اشتباكات دامية بين ميليشيا الصدر وأنصار السيستاني للسيطرة على حرمي الإمامين الحسين والعباس في كربلاء

المراجع الدينية في النجف تحض الطرفين على حقن الدماء وتفادي فتنة يدفع إليها أتباع النظام المخلوع

TT

شهدت مدينة كربلاء أمس اشتباكات دامية بين الأهالي ومجموعة مسلحة تابعة للزعيم الديني المثير للجدل مقتدى الصدر، راح ضحيتها خمسة قتلى على الاقل والعديد من الجرحى حالة بعضهم خطيرة.

وقال مسؤولو مستشفيات ان الاشتباك اسفر عن اصابة 21 شخصا وكان طرفاه مسلحين ببنادق الكلاشنيكوف. لكن شاهد عيان قال انه رأى سبع جثث.

وقال شهود عيان ان الاشتباك وقع عندما حاول مائة من عناصر «جيش المهدي» التابع للصدر مساء اول من امس الاستيلاء على ضريحي الإمامين الحسين والعباس في كربلاء. واصيب عدد من الأشخاص من سكان كربلاء المدنيين الذين يرجح ان المسلحين بينهم كانوا من انصار آية الله علي السيستاني حيث قرروا منعهم من الدخول باغلاق ابواب الضريحين. ويعد السيستاني المرجع الاكبر للشيعة في الوقت الحاضر.

ووقع الحادث بينما كان الصدر يعقد مؤتمرا صحافيا في النجف لتقديم تفاصيل بشأن «حكومة» اعلن عن تأسيسها يوم الجمعة الماضي لتحل محل مجلس الحكم الانتقالي العراقي.

وتم اخراج عناصر ميليشيا الصدر منتصف نهار امس من المسجد من قبل انصار السيستاني والشرطة العراقية. وتوجه عناصر الميليشيا الى منطقة بوبيات الزراعية حيث جرت مطاردتهم. وقال الشهود ان الفرقة المتعددة الجنسيات المكلفة الاشراف على المنطقة بقيادة بولندية لم تتدخل في الحادث.

ودعا ممثل السيستاني في كربلاء عبد المهدي الكربلائي مختلف الاطراف الى وضع السلاح وتفادي الانقسام بين الشيعة.

وقال شاهد العيان الشيخ محمد كنعاني «ما زال هناك جرحى داخل المنطقة لكن الجو متوتر بحيث لا يمكن نقلهم».

واضاف كنعاني، وهو رجل دين يقول انه لا ينتمي لأي من الفصيلين «بعد ان اعلن مقتدى الصدر حكومته اراد اتباعه السيطرة على الضريح وكان انصار السيستاني هم الذين يسيطرون عليه وهذا ما اثار الاشتباك».

وفي ضواحي بغداد، اقام الجنود الاميركيون المزيد من نقاط التفتيش في مدينة الصدر (الثورة) امس في محاولة لمنع انصار الصدر من التوجه الى كربلاء للمشاركة في المواجهات.

وحاول رجل مساء اول من امس في الكوفة التسلل بشحنة ناسفة الى مسجد المدينة الذي يتخذه الصدر مقرا له. وقال مسؤولان في المسجد ان الحراس اعتقلوا رجلا كان يحاول ادخال عبوة ناسفة الى المسجد. واوضح الشيخ فؤاد الطرفي مسؤول مكتب الصدر في كربلاء وقائد عجيل رئيس حرس المسجد انه تم العثور على عبوة ناسفة قبل يوم في محطة وقود قريبة من المسجد. وقال الشيخ الطرفي «لدينا معلومات من مصدر موثوق به حصلنا عليها من الاشخاص الذين اعتقلوا تفيد بان هناك العديد من العبوات الناسفة وضعت في مسجد الكوفة ومحيطه. ونحن بصدد البحث عن هذه العبوات».

وقال نزار حيدر المحلل السياسي ومدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» ان المعلومات التي بحوزته «تؤكد بان عناصر من فلول النظام البائد كانت قد استعدت قبل ثلاثة أيام لاثارة الفتنة في هذه المدينة المقدسة التي أمها قبل يومين أكثر من خمسة ملايين حاج لزيارة قبر الحسين في يوم الخامس عشر من شعبان ذكرى ولادة الإمام الثاني عشر عند الشيعة». وأضاف ان هذه العناصر «كانت قد هربت كمية من الأسلحة الى داخل المدينة لاثارة الفتنة وأعمال الشغب، بعد ان تناهى الى مسامعها عزم جماعة الصدر على السيطرة على مرقدي الحسين والعباس وكذلك على الأوقاف الدينية في المدينة، مما يعني احتمالات الاصطدام مع الأهالي، الذين افشلوا في وقت سابق خطة مماثلة، عندما حاولت نفس المجموعة قبل حوالي شهرين الاستيلاء على الأوقاف والمرقدين الطاهرين».

وعزا حيدر سبب المشكلة الى فشل جماعة الصدر في اقناع أهالي مدينة كربلاء بأحقيتهم في الادارة الدينية للمدينة وتقلص نفوذهم فيها ومنعهم من أداء صلاة الجمعة في الحرم الحسيني الذي ظلوا يقيمون فيه صلاة الجمعة لفترة زمنية قبل ان يمنعهم عنها الأهالي قبل حوالي الشهر.

وطالب حيدر المرجعية العليا في مدينة النجف الاشرف وخاصة آية الله السيستاني باصدار فتوى دينية تحرم الاقتتال واستخدام العنف في حل القضايا والمشاكل مهما كان نوعها، ليتميز المتدينون عن غيرهم من الذين يتلبسون الدين لاثارة الفتن والاضطرابات من خلال التوظيف السيئ للدين واستخدامه كمظلة للقيام بأعمالهم المرفوضة والمنافية لتعاليم الاسلام التي تدعو الى السلم والتآخي والحوار والتعايش ونبذ العنف والتجاوز على حقوق وكرامة الآخرين. وفي شأن الحكومة الموازية التي اعلنها الصدر، قال ممثله في بغداد ان هذه «الحكومة» ستكون انتقالية وستعمل وفق الشريعة الاسلامية لكن «وفق نموذج عراقي فريد» لتعمل على ادارة العراق باكمله.

وقال الشيخ عباس الربيعي «هناك فراغ سياسي وسنملأه. ستكون هذه الحكومة انتقالية وعندما تستقر الاوضاع يمكننا تنظيم انتخابات. ان حكومتنا يفترض ان تحكم كل العراق وليس الشيعة فقط»، معلنا رفضه اقامة دولة فيدرالية كما يريد الاكراد. واضاف «ككل شيء في الحياة سيكون لهذه الحكومة لون ديني بما في ذلك وزارة النفط. لكني لا اتصور اقامة حكومة متطرفة»، مشيرا الى ايران وحكم طالبان في افغانستان.

وبشكل اوضح قال متحدث آخر باسم الصدر في كربلاء خالد الكاظمي «ان هذه الحكومة ستعمل وفق الشريعة» الاسلامية. واضافة الى «وزارات» الداخلية والمالية والخارجية ستضم هذه «الحكومة» ايضا «وزارة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر» التي ذاع صيت نظيرتها ايام طالبان خاصة بسبب اجبار النساء على ارتداء البرقع وملازمة البيت. واوضح الربيعي «هذه الوزارة ستعلم الناس افضل طريقة سلوك في المجتمع من دون المساس بحريتهم».

وقال ممثل السيستاني في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي «ليس هذا التوقيت الجيد» لاعلان تشكيل «حكومة» موازية، موحيا بانعكاسات ذلك السلبية على الطائفة الشيعية بمجملها. غير انه اضاف «من الخطأ الاعتقاد ان النزاع مع الاميركيين لا يعني الا انصار مقتدى الصدر. هو ايضا مع مراجع الحوزة. الوقت يمضي والعراقيون يفقدون صبرهم. على الاميركيين المغادرة فورا».

واتهم بعض سكان كربلاء مقتدى الصدر بأنه "حرض" رجاله للسيطرة على الضريحين من اجل الاستيلاء على الهبات الضخمة التي تجمع في هذين المقامين، لتمويل ميليشيا "جيش المهدي". وقال أحدهم "ان رعاع مقتدى يريدون السيطرة على هبات المؤمنين للتسلح.. ما كدنا ننتهي من صدام حسين اتانا مقتدى".