسرائيل ارسلت وفدا الى واشنطن في الآونة الاخيرة لمناقشة الخطة الخاصة بضم فتحات للجدار الفاصل، وقال مسؤولون اسرائيليون ان الفكرة وجدت قبولا من جانب الادارة الاميركية. وقال مسؤولون اسرائيليون ان الغرض من تشييد الجدار الفاصل هو وقف الانتحاريين الفلسطينيين من دخول اسرائيل، فيما يرى الفلسطينيون ان تشييد الجدار يعتبر مصادرة غير مشروعة لاراضيهم. ويتكون المشروع من مجمع قنوات بعرض 60 ياردة وجدار ارتفاعه 25 قدما الى جانب اجهزة استشعار الكترونية.

وقال باول، شارحا وجهة النظر التي نقلتها الادارة الى الاسرائيليين «لقد اوضحنا ان الجدار مشكلة. اذا اردت اقامة جدار على حدود معترف بها، الخط الاخضر (الذي يفصل بين اسرائيل والضفة الغربية قبل 1967)، فلتضع جدارا في الجانب الخاص بك. ولكن كلما توغلت إسرائيل في المناطق الفلسطينية بدت وكأنها توغل حول قطاعات كبيرة من الاراضي الفلسطينية وهو ما يؤثر على المفاوضات المستقبلية حول شكل الدولة الفلسطينية، وهذه مشكلة». ومن بين القضايا التي يبحثها المسؤولون الاميركيون ما اذا كان تكلفة البناء المرتبطة بالجدار يمكن خصمها من ضمانات قروض قيمتها 8 مليارات دولار لاسرائيل. وكان المسؤولون الاميركيون قد اشاروا الى انهم ينوون خصم ما يعتقدون انه ما انفقته اسرائيل على المستوطنات في المناطق الفلسطينية، كما ينص القانون.

من ناحية ثانية، قال باول خلال مقابلة في مكتبه بالدور السابع في قاعة المؤتمرات بوزارة الخارجية ان ادارة الرئيس بوش ستضغط على مجلس الحكم الانتقالي العراقي من اجل صياغة دستور للبلاد في اسرع وقت ممكن، كما اشار ايضا الى ان الولايات المتحدة اوشكت على استئناف حوار مع ايران، وكشف ايضا عن مبادرة جديدة لتوسيع التجارة في المنتجات الحساسة التي تستخدم تكنولوجيا متقدمة والتكنولوجيا الفضائية والنووية مع الهند. وقال باول ان الادارة الاميركية تعتزم دفع العراقيين الى صياغة دستور يسبق إجراء الانتخابات العامة في العراق وإعادة السلطة إلى العراق الى العراقيين. وحول الفترة الزمنية لصياغة الدستور العراقي المرتقب قال باول ان فترة الستة أشهر التي اشار اليها الاسبوع الماضي لا تعتبر بمثابة قرار نهائي حول الموعد النهائي لصياغة الدستور العراقي المرتقب، لكنه اعرب عن اعتقاده ان صياغة الدستور خلال هذه الفترة «هدف يمكن انجازه». وأوضح باول ان مشاورات ستجرى مع اعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي الذين قالوا ان الفترة الزمنية المحددة لصياغة الدستور غير كافية، لكنه اشار في نفس الوقت الى ان المسؤولين العراقيين اذا أبلغوا السلطات الاميركية بأن عملية صياغة الدستور ربما تستغرق عاما بكامله فإن الجانب الاميركي سيرفض ذلك، مؤكدا رغبة واشنطن في ان يتم إنجاز هذه المهمة قبل فترة عام. ويعتقد باول ان واشنطن ستواصل الضغط على الجانب العراقي لتسريع العمل في هذا الجانب، لأن الفراغ من صياغة الدستور في اسرع وقت ممكن يعني الإسراع في المصادقة عليه ومن ثم تحديد موعد لإجراء انتخابات عامة في العراق. وأوضح باول ان فكرة الستة أشهر لم تأت من فراغ وإنما طرحت خلال نقاش مع الحاكم المدني للعراق بول بريمر حول هذه المسألة. إلا ان الامين العام للامم المتحدة، كوفي أنان، عارض من جانبه التوقيت والخطط السياسية الاميركية. كما ابلغ أنان اعضاء المجلس اول من امس بضرورة تشكيل حكومة عراقية ذات تمثيل واسع في اسرع وقت ممكن تحت ظل الدستور. إلا ان باول وصف فكرة أنان بأنها «غير واقعية» لأن العراقيين ليسوا على استعداد لتولي سلطة بهذا الحجم. كما اوضح باول انه تحدث مع أنان ووزير الخارجية الفرنسي صباح اول من امس بغرض «فهم افضل لآرائهما» التي وصفها بأنها «مثيرة للاهتمام» و«صادرة عن نوايا حسنة». وقال باول ان ادارة بوش «ستنظر في كل هذه المسائل» خلال الايام المقبلة، لكنه اوضح ان السلطات الاميركية لا تفكر في تغيير سياساتها او تشكيلة مجلس الحكم العراقي. وبخصوص ايران اشار باول بشدة الى ان الادارة الأميركية تقترب من استئناف محادثات حساسة مع الجمهورية الاسلامية، ذات الحدود الطويلة مع العراق. وكان المسؤولون الاميركيون قد عقدوا سلسلة من اللقاءات السرية في جنيف مع الايرانيين قبل وبعد الحرب، ولكنهم اوقفوها فجأة بعد التفجيرات التي وقعت في مجمع سكني في السعودية في 12 مايو (أيار) الماضي. وقد اتهم المسؤولون الاميركيون ايران بأنها تؤدي نشطاء للقاعدة مسؤولين عن التفجيرات. وقد اشار المسؤولون الايرانيون مرارا الى أنهم يرغبون في استئناف المحادثات، وكان آخرها في الاسبوع الماضي، خلال حضور وزير الخارجية الايراني كمال خرازي لجلسات الجمعية العامة للامم المتحدة.

وأوضح باول «لقد تلقينا عدة اشارت من ايران ونحن نرد على تلك الإشارات».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»