احتدام الحرب الكلامية والتهديدات بين سورية وإسرائيل * مصدر إعلامي مسؤول لـ«الشرق الاوسط»: كلام سفيرنا في إسبانيا يعبر عن موقف الحكومة

الشرع وكنفاني يتجاوزان التعليق على نبأ زيارة جورج تينيت إلى دمشق الأسبوع المقبل

TT

تصاعدت حدة الحرب الكلامية امس بين سورية واسرائيل، وصرّح مصدر اعلامي سوري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «من حق سورية ان تدافع عن نفسها عسكرياً ضد الاعتداءات الاسرائيلية». وفي حين أعلنت بشرى كنفاني مديرة الاعلام الخارجي في وزارة الخارجية السورية خلال مؤتمر صحافي ان دمشق «ستستخدم حقها المشروع بالدفاع عن النفس»، كرر مصدر اسرائيلي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية تهديد سورية بهجمات أخرى، مدعياً ان اسرائيل في غارتها الجوية التي استهدفت منطقة عين الصاحب قرب العاصمة دمشق تصرفت ضمن حقها بـ«الدفاع عن النفس». ومن جانب آخر أعلن وزير الخارجية السوري فاروق الشرع «أن الأمن في لبنان وسورية واحد» مؤكداً أن ما يتعرض له أي بلد منهما يهم البلد الآخر والمنطقة ككل، وجاء هذا التصريح للصحافيين عقب استقباله وزير الإعلام اللبناني ميشال سماحة. وقال مصدر اعلامي سوري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» «إن ما أعلنه السفير السوري في إسبانيا (محسن بلال) مؤخراً بأن لسورية حق الدفاع عن النفس عسكرياً ضد الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيها، يعبر عن موقف الحكومة السورية وليس عن موقف شخصي كما تناقلت بعض وسائل الإعلام الأجنبية». وأضاف «إن سورية التي تحلت بضبط النفس إثر العدوان الإسرائيلي على موقع مدني قرب العاصمة دمشق يوم الأحد الماضي وذهبت إلى مجلس الأمن بوصفه المرجعية الدولية لإدانة هذا العدوان، قد انطلقت في موقفها هذا من اقتناعها بأن المجلس يملك القدرة على معاقبة المعتدي، بوصف المجلس يتحمل مسؤولية الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين».

ثم اردف «لقد توهم البعض أن سورية قد تحني رأسها بعد هذا العدوان وإثر التهديدات الإسرائيلية اللاحقة بشن اعتداءات أوسع داخلها وفي لبنان خاصة بعد أن هدد المندوب الأميركي في مجلس الأمن باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع إدانة إسرائيل، لكن القيادة السورية التي تدرك جيداً أن سياسة (آرييل) شارون ترمي إلى جر سورية والمنطقة إلى الحرب، لم تقم برد فعل مباشر على العدوان لاقتناعها بأن في مقدمة خياراتها عدم تجاوز الأمم المتحدة وبخاصة مجلس الأمن في معاقبة من يمارس العدوان وينتهك القانون الدولي والمعاهدات وسيادة الدول وحرمة أراضيها».

من جهتها قالت كنفاني أمس في مؤتمر صحافي بعد ستة أيام من الغارة الاسرائيلية على عين الصاحب (15 كلم شمال غربي دمشق) ان «سورية سوف تمارس حقها المشروع بالدفاع عن النفس باستخدام كافة الوسائل المتاحة والطرق التي تملكها، في حال تكرر العدوان» واردفت «ان حق الدفاع عن النفس حق مشروع لكل الدول». واكدت ان «الموقع (المستهدف) في عين الصاحب مهجور منذ عدة سنوات ولذلك وقع جريح مدني واحد، وكان منذ عشرات السنين موقعا عسكريا فلسطينياً، ولا احد يستطيع ان يفهم او يهضم قصف موقع مدني خال من الجيش». ومما ذكر بهذا الصدد ان اسرائيل ادعت استهدافها معسكرا للتدريب تستخدمه مجموعات مسلحة فلسطينية، بينما أكدت دمشق ان الهجوم استهدف منطقة سكنية.

وحول الاتصالات الاميركية السورية، قالت كنفاني ان «الاتصالات غير مقطوعة لكنها متوترة في الوقت الحالي وبحاجة الى موقف بناء لكنها لم تكن مثل السابق ولن تنقطع الا في حالة الحرب». وعن قانون محاسبة سورية، الذي نشطت في تحريكه الجماعات المؤيدة لاسرائيل في الكونغرس الاميركي، قالت المسؤولة السورية انه «امر له نتائج سلبية على العلاقات بين البلدين» لكنها اشارت الى ان حجم المبادلات التجارية بين سورية والولايات المتحدة يبلغ «حوالي 400 مليون دولار وخسائرنا لا اهمية لها، لكن على الولايات المتحدة ان تنظر الى الشركات الاميركية العاملة في سورية التي ستكون الخاسر الاكبر». وكانت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس في سياق القانون قد دعت سورية الى انهاء «احتلالها» للبنان واخراج قواتها من الاراضي اللبنانية.

من ناحية ثانية، نفت كنفاني علمها بزيارة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية جورج تينيت الى سورية، ودعت الولايات المتحدة باعتبارها تحتل العراق الى «ضبط» الحدود العراقية السورية مشيرة الى صعوبة مثل هذا الامر بسبب طول هذه الحدود. كذلك طالبت كنفاني الادارة الاميركية بالتخلي عن سياسة «العقوبات والتهديدات والتوتر والعداء للعرب والمسلمين» وان تعتمد «سياسة الحوار والموضوعية» بدلاً من ذلك. وفي ما يخص العلاقات بين سورية ولبنان اعتبرت المسؤولة السورية ان الوجود السوري في لبنان «شرعي وقانوني وبرضى الحكومتين السورية واللبنانية وبغالبية الشعب اللبناني ولسنا مطالبين بوضع كشف حساب لاميركا».

وفي المقابل في القدس المحتلة رد مسؤول اسرائيلي ـ طلب اغفال ذكر اسمه ـ في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، على الموقف الذي عبرت عنه كنفاني، مهدداً دمشق بأن عليها «تحمّل مسؤولياتها» اذا آوت ودعمت مجموعات مناهضة لاسرائيل. وأضاف «لسنا نبحث عن التصعيد لكن اذا لم تتخذ سورية الاجراءات اللازمة لوقف الاعتداءات علينا انطلاقا من اراضيها فانها ستتحمل المسؤولية كاملة».

وتابع «اننا نتطلع الى السلام لكننا مارسنا حقنا في الدفاع عن النفس» في اشارة الى الغارة التي شنها الطيران الاسرائيلي الاحد على الاراضي السورية.

في هذه الأثناء، أكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع «أن الأمن في لبنان وسورية واحد» وأن ما يتعرض له أي بلد منهما يهم البلد الآخر والمنطقة ككل. واضاف الشرع في حديثه للمراسلين الصحافيين عقب استقباله وزير الإعلام اللبناني ميشال سماحة أمس انه بحث مع الوزير اللبناني العدوان الأخير على سورية والتطورات في المنطقة والعلاقات السورية اللبنانية، وجرى استعراض جميع القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية والتنسيق بين وزارتي الخارجية ووزارتي الإعلام في سورية ولبنان في مختلف المجالات.

وعما إذا كان هناك جديد نوقش في ضوء العدوان الإسرائيلي على سورية قال الشرع: «لقد تحدثنا عن كل شيء وهذه المواضيع أمور تهم البلدين، فالأمن واحد وبالتالي فإن ما يتعرض له أي بلد من البلدين يهم البلد الآخر، وإن الأمور لا تنفصل عن بعضها، لا العراق عن فلسطين ولا ما يسمى بـ«قانون المحاسبة» عن الضربة العسكرية الجوية الإسرائيلية، هناك ترابط بين ضوء أخضر هنا وضوء أخضر هناك ، لكن بالتأكيد فإن الخاسر هو من يبدأ بالعدوان مهما كانت قوته العسكرية». ورداً على سؤال حول ما سيسمعه رئيس الاستخبارات الأميركية لدى زيارته دمشق الأسبوع المقبل، قال الوزير الشرع «ليست لدي أية معلومات رسمية عن هذا الموضوع».

أما سماحة فكان قد صرح إثر اجتماعه مع نظيره وزبر الاعلام السوري أحمد الحسن بـ«ضرورة الإبقاء على كل التوازنات الرادعة في الإعلام والسياسة والحقوق وفي المحافل الدولية لردع إسرائيل عن الاستمرار في توسيع عدوانها»، معتبراً أن الإعلام «جزء أساسي من الفعل والعمل السياسي في مرحلة مواجهة هذا العدوان الذي يضع المنطقة في خطر». وأضاف الوزير اللبناني «جئت بتوجيه من فخامة رئيس الجمهورية العماد أميل لحود لنتداول ونتشاور في التنسيق الإعلامي والسياسي بين سورية ولبنان في هذه المرحلة الدقيقة وفي كل ما يتعلق بالأفق المستقبلي والمراحل المستجدة بفعل حكومة الحرب التي تقوم في إسرائيل».