الحكومة السودانية وحركة قرنق تبدآن اليوم مفاوضات قسمة السلطة والثروات بمساعدة خبراء دوليين

TT

احال وفدا الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان نقاط الخلاف حول قضية المناطق الثلاث المتنازع عليها والتي يجرى التفاوض حولها منذ ايام، الى لقاء القمة الذي سيتم بعد غد الثلاثاء بين نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه، وزعيم الحركة الشعبية جون قرنق.

وقالت مصادر قريبة من المفاوضات الجارية بين الطرفين في نيفاشا بكينيا ان الحركة قدمت ورقة حول موضوع المناطق الثلاث وهي ابيي وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق، تطالب بضم الاولى الى الجنوب، ودعت الى تقرير مصير المنطقتين الاخرتين عبر استفتاء في نهاية الفترة الانتقالية (6 سنوات) أسوة بالجنوب. وطالبت الحركة الحكومة بجواب مكتوب على مقترحاتها، ورفضت جوابا شفويا تقدمت به الحكومة، وعقد اجتماع مساء امس تم فيه تحديد نقاط التلاقي ونقاط الاختلاف لعرضها على اجتماع يضم طه وقرنق بعد غد. وقالت المصادر ان الحكومة تحدثت عن تعريفات لمنطقة ابيي مشيرة الى وجود 3 مجموعات سكانية في المنطقة وهم دينكا نوك (اغلبية) والمسيرية (العرب) الذين يمكثون في المنطقة 8 اشهر كل عام قبل ان يرحلوا عنها بحثا عن الكلأ. واشارت المصادر الى ان الحكومة ستتمسك بقوة بموقفها حول هذا الموضوع نسبة لرفض قبائل المسيرية ضم المنطقة للجنوب. وتصر الحركة على تبعية ابيي الى ولاية بحر الغزال مشيرة الى ان تبعيتها الحالية الى كرفان كانت بسبب قرار اداري اصدره المستعمر البريطاني في الخمسينات من القرن الماضي. وقالت المصادر ان مواقف الجانبين في هذا الموضوع مازال متباعدا. وسيبدأ المفاوضون اليوم نقاش موضوعي قسمة السلطة والثروة، وهما اخر قضايا الخلاف، ولمدة 3 ايام بمشاركة خبراء من صندوق النقد والبنك الدوليين. وتتناول قضية السلطة قضايا الرئاسة والعاصمة القومية والانتخابات، وفي مجال الثروة سيتم تحديد نسب توزيع الثروات النفطية، وتحديد نسبة المناطق المنتجة من العائدات. وتطالب الحركة في موضوع السلطة برئاسة دورية 3 سنوات لكل طرف، وتدعو لانتخابات بعد 3 سنوات من بدء الفترة الانتقالية، فيما تطالب الحكومة بانتخابات بعد السنة الاولى. وفي موضوع العاصمة تطالب الحركة بعاصمة خالية من التشريعات الدينية. ولم يستبعد مصدر مقرب من المفاوضات ان تتنازل الحركة عن طرحها برئاسة دورية، لترضى باقتراح الوسطاء برئيس شمالي ونائب جنوبي، على حساب ان تبقى العاصمة خالية من القوانين الدينية. وفي موضوع الثروة تقترح الحكومة منح المناطق المنتجة للبترول 2 في المائة من العائدات بينما تطالب الحركة بعشرة في المائة. وتوقع المصدر ان يحسم لقاء طه وقرنق كافة القضايا الخلافات بالتوصل الى مشروع اتفاق بنهاية هذه الجولة في 25 اكتوبر (تشرين الاول) الجاري.

وجه تجمع المعارضة السودانية انتقادات شديدة للمفاوضات الجارية حاليا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، في أول إعلان رسمي لها حول الاتفاقات التي تمت بين الطرفين.

وأكد بيان صادر عن التجمع الوطني الديمقراطي (تحالف المعارضة) رفضه التام لاختزال الأزمة السودانية في عنصرين من اطراف النزاع المتعددة، كما وجه انتقاداته ايضا للوسطاء والشركاء في المفاوضات لعدم استجابتهم لطروحات التجمع التي أوضحت خطورة هذا المنهج واصرارهم على استمرار التفاوض ثنائيا، وأكد البيان رفضه للتغييب المتعمد لقطاعات واسعة من الشعب السوداني وقواه السياسية ويرى ان التفاوض الثنائي يفضي الى اتفاقات مبتورة تعمق من جذور الصراع وتوسع رقعة الحرب ولا تجد بذلك السند الشعبي والاجماع الوطني اللازمين لنفاذها.

واشار البيان الى جهود كثيرة بذلت منذ عام 1997 لتنبيه الوسطاء على أعلى المستويات في دول الايقاد وشركائها، الا ان التفاوض استمر ثنائيا بحجة ان المفاوضات الجارية تبحث بدءا قضية ايقاف الحرب بين الطرفين الرئيسيين في الاقتتال ليأتي النظر بعد ذلك في مشاركة الاطراف الأخرى عند بحث القضايا السياسية المتعلقة برسم مستقبل الحكم في السودان، وحذر التجمع من مخاطر الحلول الثنائية والشراكة المؤقتة التي تفتقد لحل معاني الشمول بانعكاساتها على قضايا التحول الديمقراطي وافتقادها الضمانات المستقبلية لنفاذ الاتفاق، مشيرا الى أن الجولة الحالية ولجت الى البحث في قضايا الحكم وما يندرج تحتها من خطوات عملية لصياغة الدستور ورسم المبادئ وما يتبعها من تفاصيل يجب ان تتم بالمشاركة التامة للتجمع الوطني والقوى الاخرى.

من جهة أخرى اقترح رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الدكتور جون قرنق يوم 27 من الشهر الجاري موعدا لاجتماع هيئة القيادة بالقاهرة ونفى فاروق أبو عيسى مساعد رئيس التجمع للشؤون القانونية والدستورية ان يكون اجتماع وفد الهيئة المنعقد حاليا بمدينة رمبيك في جنوب البلاد بديلا لاجتماع هيئة القيادة الذي اقترح له السابع والعشرون بالقاهرة. وأوضح ابو عيسى ان اجتماعات رمبيك تضم عددا من اعضاء هيئة القيادة وليس الهيئة بكاملها، مشيرا الى ان الغرض الاساسي من هذا اللقاء هو التشاور المستمر مع قيادة الحركة الشعبية حول آخر تطورات عملية السلام ومجريات سير التفاوض، وقال ان انعقاد هذا اللقاء بشكله الحالي فرضته مسألة ضيق الوقت الناتج من اقتراب موعد بدء مفاوضات القمة بين النائب الاول ورئيس الحركة الشعبية في 15 من الشهر الجاري.