فوز عبادي بجائزة نوبل يفجر اتهامات متبادلة بين المحافظين والإصلاحيين بطهران

TT

كشفت جائزة نوبل للسلام التى حصلت عليها المحامية وداعية حقوق الانسان الايرانية شيرين عبادي، عن خلافات حادة بين المحافظين والاصلاحيين الذين تبادلوا الاتهامات امس. اذ اتهم المحافظون لجنة نوبل بالترويج للاهداف السياسية التي يريد الغرب تحقيقها فى ايران، بينما اشاد الاصلاحيون بالجائزة ورأوا أنها ستحفز على مزيد من التغيير.

وأعرب اسد الله بدمشيان الذي يرأس الفرع السياسي لحزب الائتلاف المحافظ عن ارتيابه من دوافع لجنة نوبل. ونقلت عنه صحف قوله أمس «من الطبيعي ان تحصل واحده تلقى التأييد من وزير الخارجية الاميركي كولن باول ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الاميركي جورج بوش على هذه الجائزة». من جهته ، قال علي يوسف بور رئيس رابطة الصحافيين المسلمين ان جائزة عبادي تشبه جائزة السلام التي منحت للرئيس المصري الراحل انور السادات بعد توقيعه السلام مع اسرائيل . ونسب اليه قوله «منحت هذه الجائزة للذين يعملون بما يتوافق مع المصالح الغربية».

ولم تعط محطتا الاذاعة والتلفزيون اللتان تخضعان لسيطرة المحافظين، اهتماما للنبأ وانتظر التلفزيون اربع ساعات للاشارة اليه اول من امس وورد الخبر بشكل سريع جدا في جريدة المساء بين الاخبار الثقافية. وتجاهلت الصحف المحافظة النبأ او نشرته في زاوية مخفية في صفحاتها الداخلية.

في المقابل اكد علي معظمي وهو كاتب في صحيفة «شرق» الاصلاحية، ان الجائزة ستكون بمثابة الرياح التي ستحرك المياه الراكدة في الحركة الاصلاحية. ونقلت صحيفة «ياس نو» الاصلاحية عن محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس الايراني ورئيس «جبهة المشاركة» اكبر الاحزاب الاصلاحية في ايران، «انها انتصار كبير للنشطاء والمدافعين عن حقوق الطفل والمرأة وموضع اعتزاز لجميع الايرانيين». وخصصت الصحيفة ثلاث صفحات كاملة لهذا الحدث، ونشرت صورة كبيرة على الصفحة الاولى لشيرين عبادي وهي تبتسم في مكتبها في طهران. كما نشرت مجموعة من برقيات التهنئة بينها برقيات لشخصيات ومثقفين اصلاحيين منهم الصحافي المحكوم بالاعدام هاشم اغاجاري والذي ورد اسمه بين المرشحين لنيل نوبل للسلام. وعنونت صحيفة «اعتماد» صفحتها الاولى «حدث كبير لايران» مع صورة للسيدة عبادي غير المعروفة على نطاق واسع في ايران. وقالت الصحيفة ان «الجائزة تكريم لجميع الايرانيين». الى ذلك ، قالت عبادي ان الجمهورية الاسلامية لا يمكنها الاستمرار اذا لم تتمكن من التطور والاستجابة لرغبة المواطنين في اجراء اصلاحات كبيرة. وصرحت لصحيفة «لوموند» الفرنسية اليومية ان هذا الشرف الذي تمثله الجائزة سيشجع نشطاء حقوق الانسان في بلادها، غير انها نفت ان الجائزة جاءت لدوافع سياسية لدى الحكام النرويجيين. وقالت عبادي «اذا لم تتطور الجمهورية الاسلامية فانها لن تكون قادرة على الاستمرار... ليس فقط في الحكم بل ايضا في البلاد.. نريد اجراء اصلاحات بطريقة جادة وجذرية». ومضت تقول «موقفي ليس ضد الاسلام اذ ان هناك في الوقت الحالي ايات الله الذين يؤيدون الفصل بين الدين والدولة». وقالت عبادي ان زمن الثورات انتهى، الا ان الايرانيين يريدون اجراء اصلاحات في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لانهم «يشعرون باحباط شديد من الثورة الاسلامية». وأردفت قائلة ان الرئيس محمد خاتمي الذي هنأت حكومته الاصلاحية عبادي، اهدر الكثير من الفرص الا انه ليس المتحدث الوحيد باسم الاصلاح.

وذكرت مصادر اوروبية ان وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي سيناقشون غدا في لوكسمبورغ تقديم قرار خلال الايام المقبلة الى لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف يدين «انتهاكات» ايران لحقوق الانسان. وذكر دبلوماسي اوروبى امس ان «المسالة لم تحسم» مشيرا الى ان الاوروبيين ما زالوا منقسمين حيال هذه القضية. واوضحت المصادر ان الدول المؤيدة لهذا الخط المتشدد مع ايران هي ايرلندا وهولندا وبدرجة اقل بريطانيا. في المقابل تتخذ كل من ايطاليا، الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي، وفرنسا والمانيا واسبانيا اضافة الى الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد خافيير سولانا، موقفا متحفظا حيال هذا الاقتراح الذي يمكن ان يؤدي فى حال تمريره الى ازمة كبيرة فى العلاقات الايرانية_ الاوروبية.

وعلى الصعيد ذاته اوضحت كريستينا غالاش المتحدثة باسم سولانا، ان ايران قدمت خلال الاسبوع الماضي مؤشرات انفتاح فيما يتعلق بحقوق الانسان وذلك خلال لقاء «للحوار السياسي» استمر يومين في بروكسل بين المسؤولين الايرانيين ومسؤولي الاتحاد. وقالت ان «هناك بعض التقدم» وان ايران ابدت عزمها على مراجعة موقفها بشان المعاهدة الدولية لمكافحة التعذيب التي كانت رفضت حتى الان توقيعها. كما ان الوفد الايراني الذي ضم ممثلي منظمات غير حكومية قدم «اجابات» بشان 30 معتقلا سياسيا في ايران يطالب الاتحاد الاوروبي بمعلومات عنهم. وفى فيينا شكت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوتيرة البطيئة التي تقدم فيها ايران المعلومات عن برنامها النووي في الوقت الذى بدأ مفتشوها منذ الاول من اكتوبر (تشرين الاول) الجارى زيارات للمنشآت النووية الايرانية. واوضح مارك غوزديكي الناطق باسم الوكالة انه «حتى الان قدمت السلطات الايرانية لنا معلومات ووعدت بتقديم المزيد مستقبلا ، لكننا لا نحصل على المعلومات بالسرعة المطلوبة». واضاف انه «على ايران تقديم معلومات كاملة وشاملة حول برنامجها النووي بحلول نهاية الشهر الجارى، وان هذه المهمة قابلة للانجاز في هذه الفترة الزمنية وانها لا تستلزم اكثر من اسبوع او اثنين».