إسرائيل تعدل صواريخ أميركية لتحمل رؤوسا نووية في غواصاتها

تل أبيب قادرة على إطلاق قنابل نووية من البحر والبر والجو

TT

كشف مسؤول بارز في ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش ان اسرائيل عدلت صورايخ زودتها بها الولايات المتحدة بغرض تحميلها رؤوساً نووية في غواصاتها مما يعني منح القوة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط المقدرة على إطلاق اسلحة نووية من الارض والجو وتحت سطح مياه البحر. وتعتبر هذه القدرات التي لم تكشف من قبل دعما لقوة الردع الاسرائيلية في حالة تطوير ايران لأسلحتها النووية. كما من شأنها ان تعقد ايضا من مساعي واشنطن والامم المتحدة لإقناع ايران بالتوقف عن العمل في برنامجها النووي. يشار الى ان مسؤولين اميركيين اعترفا بالتعديل الذي خضع له الصاروخ واكد ذلك ايضا مسؤول اسرائيلي. وطلب المسؤولون الثلاثة عدم ذكر اسمائهم.

وقال دبلوماسيون عرب ومسؤولون في الامم المتحدة ان تطوير اسرائيل المنتظم لترسانتها النووية وصمت الولايات المتحدة عن ذلك زادا من رغبة الدول العربية في تملك اسلحة مماثلة. وذكر نبيل فهمي، السفير المصري لدى الامم المتحدة، ان وجود برنامج نووي في المنطقة دون ان تكون عليه رقابة يشجع الدول الاخرى على تطوير اسلحة دمار شامل مما يهدد بزيادة خطورة أي نزاع محتمل في المستقبل. جدير بالذكر ان مصر انضمت الى السعودية وسورية في الجمعية العامة للامم المتحدة الشهر الماضي في انتقاد واشنطن والامم المتحدة على تجاهل اسلحة اسرائيل للدمار الشامل في الوقت الذي تمارسان فيه ضغوطا على ايران. كما أثار ذات القضية مسؤول ايراني في مؤتمر اقيم في موسكو الشهر الماضي. وقال علي اصغر سلطاني انه لا يمكن تحقيق الاستقرار في منطقة يسودها عدم التوازن في المقدرات العسكرية خصوصا في الجانب المتعلق بامتلاك اسلحة نووية تسمح لطرف بتهديد دول الجوار والمنطقة بكاملها. ولا يتوقع ان تنفي اسرائيل أو تؤكد امتلاكها لأسلحة نووية، إلا ان محللي الاستخبارات وخبراء مستقلين اشاروا الى انها تملك عددا من الرؤوس النووية المتقدمة يتراوح ما بين 100 ـ 200.

وتعتبر كل من ايران والهند وباكستان الدول الوحيدة التي تملك منشآت نووية ولم توقع على معاهدة حظر الاسلحة النووية التي طرحت عام 1968 لوقف انتشار الاسلحة النووية من خلال عمليات التفتيش وفرض العقوبات. ونجحت الهند وباكستان في انتاج قنابل نووية. وكانت ايران ودول عربية تملك برامج نووية سلمية وقعت على المعاهدة. وقال مسؤول في الامم المتحدة ان الدول العربية لم توافق عل فرض رقابة مشددة عليها لأن اسرائيل رفضت التوقيع عليها. كما اشار مسؤول آخر الى ان اسرائيل تعتبر مصدرا للجدل وسببا لاتجاه دول اخرى نحو تطوير اسلحة نووية.

وتعتبر اسرائيل والدول المؤيدة لها اسلحتها النووية جزءا اساسيا من امن الدولة، اذ ظلت اسرائيل تعمل على مدى عقود في تطوير هدف الاسلحة بموافقة اميركية ضمنية. ونادرا ما جرى التطرق لهذه القضية، إلا انها باتت عنصرا مهما في المناقشات ذات الصلة بالتوصل الى سلام دائم في الشرق الاوسط. وقبلت واشنطن منذ عام 1969 وضع اسرائيل كقوة نووية دون ان تضغط عليها كي توقع على معاهدة حظر تطوير هذا النوع من الاسلحة. فقد قال مسؤول في الادارة الاميركية ان الولايات المتحدة ظلت تتحمل وجود اسلحة نووية في اسرائيل لذات السبب الذي دفعها لتحمل وجود هذا النوع من الاسلحة لدى بريطانيا وفرنسا، مؤكدا ان واشنطن لا تنظر الى اسرائيل كونها خطرا. ولتجنب فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية، ظلت وكالات الاستخبارات الاميركية تحذف اسم اسرائيل بصورة روتينية من تقاريرها نصف السنوية الى الكونغرس حول الدول التي تعمل على تطوير اسلحة الدمار الشامل. كما ان ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون حظرت بيع غالبية صور الاقمار الصناعية المفصلة لاسرائيل بغرض حماية مجمعها النووي واهداف اخرى لها صلة بنشاطها النووي. ويعتقد مراقبون ان تصميم الولايات المتحدة على وقف تطوير ايران لأي اسلحة نووية لا يعني سوى ان اخطر اسرار اسرائيل ستكشف في الغالب خلال المفاوضات مع طهران.

وذكر جوزيف شيرنشيوني مدير برنامج حظر انتشار الاسلحة، صندوق كارنغي اندومنت للسلام العالمي، وهي منظمة لا تسعى للربح ترويجاً للتعاون الدولي انه «لن يمكننا مواجهة طموحات ايران النووية او موضوع برامج مصر للاسلحة الكيماوية وربما الاسلحة البيولوجية بدون طرح برنامج اسرائيل للاسلحة النووية».

ان اسرائيل وهي اصغر من ولاية نيو جيرسي وعدد سكانها البالغ 6 ملايين اصبحوا في متناول صواريخ تنطلق من ايران ومن دول اخرى. وبعد تطوير ايران والدول الاخرى في المنطقة صواريخها ذات المدى الطويل في التسعينات، قد اصبحت الترسانة النووية الاسرائية عرضة للهجمات.

ويقول روبرت نوريس المؤرخ النووي في المجلس الدفاعي للموارد الطبيعية ان البديل الاستراتيجي بالنسبة لاسرائيل هو تطوير غواصات مزودة بصواريخ نووية تكاد تكون محصنة تماما.

وامرت اسرائيل بشراء ثلاث غوصات ذات تصميم خاص من المانيا في منتصف التسعينات وتسلمتها عامي 1999 و2000. ويصل مدى الغواصات التي تعمل بمحركات ديزل لعدة آلاف من الاميال ويمكنها البقاء تحت سطح البحر لمدة شهر.

وتم الكشف عن محاولات تسليحها بصواريخ نووية في كتاب نشره عام 2002، صندوق كارنغي.

وافادت مقابلات جرت في الآونة الاخيرة مع مسؤولين في واشنطن وتل ابيب بأول تأكيدات ان اسرائيل يمكنها الآن اطلاق صواريخ نووية من تحت سطح البحر.

ورفض المسؤول الاسرائيلي تقديم تفاصيل، ولكن المسؤولين الاميركيين قالوا ان الرؤوس الحربية مصممة لصواريخ هاربو الاميركية، التي يمكن اطلاقها من الغواصات ومجهزة بنظام توجيه صواريخ كروز للانطلاق على سطح الماء. وتجهز صواريخ هاربو عادة برؤوس حربية تقليدية وهي موجودة في ترسانات الولايات المتحدة وغيرها من الدول.

وقال نوريس ان على المهندسين الاسرائيليين خفض حجم السلاح النووي لكي يمكن تركيبه على الصاروخ هاربو وتغيير نظام التوجيه في الصاروخ لكي يصيب اهدافا برية، وهما مهمتان سهلتان سهلة باستخدام برنامج اسلحة متقدمة.

واضاف نوريس «هم يفعلون ذلك منذ اكثر من 30 سنة، ولذا فإن ذلك يقع في اطار قدرات العلماء والمهندسين الاسرائيليين». واضاف انه ربما تم زيادة المدى التقليدي لهذا الصاروخ بـ80 ميلا.

وترسل الغواصات، الصواريخ الى سطح البحر بكبسولات تطلق من انابيب طوربيدية. وعندما تصل الكبسولة الى السطح ينفجر رأسها ويطلق الصاروخ.

وقد اكد متحدث باسم الحكومة الاسرائيلية دانييل سيمان، ان الغواصات الثلاث الجديدة تحمل صواريخ هاربو، ولكنه رفض تحديد طبيعة الرؤوس الحربية التي تحملها هذه الصواريخ. ويصل طول سواحل اسرائيل المطلة على البحر المتوسط الى 150 ميلا وتنتشر غواصاتها على نحو يبقي احداها في البحر طوال الوقت، لضمان قدرة اسرائيل على الرد اذا تعرضت لانتقام. ورفضت الحكومة الاسرائيلية طلبات للقاء مسؤولين في وكالة الطاقة النووية ورفضت الاجابة على اسئلة تتعلق بقضايا نووية.

وتجدر الاشارة الى ان الاجماع في قطاع الاستخبارات الاميركي وبين الخبراء من خارجه هو ان اسرائيل تملك 200 سلاح نووي، مما يجعلها صاحبة خامس او سادس ترسانة نووية في العالم. وطبقا لمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية فإن 5 دول فقط مسموح لها بامتلاك اسلحة نووية. وتمتلك بريطانيا 185 قنبلة نووية وهو الاقل كمية بين الدول الخمس، طبقا لتقرير معهد استوكهولم الدولي لابحاث السلام. بينما تملك روسيا 8232 قنبلة نووية والولايات المتحدة 7068 والصين 402 وفرنسا 448.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»