تداعيات قضية تسريب اسم عميلة «سي.آي.ايه» تتسبب في كشف هوية شركة واجهة للاستخبارات

وزارة العدل تطلب من البيت الأبيض والخارجية والبنتاغون وثائق للتحقيق والديمقراطيون يطالبون بتحقيق مستقل

TT

كشفت قضية تسريب اسم عميلة وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.آي.ايه) الى الصحف عن هوية شركة واجهة للوكالة، الامر الذي يهدد بتوسيع تداعيات هذه القضية المثيرة للجدل اصلاً، حسبما افاد مسؤولون في ادارة الرئيس جورج بوش.

وقد اصبحت هوية شركة «بروستر جينينغز اند اسوشييتس» معروفة علناً بعد ان ظهرت في سجلات اللجنة الفيدرالية للانتخابات، وذلك في وثيقة قدمت عام 1999 تظهر ان فاليري بليم، الضابطة المحورية في القضية، أسهمت بألف دولار لصالح آل غور خلال حملته التمهيدية للانتخابات الرئاسية.

وبعد ان بث اسم الشركة اول من امس، اكد المسؤولون في ادارة بوش ان الشركة كانت واجهة لوكالة الاستخبارات، وقالوا انها كانت جهة التوظيف الافتراضية لبليم في ما يخص وثائق دفع الضرائب عام 1999 في حين كانت في الواقع عميلة لوكالة «سي.آي.ايه».

يشار الى ان اسم بليم سرب الى الصحافة وكشف عنه لاول مرة يوم 14 يوليو (تموز) الماضي في افتتاحية صحافية كتبها روبرت نوفاك. وقد سببت القضية حرجاً متزايداً لادارة بوش لان العميلة هي زوجة الدبلوماسي السابق جوزيف ويلسون الذي حرر تقريرا نفى فيه تأكيدات البيت الابيض المتعلقة بمحاولة العراق شراء يورانيوم من النيجر.

وقد بدأت وزارة العدل الاميركية في 27 سبتمبر (ايلول) الماضي تحقيقاً رسمياً في تسريب اسم العميلة للصحافة. واكد المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان الليلة قبل الماضية ان وزارة العدل طلبت الخميس الماضي من البيت الابيض «وثائق محددة» في اطار التحقيق، دون ان يكشف طبيعة الوثائق. وكان البيت الابيض اعلن الثلاثاء الماضي ان وزارة العدل ابلغته في رسالة اولى فتح تحقيق رسمي، موضحا انه امر موظفيه بتقديم كل الوثائق الضرورية للتحقيق.

وقال المتحدث ماكليلان ان «الرئيس طلب من الجميع التعاون بشكل كامل مع وزارة العدل ونريد ان ننتهي من هذه القضية في اسرع وقت ممكن». ويريد البيت الابيض اقناع الرأي العام بانه ليس الجهة التي انتهكت القانون بكشفها اسم عميلة للاستخبارات. وقد اكد الصحافي نوفاك انه حصل على معلوماته من «مسؤولين كبيرين في الادارة». ويؤكد السفير السابق ويلسون ان كارل روف المستشار السياسي الخاص لبوش هو الذي «وافق» على الاقل على تسريب اسم العميلة ليضر بالدبلوماسي السابق.

ولمح المتحدث الرئاسي الى ان التحقيق في هذه القضية لا يقتصر على البيت الابيض بل يشمل هيئات حكومية اخرى اتصلت بها وزارة العدل. وقال «لا اعرف ماذا طلب من الوكالات والوزارات الاخرى» في الادارة الاميركية. وبالفعل، اكدت وزارتا الخارجية والدفاع ان وزارة العدل طلبت منهما ايضا تسليمها وثائق تتعلق بالتحقيق.

وتثير هذه القضية التي بدأت منذ اسبوع جدلا متزايدا وتسبب ارباكا لادارة الرئيس بوش التي تواجه وضعا صعبا في العراق. وتدعو المعارضة الديمقراطية الى تعيين مدع مستقل لاجراء تحقيق في هذه القضية، معتبرة ان تولي وزارة العدل الامر قد يؤدي الى «تضارب في المصالح». واوضح البيت الابيض ان التحقيق سيجريه موظفون محترفون في وزارة العدل وليس شخصيات تعينها السلطات السياسية، بدون ان يرفض بشكل قاطع اجراء تحقيق مستقل.

ويعتبر جوزيف ويلسون الذي يشكل محور التحقيق خبيراً في الشؤون الافريقية وكانت الادارة ارسلته بصفته هذه الى النيجر العام الماضي للتحقيق في محاولات اتهم العراق بها لشراء يورانيوم.

وويلسون، 53 سنة، كان قائما باعمال الولايات المتحدة في بغداد من 1988 الى 1991، عند اندلاع «عاصفة الصحراء»، وكان بذلك آخر دبلوماسي اميركي التقى صدام حسين قبل بدء تلك العملية. ومنذ 1998، انسحب ويلسون من الهيئة الدبلوماسية ليرأس شركة للاستشارات في التنمية الدولية.

وافادت صحيفة «واشنطن بوست» بعيد بروز القضية ان ويلسون لا يشعر بالقلق من هذه العاصفة الاعلامية ويفكر في الفيلم الذي يمكن انتاجه من هذه المسألة التي يتهم فيها البيت الابيض بتسريب اسم زوجته الى الصحافة. وقال للصحيفة الاربعاء «كنا نفكر اليوم باسم الممثلة التي يمكن ان تلعب دور زوجتي في الفيلم». ولم يوفر ويلسون خلال الحرب على العراق، انتقاداته، اذ قال مرة: «لم تعد حرب تحرير. لقد وجهنا اهانة خطيرة الى العالم الاسلامي بهذه الحرب».

بدأ ويلسون عمله في وزارة الخارجية الاميركية عام 1976 وارسل للعمل في مواقع دبلوماسية في العديد من الدول الافريقية. وهو معروف بعلاقته القوية مع الديمقراطيين، اذ كان عمل في منتصف الثمانينات مع نائب الرئيس السابق آل غور الذي كان عضوا في مجلس الشيوخ. وبعد عشرة اعوام في عهد الرئيس بيل كلينتون اصبح مسؤولاً عن الشؤون الافريقية في مجلس الامن القومي الاميركي من 1997 الى 1998، وفي منصبه هذا قام بتنسيق السياسة الاميركية في الدول الافريقية جنوب الصحراء.

وافادت تقارير انه يعتزم تقديم دعمه لعضو مجلس الشيوخ عن ماساتشوسيتس جون كيري احد المرشحين العشرة لانتخابات الحزب الديمقراطي لاختيار مرشح الحزب الى الاقتراع الرئاسي.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»