فرح ديبا: الحسن الثاني رفض نصيحة من المخابرات الفرنسية بإبعاد الشاه عن المغرب وجيهان السادات قالت لي: تعالوا إلى مصر

TT

في لقاء جرى في مراكش أوائل 1979 بين شاه ايران المخلوع محمد رضا بهلوي والكسندر دو مارانش رئيس المخابرات الفرنسية، احاط الأخير الشاه علماً بالمخاطر التي يشكلها وجوده في المغرب على مضيفه الملك الحسن الثاني. كما وضع الملك ايضا في الصورة قائلاً له ان هناك معلومات تفيد بأن آية الله الخميني أمر اتباعه ومؤيديه باختطاف افراد من الأسرة المالكة المغربية لاجبار الرباط على تسليم الشاه الى طهران. وكان ملك المغرب شجاعا في رده انه لا يستطيع ان يمنع الضيافة عن الشاه الذي يعيش لحظة مأساوية من حياته.

وردت هذه الواقعة في مذكرات امبراطورة ايران السابقة (الشاهبانو) فرح ديبا بهلوي التي تصدر في باريس غدا وفي عواصم غربية اخرى. وفاز بحقوق نشر المذكرات التي تنافس عليها اكثر من دار الناشر برنار فكسو، صهر الرئيس الفرنسي الاسبق فاليري جيسكار ديستان.

وتروي فرح ديبا وقائع 14 شهرا من التنقل ما بين القاهرة ومراكش وجزر البهاما ثم بنما، وفشل الشاه في العثور على دولة تقبل بلجوئه وعلاجه من السرطان فيها، حيث كان يحتاج الى عملية جراحية بعد تدهور حالته الصحية. وتقول: «هاتفت جيهان السادات، وكانت تسأل عنا بين الحين والآخر، وقلت لها ان اي طبيب لن يقوم باجراء العملية لزوجي في بنما، وان حالتنا ميؤوس منها. وردت جيهان: تعالوا، نحن بانتظاركم في مصر».

في مصر، حرص السادات على ان يقدم لضيفه المريض مراسم استقبال تليق برؤساء الدول، مع السجادة الحمراء عند باب الطائرة واستعراض حرس الشرف. وقد تأثر الشاه حتى غامت عيناه بالدموع. ثم تمضي صاحبة المذكرات في وصف الأيام الأخيرة لزوجها الراحل، مسترجعة وقائع لقائهما الأول في السفارة الايرانية في باريس، عندما كانت تدرس الهندسة وهي في العشرين من عمرها، وكان هو يبحث عن زوجة ثالثة بعد طلاقه من زوجته الأولى الأميرة فوزية، شقيقة فاروق ملك مصر، وفشل زوجته الثانية ثريا اصفندياري في إنجاب ولد له. بعد ذلك اللقاء عادت فرح الى ايران، وقابلت الشاه اكثر من مرة لتوطيد تعارفهما، الى ان دعاها الى عشاء في بيت كريمته من زوجته الأولى، الأميرة شاهناز. وتكتب: «كنا جالسين في الصالون، وفجأة وجدت كل المدعوين ينسحبون ويتركاننا لوحدنا، وعندها راح يحدثني عن زيجتيه السابقتين، ثم سألني: هل تقبلين بأن تكوني زوجتي؟ وعلى الفور أجبت بنعم. لم يكن هناك ما يستدعي التفكير، ولم تكن لدي تحفظات فقد احببته وكنت مستعدة لأن اتبعه. فقال لي: ايتها الملكة، ستكون أمامك مسؤوليات كثيرة تجاه الشعب الايراني». كان ذلك عام 1959.

وغادرت فرح بهلوي طهران مع زوجها في 16 يناير (كانون الثاني) 1979 بعد اشتداد المظاهرات المناهضة له، وقبل قليل من عودة الخميني لامساك بزمام السلطة في ايران واعلان الجمهورية الاسلامية. وفي السادس عشر من يوليو (تموز) 1980 توفي الشاه في مستشفى المعادي في القاهرة التي لجأ اليها في ايامه الاخيرة. وانجبت فرح ديبا ولدين وبنتين من محمد رضا بهلوي، وفقدت ابنتها الصغرى ليلى التي توفيت في باريس في العاشر من يونيو (حزيران) 2001. وكتبت فرح في مذكراتها «ان الام لا تتعافى ابداً من فقد احد الابناء» وهي تعيش حاليا ما بين سويسرا والولايات المتحدة حيث يقيم ابنها البكر «ولي العهد» رضا مع زوجته وابنتيه، حفيدتي فرح.