منتدى الرياض الاقتصادي يطرح سبل المشاركة النسائية في التنمية

TT

تناولت جميع الأطروحات التي قدمت خلال منتدى الرياض الاقتصادي الأخير، الصعوبات والعوائق التي تعترض طريق الاستثمار النسائي في السعودية، والحلول المقترحة لعلاجها بما يتواءم مع متغيرات العصر. غير أن المتابع لما قُدم يستطيع أن يلحظ أن جميع المشاركات أجمعت على قضيتين أساسيتين: ضرورة إيجاد بدائل فعلية آمنة لتنقلات السعوديات العاملات في القطاع الحكومي أو الخاص، وتمكين المرأة من الإشراف المباشر على أعمالها الخاصة دون الحاجة لوكيل شرعي.

كانت البداية مع سليمان المنديل عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الرياض، الذي قدم من خلال ورقته «بيئة الاستثمار في السعودية الواقع والتحديات» جملة من القضايا الشائكة حول بيئة الاستثمار في المملكة، وضمنها بعض العوائق التي تواجه المستثمرات السعوديات مثل عدم وجود إدارات نسائية بالأجهزة الحكومية وأشتراط الوكيل الشرعي ووجود قوانين تحد من استثمار المرأة في قطاعات معينة، مع عدم إمكانية مقابلة المرأة للوفود التجارية الأجنبية، إضافة إلى عدم قدرة المرأة على مراجعة أعمالها بنفسها، وعدم قيام البنوك بتهيئة فرص القروض للمستثمرات، وكذلك صعوبة السفر وإحضار العمالة المناسبة وهي أشياء تعتبر من المعوقات التي تحد من الاستثمار النسائي.

وطالب المنديل بتمكين المرأة من ممارسة أعمالها والإشراف عليها بنفسها، والتعامل مع الدوائر الحكومية مباشرة، وإلغاء شرط الوكيل الشرعي. مشددا على أن معالجة صعوبة التنقل بالنسبة للمرأة لمتابعة العمل في المشاريع الخاصة بها من الأمور المهمة لتحسين البيئة الاستثمارية، والتي من شأنها فتح المجال أمام الاستثمار النسائي في السعودية.

من جانبه طالب خالد القحطاني عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشرقية، في معرض حديثه عن آليات تطوير منشآت الأعمال الصغيرة، بأهمية إنشاء هيئة عليا لدعم هذه المنشآت وتخصيص وحدة لخدمات السيدات، تكون مهمتها منح التراخيص، وتقديم الدعم والمشورة لسيدات الأعمال، وتقديم العون اللازم لهن على اعتبارهن ركيزة من ركائز التنمية وبما ييسر عليهن إنشاء وتطوير المنشآت الصغيرة، والمشاركة والاستفادة من كافة برامج الدعم التي تقدمها الهيئة دونما تعارض مع القيم والتقاليد السائدة في المجتمع. و جاءت مشاركة الدكتور إلهام الدخيل الأستاذة في كلية التربية بالرياض، عبر ورقتها «واقع وتحديات مشاركة المرأة في التنمية وقطاع الأعمال» عاصفة، كونها حملت هموم السعوديات العاملات في القطاع الحكومي والخاص، حيث سلطت الضوء على خريجات التعليم وعدم ملاءمتهن لسوق العمل، ونسبة السعوديات العاملات في القطاع الخاص ومقارنة ذلك بعدد الرجال، كما تطرقت إلى حال السجلات التجارية المملوكة لرجال ولكنها بأسماء نسائية في خطوة للتحايل على النظام، مختتمة حديثها بتبيان حجم المبالغ العائدة للنساء في بنوك نسائية ولكنها غير مستثمرة. واوضح المحامي والمستشار القانوني عبد العزيز القاسم عبر ورقته «البيئة التشريعية في السعودية» القوانين المعمول بها في البلاد والخاصة بعمل المرأة، والكيفية التي يجب أن تكون عليها أثناء ممارستها لأعمالها.

ولم يغفل القاسم الإشارة إلى أن حق المرأة في ممارسة حقوقها العملية حيث تعترضه بعض الصعوبات مثل: عدم تنظيم قواعد عمل المرأة، ومنها التعارض بين التشريعات والممارسة العملية. كما طالب المهندس عبد الله الربيعان الرئيس التنفيذي لشركة أراسكو بضرورة توسيع مشاركة القطاع الخاص «رجالا ونساء» في رسم أهداف وسياسات استراتيجية التنمية الوطنية وخططها الخمسية.

أما الدكتور عبد الاله المؤيد عضو مجلس إدارة غرفة الرياض فأرجع أسباب البطالة النسائية السعودية إلى عدم تنمية قطاع الأعمال النسائي بشكل يناسب طبيعة المرأة المواطنة ويوائم بين قدراتها واحتياجاتها.

وبين أنه لا يمكن وضع حلول منطقية لمشكلة البطالة ووضع سوق العمل موضع الدراسة من دون أن تكون هناك تنمية ودراسة مستفيضة لقطاع الأعمال النسائي، الذي ما زال في حاجة لبحوث متخصصة كي يسير على المسار الاقتصادي الصحيح. مفيدا، أنه لنجاح أية دراسة أو خطة لا بد من المزج بين الأهداف الاستراتيجية على المستوى الحكومي والأهداف المحورية للقطاعات الأهلية، وذلك للتوفيق بين الأهداف الحكومية والغايات الربحية. وشدد المؤيد على أن إسهام المرأة السعودية في سوق العمل لن يتم ما لم تلغ بعض الأنظمة والاجراءات، حيث أن هناك تشريعات تمارس على عمل المرأة غير مشمولة في النظام والقانون هي في الأصل هلامية غير محسوسة وتتسبب بتدني مشاركة المرأة في سوق العمل المحلي، وتسرب الرساميل النسائية لأسواق الأعمال والمال الأجنبية.

وحدد المؤيد أهم الخطوات التي من شأنها زيادة الحصة النسائية في سوق العمل في إقرار فكرة العمل عن بعد للنساء لزيادة فرصهن الوظيفية في أعمال السكرتارية والترجمة والدراسات البحثية والأعمال الاحصائية. وتحديث شامل للقوانين والأنظمة التي تضبط عمل المرأة للخروج بلوائح قانونية جديدة تساهم في التوظيف الأمثل لرؤوس الأموال النسائية، وتفتح فرصا وظيفية جديدة أمام الراغبات في العمل. وتحسين وسائل المواصلات العامة وايجاد بدائل نقل للمرأة العاملة. وإنشاء مدن صناعية قريبة من المدن لتمهيد قيام مصانع نسائية خاصة في الصناعات الخفيفة والغذائية والقريبة من طبيعة المرأة. إنشاء لجنة وطنية استشارية حول قضايا المرأة والتنمية في إطار مخطط خطة التنمية الثامنة للتنمية، لإعداد استراتيجيات خاصة بالمرأة في إطار مخطط خطة التنمية الخمسية القادمة.