المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في المغرب يعقد جلسة خاصة غدا لاستعراض الإصلاحات المتعلقة بحقوق المرأة

قيادي أصولي: الخطاب الملكي قدم مقاربة شمولية لرفع الحيف عنها وصيانة كرامة الرجل

TT

امتدح الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس الاصلاحات التي ادخلت على حقوق النساء في المغرب في مدونة الاحوال الشخصية (قانون الاسرة)، واعلنها العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء اول من امس. وقال انها تشكل «تقدما ضخما بالنسبة للمجتمع المغربي».

واعلن شيراك «لا يسع فرنسا الا ان تحيي الحكمة التي صممت بها هذه الاصلاحات» وذلك في خطاب امام نواب مجلسي البرلمان المغربي مجتمعين.

وبعد ان حيا «نفاذ بصيرة» الملك محمد السادس و«شجاعته» شدد شيراك على انه «للمرة الاولى في تاريخ الديمقراطية المغربية سيطرح على البرلمان موضوع بهذه الاهمية». واضاف «ان العمل التشريعي مقياس لحياة الامم ووضع المواطنين». وكان الملك محمد السادس قد اعلن اول من امس امام البرلمان اعتماد اصلاحات جوهرية في مشروع مدونة (قانون) الاحوال الشخصية. وبمقتضى الاصلاحات الجديدة التي ادخلت على المدونة الحالية اصبحت الزوجة متساوية مع زوجها في السهر على رعاية الاسرة، عكس مقتضيات المدونة الحالية التي تضع الاسرة تحت رعاية الزوج، كما تم اعتماد سن 18سنة كحد أدنى للزواج ينطبق على الفتاة والفتى بدل 15سنة للفتاة و18سنة للفتى. وتم اقرار المساواة بين البنت والولد المحضونين في سن اختيار الحاضن في 15سنة لكل منهما بدل 12سنة للبنت و15سنة للولد في المدونة الحالية. كما جعل مشروع المدونة الجديد الولاية في الزواج حقا للمرأة تمارسه الرشيدة حسب اختياراتها ومصلحتها، وبذلك تم استبعاد مفهوم الوصاية في الولاية في الزواج بالنسبة للمرأة، والذي يشكل في المدونة الحالية شرطا من شروط صحة عقد الزواج.

وحسب المشروع الجديد فقد تم التخلي عن مفهوم «طاعة الزوجة لزوجها» وعن «اشراف المرأة على البيت وتنظيم شؤونه»، كما تم التخلي عن التمييز بين الحقوق والواجبات الخاصة بـ«الزوجة على الزوج» وبـ«الزوج على الزوجة» والتنصيص بدل ذلك على الحقوق المتبادلة بينهما.

كما قيد المشروع الجديد التعدد بشروط شرعية صارمة تجعله شبه مستحيل، بحيث يمنع تعدد الزوجات في حالة الخوف من عدم العدل، كما ان للمرأة ان تشترط على زوجها عدم التزوج عليها، باعتبار ذلك حقا لها، كما اعطى الحق للمرأة المتزوج عليها في طلب التطليق للضرر. كما تم توسيع حق المرأة في طلب التطليق، نظرا للاخلال بشروط عقد الزواج، او للاضرار بالزوجة مثل عدم الانفاق او الهجر او العنف. وفي سياق ذلك، يعقد المجلس الاستشاري لحقوق الانسان غدا في الرباط اجتماعا خاصا يستمع خلاله لعرض يلقيه محمد معتصم، مستشار العاهل المغربي حول التوجهات العامة للاصلاحات التي تضمنها مشروع مدونة الاحوال الشخصية (قانون الاسرة).

الى ذلك، قال ادريس لشكر، رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب (مشارك في الحكومة) لـ«الشرق الأوسط»: ان الخطاب الملكي كان واضحا فيما يتعلق بمجموعة من القضايا التي كانت مطروحة من طرف مختلف شرائح المجتمع المغربي، وحملت ما وصفه بالمعاني الكاملة للعدالة بين افراد المجتمع سواء بين الطفل والمرأة والرجل. واعتبر مضمون الخطاب الملكي قفزة نوعية على المستوى القانوني والاجتماعي والسياسي لتحديث المجتمع وضمان اقامة علائق متوازنة وعادلة بين مختلف شرائحه من دون تمييز بسبب الجنس.

وبخصوص كيفية تعامل فريقه مع هذا المشروع، اكد ادريس لشكر على ضرورة تقدير البرلمانيين للالتفاتة الملكية الكريمة على اعتبار انه لاول مرة سيطرح هذا القانون على انظار البرلمانيين بعد تبني العاهل المغربي الملك محمد السادس للاصلاحات التي عرفتها اللجنة الملكية الاستشارية.

ومن جهته، قال مصطفى الرميد رئيس فريق العدالة والتنمية لمجلس النواب (اصولي معارض) ان الخطاب الملكي تضمن لحظة قوية حينما قال الملك: «لا يمكنني بصفتي اميرا للمؤمنين، ان احل ما حرم الله او احرم ما احله» وبهذا المنطق يرى ان للاقتراحات الملكية جذورا في الاجتهاد من منطلق الاحكام الشرعية ومقاصد الشريعة التي تستهدف رفع الظلم والحيف.

واعتبر ان الخطاب الملكي قدم مقاربة شمولية للموضوع يرمي الى رفع الحيف عن المرأة وصيانة كرامة الرجل، مشيرا الى ان العاهل المغربي الملك محمد السادس اراد في اطار قاعدة «شاورهم في الامر» اشراك المؤسسة التشريعية قصد التدبير في مضامين المدونة الجديدة. وأكد الرميد ان فريقه مبدئيا سيكون مع مضامين ومقتضيات المدونة الجديدة، وسيقوم بدراسة وافية لها لتبقى تفاصيلها محط نقاش كما جرت العادة في كل مشروع قانوني يعرض على البرلمان.