روسيا تؤكد لـ«الأطلسي»: سنستخدم الضربات الوقائية إذا اضطررنا إليها

القيادة الروسية أعدت عقيدة عسكرية جديدة تشدد على حق موسكو في استخدام صواريخ حاملة للرؤوس النووية لم تنشر أبداً

TT

في الوقت الذي تسعى موسكو للتقليل من احتمال تشكيلها تهديداً نووياً جديداً ضد حلف شمال الاطلسي «ناتو»، اوضح الكرملين هذا الاسبوع انه على استعداد لشن غارات وقائية ضد اي تهديدات مؤكداً انه سيستمر في نشر الترسانة النووية الضخمة لمواجهة حالات عدم الاستقرار على الحدود الروسية.

وتشير العقيدة العسكرية الروسية الجديدة، الخاصة بالاستعدادات العسكرية في القرن الحادي والعشرين والتي عرضت على مسؤولين عسكريين في الناتو في كولورادو بالولايات المتحدة، الى ان حربا واسعة النطاق مع الولايات المتحدة او دول حلف الاطلسي اصبحت ولاول مرة «مستبعدة من منظور الصراعات الاكثر احتمالا».

لكن رغم ذلك، تشدد النظرية على حق روسيا في الاستعداد لمواجهة عدد متزايد من الصراعات، مثل الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في العراق، والحروب التي تشن من منطلقات مصالح اقتصادية او مصالح الشركات المتعددة الجنسيات، اكثر من شنها بناء على معطيات الامن القومي.

يشار الى ان الارهاب وعدم الاستقرار في دول الاتحاد السوفياتي السابق يعتبر من اكبر المخاطر العسكرية التي تواجهها روسيا بعد انتهاء الحرب الباردة. واكد المسؤولون الروس هذا الاسبوع ان نوع العمليات الوقائية التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة في العراق، واثارت انتقدات حادة في موسكو، قد تلجأ اليها ايضاً القوات المسلحة الروسية.

وقال وزير الدفاع الروسي سيرجي ايفانوف في اجتماع اخير للقيادة الروسية في موسكو «ان طبيعة التهديدات الخارجية المعاصرة تتطلب من القوات المسلحة الروسية ان تصبح قادرة على القيام بعديد من المهام في مناطق مختلفة من العالم، ولا يمكننا ان نستبعد تماما الاستخدام الوقائي للقوة اذا تطلبت ذلك مصالح روسيا او التزاماتها مع حلفائها». ويمكن تطبيق مثل هذه العمليات في جورجيا، حيث كانت روسيا اشارت الى ان المقاتلين الشيشان استخدموا اقليم بنكيسي الواقع في هذه الجمهورية ضد روسيا.

وبالاضافة الى تحديث جيشها الذي يضم 1.16 مليون جندي وتجديد دفاعاتها الجوية ضد الانتشار المتزايد للحرب الجوية المتقدمة تكنولوجيا، فإن روسيا ستستمر في الاعتماد على ترسانتها النووية كقوة ردع، ليس ضد الغرب، وانما ضد الدول القريبة من حدودها مثل كوريا الشمالية وايران التي تسعى الى تطوير ترسانتها النووية.

وقال المحللون ان روسيا تشعر بقلق متزايد بخصوص الجمهوريات الصغيرة المضطربة في آسيا الوسطى، حيث يمتزج التطرف الاصولي مع الصراعات العرقية والحكومات الضعيفة ليشكل تهديدا مستمرا.

وقد دقت روسيا ناقوس الخطر في الغرب هذا الاسبوع عندما حذرت بأن موسكو تتوقع من حلف الاطلسي متابعة التوجهات الحالية نحو التعاون، في اشارة الى ان روسيا لا تزال تشعر بالقلق من توسع الناتو بالقرب من حدودها، لا سيما اثر دعوة عدد من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق للانضمام الى الحلف.

وتشير النظرية الروسية الى انه «في حال ظل الناتو تحالفا عسكريا طبقا للنظرية الهجومية العسكرية المعاصرة، فسيتطلب الامر اعادة بنية شاملة للتخطيط الدفاعي الروسي ومبادئ تطوير القوات المسلحة الروسية، بما في ذلك تغيير الوضع النووي الروسي».

وقدم ايفانوف في اجتماعه مع قيادات حلف الاطلسي هذا الاسبوع ضمانات بأن روسيا لا تعتبر الناتو حلفا عدوانيا. وقال مسؤول عسكري روسي كبير في موسكو للصحافيين ان «الاولوية هي الحفاظ على السلام ومنع الحرب النووية». واضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: «لكن اذا وقع عدوان ضد روسيا، فإن روسيا تحتفظ بحق شن عمليات في اراضي دول اخرى، لانه من الواضح ان الدفاع لا يحل كل القضايا»، و«من الخطأ الحديث عن سياسة نووية جديدة للاتحاد الروسي».

لكن رغم ذلك، فإنه من الواضح ان روسيا لا تنوي التقليل من التأثير المحتمل لقوة الردع لقواتها الاستراتيجية. وقد اوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء في موسكو للكشف عن النظرية الجديدة، حقيقة ان روسيا لا تزال تحتفظ باحتياطي كبير من صواريخ «يور ـ 100 ان. يو» الاستراتيجية، كل منها يمكنه حمل عدة رؤوس حربية نووية تملك قدرة لا يمكن مضاهاتها لهزيمة شبكات الدفاع الصاروخي.وقال المحللون ان الصواريخ لم تعبأ ابدا بالوقود ولم تنشر.

وقال مسؤولون روس هذا الاسبوع ان النظرية تعكس الحاجة للرد على اعلان ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تطوير جيل جديد من الاسلحة النووية الميدانية القليلة المردود.

جدير بالذكر ان النظرية، التي اعدتها وزارة الدفاع ووافق عليها بوتين، باعتبارها تعديلا على النظرية العسكرية التي اعتمدت عام 2000، لم تقر رسمياً بعد. الا ان المحللين قالوا انه من شبه المؤكد انها ستوجه السياسة العسكرية للكرملين، وان الحديث المتشدد حول الصواريخ وقوة الردع يقدم موقفا سياسيا شعبيا للمواطنين في الوقت الذي يسعى فيه بوتين الى اعادة انتخابه لفترة رئاسية اخرى العام المقبل.

*خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»