الإدارة الأميركية تطلب من طهران مساعدتها في إعادة إعمار العراق

إيران تشارك في مؤتمر الدول المانحة ومؤشرات إيجابية على انفتاح بين الجانبين

TT

كشف مسؤولون اميركيون وايرانيون ان واشنطن طلبت من طهران المساعدة في إعادة إعمار العراق خلال مرحلة ما بعد الحرب وذلك على الرغم من التوتر الذي ساد العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران على مدى قرابة ربع قرن. فمن المقرر ان تشارك ايران في مؤتمر للدول المانحة في وقت لاحق من الشهر الحالي في اسبانيا، كما ان من المحتمل ان تكون واحدة من بضع دول فقط يتوقع ان تساهم في إعادة إعمار العراق. وكان دبلوماسي ايراني رفيع المستوى قد صرح اول من امس بأن بلاده عرضت مسبقا توفير امدادات المياه والكهرباء بالإضافة الى تقديم مساعدات فنية اخرى الى العراق، مؤكدا ان ايران على استعداد لتقديم مساعدات اضافية، لكنه اشار الى ان هذه المساعدات ربما لا تكون مالية. ويأتي الدور المحتمل لإيران في العراق في وقت تحاول فيه كل من واشنطن وطهران من خلف الكواليس استئناف الحوار الذي توقف في مايو (أيار) الماضي. من جانبه، قال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الاميركية ان واشنطن لاحظت وجود بعض المؤشرات على رغبة طهران في الحوار كما علمت بذلك من جهات اخرى. واضاف المسؤول ان الولايات المتحدة أرسلت من جانبها اشارات للجانب الايراني. وعلى الرغم من الخلاف بين الدولتين في الكثير من القضايا، فإن من اهم الخطوات لاستئناف المحادثات تتلخص في تعاون العراق وإيران مع وكالة الامم المتحدة المسؤولة عن التفتيش عن الاسلحة المحظورة وسط اتهامات اميركية لإيران بأنها تعمل سرا على تطوير اسلحة محظورة الى جانب برنامجها الخاص بالطاقة النووية. يشار الى ان ريتشارد آرميتاج، نائب وزير الخارجية الاميركي، قد ابلغ اللجنة الفرعية للمخصصات التابعة لمجلس النواب الاميركي بأن ايران تؤيد مجلس الحكم الانتقالي في العراق الذي عينته الولايات، كما اشار ايضا الى ان واشنطن تأمل في ان يكون تجاوب ايران بقدر حجم الاوضاع الراهنة بأن تساهم في مجهود إعادة تعمير العراق. وقال آرميتاج انه على الرغم من وجود بعض المشاكل في ما يتعلق بالمسألة النووية، فإن العلاقة مع طهران تختلف على نحو طفيف في ما يتعلق بالوضع في العراق، اذ ان ايران اعلنت تأييدها لمجلس الحكم العراقي. وأشار آرميتاج في هذا السياق الى ان لطهران مصالح كبرى في إعادة الامن والاستقرار للعراق. وتشعر واشنطن، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران منذ عام 1980، بالقلق ازاء دور ايران في العراق وسط مخاوف من احتمال تدخل طهران في الوضع السياسي الداخلي هناك. وكان مسؤول ايراني رفيع قد اكد ان ايران تلقت في الآونة الاخيرة دعوة للمشاركة في مؤتمر الدول للمانحة تقرر عقده في اسبانيا، إلا ان الولايات المتحدة هي التي قامت بمجهودات التنظيم والتنسيق اللازمة لانعقاد المؤتمر. وقال مسؤولون اميركيون ان عدة دول ستشارك في المؤتمر المرتقب إلا ان بريطانيا وكندا واليابان هي الدول الوحيدة التي اشارت الى استعدادها لتقديم مساعدات لدعم مجهود إعادة إعمار العراق. وأشار مسؤولون اميركيون الى احتمال ان يسفر ترتيب مع طهران للتوقيع على بروتوكول مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن إنهاء التوتر بين الجانبين وتمهيد الطريق أمام عقد محادثات جديدة بينهما. وقال مسؤول في الخارجية الاميركية ان واشنطن تعلم ان الجانب الايراني يريد ان يعرف ما اذا كان توقيع طهران على البروتوكول والالتزام بضوابط الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيؤدي الى حل المشكلة القائمة، مؤكدا ان توقيع ايران على البروتوكول المذكور وإجابتها على كل الاسئلة وتعاونها الكامل وتأكيدها على عدم وجود أي برنامج تسليح نووي سيؤدي بالتأكيد الى حل المشكلة القائمة. إلا ان ثمة خلافات عملية لا تزال قائمة داخل ادارة الرئيس جورج بوش حول سياسة واشنطن ازاء ايران. فقد ظهرت هذه الخلافات خلال لقاء لنفس مسؤولي «البنتاغون» المؤيدين للحرب ضد العراق عندما التقوا اخيرا لأول مرة حسين الخميني حفيد الزعيم الايراني الراحل آية الله الخميني والذي يؤيد تغيير النظام في ايران. وكان حسين الخميني الذي ترك ايران هذا العام ويقيم حاليا في بغداد قد ناشد إدارة الرئيس بوش المساعدة في تعبئة المعارضة ضد النظام الايراني الحالي الذي قاده جده للاستيلاء على السلطة في ايران اثر إطاحة الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979. وكشف مسؤولون اميركيون اول من امس عن ان حسين الخميني طلب من الولايات المتحدة خلال لقاء له في البنتاغون مع دوغلاس فيث، مساعد وزير الدفاع الاميركي، استضافة مؤتمر لرموز المعارضة الايرانية. وقال حسين الخميني خلال كلمة ألقاها معهد ابحاث اميركي الشهر الماضي ان ايران تحكم حاليا بواسطة «دكتاتورية لا ترحم». ويرى مراقبون ان مصلحة «البنتاغون» في حسين الخميني تتعارض مع تصريحات آرميتاج التي لمح خلالها الى امكانيات انفتاح جديد ازاء النظام الايراني. وقال آرميتاج أمام اللجنة الفرعية لمجلس النواب ان مسؤولين ايرانيين بارزين قد شكوا رسميا من ان عناصر تابعة لتنظيم «القاعدة» يدبرون مخططات بهدف توجيه ضربات الى دول اخرى، وهي نشاطات قال المسؤول ان من شأنها الإضرار بمصالح ايران. وأشار آرميتاج الى ان وزير الخارجية الايراني كمال خرازي قد كشف لأول مرة انه يعتقد ان شبكة «القاعدة» ارتكبت جرائم ضد الامن القومي الايراني بتأسيسها خلايا لتنفيذ عمليات في دول اخرى.

ويعتقد آرميتاج ان تصريحات خرازي هي اول إعلان ايراني رسمي يعترف بأن اعضاء تنظيم «القاعدة» الموجودين في ايران ليسوا مجرد هاربين من افغانستان، لذا فإن «ثمة شيئا يدور هناك»، على حد تعبيره.

*خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»