الضباط الأميركيون يقرون: إطالة الوجود في العراق يسبب توترا نفسيا للجنود

TT

الموصل (العراق) ـ أ.ف.ب: دفع طول فترة مكوث القوات الاميركية في العراق والهجمات المتكررة التي تتعرض لها، بالجيش الاميركي الى التركيز على الضغط النفسي الذي يتعرض له الجنود والتفكير في سبل للترفيه عنهم وتخفيف ما يتعرضون له من ضغوط يتسبب بها وجودهم في مناطق القتال. وقال الميجور بلين ريفز قائد الكتيبة الاولى من اللواء المجوقل 101 في مناطق الصحراء شمال العراق «لم نفكر في ذلك في الاشهر الستة الاولى»، الا ان قرار واشنطن تمديد فترة وجود الجنود في العراق من ستة اشهر الى عام دفعت بالجيش الاميركي الى وضع برامج لتخفيف الاجهاد والضغط النفسي على المدى البعيد.

وتتضمن برامج «الترفيه والاستجمام» اجازات لمدة اسبوعين يقضيها الجنود في وطنهم وفترات راحة اطول في قواعدهم. كما ينوي الجيش الاميركي بناء منشآت مزودة بسبل الترفيه الحديثة مثل اجهزة التلفزيون والانترنت وصالات عرض الافلام والنوادي، واذا امكن، برك السباحة في القواعد. ويبدو ان مكافحة الضغوط النفسية بين صفوف الجنود الاميركيين سيكون امرا مهما في جهود واشنطن وكبار قادة الجيش للحفاظ على معنويات الجيش الاميركي. وقال العامل الطبي السيرجنت جون ثيبودو ان كل جندي يعمل في العراق سيتعرض لنوبة من الضغط النفسي في مرحلة من المراحل ويزيد من ذلك اسلوب الحرب التي يشنها (المعادون) للوجود الاميركي في العراق. واضاف ان التعامل مع غزو العراق كان اسهل لانه كان يسير حسب مهام معينة تتوافق مع توقعات الجنود لما سيواجهونه في الميدان. ولكن الجنود في العراق يواجهون كمائن «وعبوات ناسفة مصنعة يدويا» وقنابل مزروعة على الطرقات وافخاخاً ملغومة تسبب التوتر للجنود. واوضح «اذا ما قررت واشنطن اطالة فترة وجودنا في العراق ستة اشهر اخرى فان ذلك سيسبب التوتر للجميع». ومن بين اعراض الضغط النفسي التي يتعرض لها الجنود نتيجة وجودهم في منطقة قتال الانفجارات المفاجئة، التوتر والتقيؤ والاصابة بنوبات الفزع والقلق. ولخص ثيبودو تلك الاعراض «بالنظرة الشاردة التي تراها في عيون بعض الرجال». واضاف ان الحالات الطفيفة من الاصابة بهذه الاعراض هي الشائعة بين الجنود الا ان عددا قليلا منهم يصابون باعراض متوسطة الى حادة. ومما يزيد من اعراض الاصابة الطفيفة بالضغط النفسي الخوف مما قد يحدث مثل الموت او خشية القيام بشيء قد يتسبب في موت شخص او الخوف من قتل عدو.

وقال ريفز ان كل ذلك مضاف اليه العمل على مدار الساعة سبعة ايام في الاسبوع في اوضاع غير مريحة يجعل من الضروري تخصيص وقت للاسترخاء، الا ان هناك حالات بالغة من الاصابة بالضغط النفسي ربما تكون مأساوية وتنتج عادة عندما يتعرض الجنود الى تجارب قاسية حيث يتحمل الجندي الالم بسبب عملية قتل او مشاهدة امر لا يستطيع احتمال مشاهدته مرة اخرى. واشار ثيبودو الى انه من اجل تحمل ذلك فان العقل ينفصل عن الجسد «وفي بعض الحالات لم تسجل في العراق فقد جنود البصر او السمع دون ان يكون هناك اي خلل في البصر او السمع من الناحية الجسدية. واحيانا يفقدون الاحساس في بعض اعضائهم». واوضح «يسيطر اللاوعي على الانسان وينفصل الجسد عن الخوف الهائل الذي يمليه العقل». وفقد اللواء المجوقل 101 عشرة جنود في القتال كما اصيب اكثر من 120 من افراده منذ دخولهم الحدود الكويتية الى العراق في 25 مارس (اذار) الماضي. وقال ريفز انه يتم ارسال فريق خاص بالحالات الحرجة على الفور الى أية وحدة تفقد عددا من افرادها لتقديم الراحة النفسية لهم «وضمان الحديث عما حصل علنا وعدم احتباسه في النفس وان الوقت كفيل بمداواة الجراح ولكن من الصعب على الشخص ان ينسى». وفي اطار الجهود لمراقبة الضغوط النفسية التي يتسبب فيها وجود الجنود في منطقة قتال يقدم ثيبودو دروسا مدة كل منها ساعة حول كيفية التعامل مع الضغط النفسي الناجم عن القتال. ويقدم تلك الدروس مرتين في اليوم في قاعدة القيارة التي تضم اللواء المؤلف من 20 الف عسكري. وتوزع نشرات خاصة حول الانتحار بين الجنود ورجال الدين المعنيين، ويطلب من رجال الدين مراقبة حالة الجنود عن كثب. ويشير ثيبودو الى ان «التحمل العقلي هو مثل التحمل الجسدي وبعض الناس يستطيعون التحمل اكثر من البعض الاخر».