التقرير الأميركي عن الأسلحة العراقية يكشف مفارقة: رئيس كوريا الشمالية قبض من صدام 10 ملايين دولار ولم يزوده بالأسلحة المحظورة المطلوبة

TT

الاعتقاد الذي ظل سائدا لوقت طويل هو ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين شخص لا يمكن النصب عليه. ولكن ديكتاتور كوريا الشمالية كيم يونغ ايل نجح في النصب على صدام بمبلغ 10 ملايين دولار، حيث تسلم المبلغ من دون ان ينفذ العقد الذي كان يقضي بتهريب تكنولوجيا صواريخ بالستية وغيرها من المعدات العسكرية المحظورة للعراق قبل فترة قصيرة من الحرب.

وقال ديفيد كاي رئيس فريق التفتيش الاميركي عن اسلحة الدمار الشامل في العراق ليلة اول من امس ان «العراقيين قدموا لكوريا الشمالية 10 ملايين دولار. وفي اواخر عام 2002 سأل العراقيون الكوريين (اين المواد التي دفعنا ثمنها؟)». واضاف ان الكوريين الشماليين قالوا «نحن آسفون هناك الكثير من التركيز الاميركي علينا ولا نستطيع تسليم المواد».

وأكد كاي ان العراقيين طالبوا باعادة المبلغ لهم. واشار الى انه حتى تاريخ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في 19 مارس (اذار) الماضي كان الكوريون الشماليون يرفضون اعادة العشرة ملايين دولار. واضاف «انه درس في التفاوض مع الكوريين الشماليين». واوضح ان صدام حسين حاول عدة مرات استعادة المبلغ.

وذكر كاي ان محققيه اكتشفوا ان نظام صدام تفاوض ووقع على عقد مع بيونغ يانغ في اواخر 1999 ودفع مبلغ 10 ملايين دولار لكي يشتري سرا تقنيات صواريخ نودونغ، بالاضافة الى معدات عسكرية محظورة انتهاكا للحظر الذي فرضته الامم المتحدة.

وتعتبر هذه الحالة من عدم الاحترام المتبادل بين الطغاة اول الادلة المادية على ان العراق وكوريا الشمالية كانا يجريان مباشرة نشاطات سرية فيما يعتبر انتهاكا للحظر الذي فرضته الامم المتحدة.

واوضح كاي ان هذه القضية هي واحدة من عدة مشاريع عراقية لشراء الاسلحة التي كشف عنها المحققون الاميركيون منذ بدأوا في البحث في العراق، في اوائل الصيف الماضي، عن ادلة عن اسلحة الدمار الشامل.

وقال كاي انه يجري التحقيق في مشاركة عدة دول بما فيها البعض في اوروبا، بالاضافة الى شركات وافراد، لكنه رفض ذكر اي اسماء الا ان مدى اهمية مثل هذه الاتفاقات، امر مفتوح للنقاش.

واصر كاي في حديث مع الصحافيين عبر اتصال هاتفي جماعي نظمته وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية انه كشف «عن عدد كبير من الادلة» ـ يتراوح بين مشاريع تهريب الى مختبرات خفية ـ اخفاها العراق عن مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة. واضاف انه لو علم مجلس الامن بها خلال فصل الربيع الماضي «فأنا على ثقة ان ذلك كان سيثير ضجة».

وقال كاي ان المجموعة عثرت على اكبر المفاجآت في محاولات صدام غير المعروفة من قبل لتطوير وبناء صواريخ متوسطة وطويلة المدى قادرة على الطيران فيما وراء القيود التي فرضتها الامم المتحدة.

وذكر انه تم العثور على خطط وتصميمات متقدمة لثلاثة انواع مختلفة من الصواريخ القادرة على الطيران لمسافة 625 ميلا على الاقل وبالتالي قادرة على اصابة اهداف في تركيا ومصر ودبي. وقد نظم العراق ايضا برنامجا سريا عاجلا لزيادة مدى صواريخ سوفياتية قديمة من طراز سام - 2 وتطوير صواريخ كروز من طراز سيلكوورم لاستخدامها في الهجمات البرية.

وتجدر الاشارة ان الصواريخ التي سعى العراق لشرائها من كوريا الشمالية المعروفة باسم نودونغ، يصل مداها الى 800 ميل.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الاوسط»