مسؤولون استخباراتيون: سعد بن لادن يشارك في قيادة «القاعدة» من إيران تحت حماية «فيلق القدس»

طهران تنفي مجددا وجود قادة التنظيم لديها ولا تستبعد دخول بعض العناصر إلى أراضيها «متسللين»

TT

أكد مسؤولون اميركيون واوروبيون وعرب ما كانت «الشرق الاوسط» نشرته عن وجود سعد بن لادن، النجل الاكبر لاسامة بن لادن، في ايران ومشاركته من هناك في قيادة تنظيم «القاعدة». واوضحت المصادر الاستخباراتية الاميركية والاوروبية ان سعد وغيره من كبار نشطاء «القاعدة» كانوا على اتصال بخلايا «القاعدة» في الرياض في الايام التي سبقت التفجيرات التي شهدتها العاصمة السعودية في 12 مايو (ايار) الماضي واوقعت 35 قتيلاً بينهم 8 اميركيين. ولم تكشف المصادر عن طبيعة او مضمون تلك الاتصالات الا ان تلك الاتصالات جعلتها تعتقد بأن هجمات الرياض خطط لها في ايران وصدرت الاوامر بتنفيذها من هناك.

ورغم ان سعد بن لادن لم يرق الى مستوى القائد الاعلى لشبكة «القاعدة» فإن مشاركته في صنع القرار تكشف ثقة والده فيه ورغبته في نقل القيادة الى احد ابنائه، حسبما قال عدد كبير من محللي شؤون الارهاب داخل وخارج الحكومة الاميركية. ومثل باقي قادة «القاعدة» في ايران فإن سعد، 24 سنة، يتمتع بحماية قوة خاصة ايرانية موالية للمؤسسة الدينية الحاكمة لكنها غير خاضعة لسلطة حكومة الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي، وفق ما ذكرته المصادر الاستخباراتية الغربية. وهذه القوة الخاصة المعروفة باسم «فيلق القدس» قيدت من تحركات «القاعدة» وخصوصاً على الحدود مع افغانستان.

ويتولى «فيلق القدس» ايضا حماية سيف العدل، المسؤول العسكري في «القاعدة» وعبد الله احمد عبد الله المسؤول المالي في المنظمة اضافة الى قادة آخرين يعتقد ان عددهم يتجاوز العشرين. ويعتبر سيف العدل وعبد الله (وكلاهما مصريان) مساعدين رئيسيين لابن لادن ونائبه ايمن الظواهري، الذي يتصل بنوابه فقط عن طريق البريد.

وقد اثار وجود سعد بن لادن وغيره من قادة «القاعدة» في ايران نقاشاً داخل الحكومة الاميركية «حول افضل السبل الكفيلة بخفض الدعم الايراني للارهاب». وقد وجه مسؤولون اميركيون تحذيرات حادة الى طهران مفادها ان حماية قادة «القاعدة» ستؤثر على ايران المدرجة اصلاً أميركياً ضمن «محور الشر».

ويعتقد مسؤولون استخباراتيون انه على الرغم من ان وزارة الخارجية الاميركية تتطلع لتجديد المحادثات مع ايران حول عدد من القضايا، وخصوصاً حول برنامجها النووي، فانه ليس واضحاً ما اذا كان بمقدور الحكومة المدنية في ايران الالتزام بتعهداتها لا سيما اذا كان ذلك يتضمن تسليم قادة «القاعدة». واشار محلل استخباراتي اميركي الى ان «ايران ستستمر في متابعة استراتيجية غير متناسقة تسعى من خلالها الى الحصول على القبول الغربي من جهة والابقاء على توفير الدعم للجماعات الاصولية المتشددة من جهة اخرى».

كذلك، فان السعودية تحاول اقناع ايران بتسليم المشتبه في تورطهم في اعتداءات الرياض. ويقدر المسؤولون السعوديون عدد اعضاء «القاعدة» في ايران بحوالي 400 شخص. وكان الامير بندر بن سلطان سفير السعودية لدى واشنطن قد قال في حديث لصحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل» الاميركية الشهر الماضي: «يجب ان يكون هناك شخص ما يساعد هؤلاء الناس في ايران. السؤال من هو؟ هذه هي المشكلة مع ايران، الناس الذين يمكننا التعامل معهم لا يستطيعون تنفيذ الالتزامات، والناس الذين يمكنهم تنفيذ الالتزامات غير مهتمين».

وبدورها، نفت طهران امس نفيا قاطعا ان يكون سعد بن لادن يقود نشاطات «القاعدة». وصرح الناطق باسم الحكومة الايرانية عبد الله رمضان زاده: «لقد قلنا وكررنا اننا لن نسمح ابدا بمثل هذه النشاطات في ايران وقد اتخذت اعلى سلطات البلاد هذا القرار وان هذه المعلومات محض كذب»، مضيفاً «ان كافة اجهزة الامن في العالم اجمع تعرف ان هذه المعلومات غير صحيحة». الا انه اشار الى انه من «الصعب» مراقبة حدود يبلغ طولها 1900 كلم مع افغانستان وباكستان وان في «بعض الاحيان قد تتمكن بعض العناصر المشتبه في تعاونها مع القاعدة من دخول ايران بالتسلل»، و«اننا نطلب من كافة الاجهزة الامنية في العالم اجمع ومن اي شخص يملك معلومات حول هؤلاء المشتبه فيهم بان يقدموها. فبعد التحقق منها سنوقفهم».

وجدير بالذكر ان سعد كان الى جانب والده في افغانتسان منذ ان كان طفلاً خلال الثمانينات عندما شكل والده «القاعدة». وقد تم اعداده لتولي دور قيادي في المنظمة. ويتحدث سعد الانجليزية بطلاقة وله خبرة في الكومبيوتر. ويبدو ان قدراته، اضافة الى انتمائه العائلي، كلها عززت اهميته وجعلت يترقى في السلم الهرمي بالشبكة.

وكان سعد قد برز فقط في الآونة الاخيرة كعنصر مهم في «القاعدة» لدى الاستخبارات الاميركية. وقد تولى دوراً اكبر عقب وصوله الى ايران العام الماضي، الى حد اعتباره من كبار القادة. واشار محللون الى انه قبل ذلك، كان يجلس مع والده في اجتماعات القيادة بدون ان يكون له دور في المناقشات ونادراً ما كان يتحدث. ويعتقد العديد من الخبراء، انه، مثلاً، لعب دورا مباشرا في تنسيق التفجيرات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في 16 مايو (ايار) الماضي موقعة 45 قتيلاً.

وقال كينيث كازمان، محلل شؤون الارهاب في «هيئة ابحاث الكونغرس» ان سعد «كان يعد كبديل لوالده. ولان والده اصبح معزولا، فإن العديد من الناس يتطلعون الى سعد لاعطائهم تعليمات مباشرة».

وفي الوقت الذي يوجد فيه اتفاق عام على ان دور سعد في «القاعدة» ازداد اهمية خلال الاشهر الستة الماضية، فان هناك خلافاً حول ما اذا كان قد اصبح قائد عمليات كبيراً. وقال مسؤول استخباراتي اميركي ان سعد «يلعب دورا اكبر من غالبية باقي اخوانه، ولكنه ليس بهذه الاهمية».

ومن جانبهم، قال مسؤولون استخباراتيون اوروبيون ومحللون مستقلون ان سعد بن لادن، وإن لم يكن من كبار قادة «القاعدة»، فإنه يساهم في اتخاذ قرارات اساسية تتعلق بالعمليات وهو جزء هام من الشبكة اللوجستية. ويعتقد بعض المحللين انه كان قريبا للغاية من خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 والذي اعتقل في مارس (آذار) الماضي. وقال روهان غوناراتنا مدير ابحاث الارهاب في معهد الدراسات الدفاعية والاستراتيجية في سنغافورة ان «سعد قادر على شن هجمات ضد الغرب لانه يعرف الغرب معرفة جيدة. وكان سعد قريبا للغاية من والده، وكان حارسه الخاص تقريبا».

وقضى سعد، المولود في السعودية، بعض الوقت مع والده في افغانستان خلال الحرب ضد الاحتلال السوفياتي. وعاد والده الى السعودية عام 1989 لكنه غادرها عام 1991 ليستقر في السودان. وصاحبه سعد مرة اخرى. وعندما عاد اسامة الى افغانستان عام 1996 كان سعد معه. وطبقا لخبير في شؤون الارهاب هناك شريط فيديو لاسامة بن لادن يذكر فيه اعضاء «القاعدة» بعدم توقع حصول اولادهم على مناصب قيادية في المنظمة الا اذا رغب الاولاد في ذلك. الا ان اسامة امتدح جهود سعد وقال انه فخور به. وقال غوناراتنا ان تحليلات محادثات اجراها اسامة بن لادن بالهاتف الذي يعمل بالاقمار الصناعية، بين عامي 1996 و1998 تظهر ان اكثر من 10 في المائة منها كانت الى ايران، مما يظهر استمرار الاتصالات مع ايران خلال تلك الفترة. وقال المسؤولون ان هناك ادلة على ان عماد مغنية، احد كبار المطلوبين في العالم، كان همزة وصل بين المتشددين الايرانيين و«القاعدة».

وطبقا لشهادات نشطاء سابقين في «القاعدة» معتقلين حالياً، فإن مغنية التقى بن لادن عدة مرات في السودان في منتصف التسعينات ووافق على تدريب مقاتلي «القاعدة» على المتفجرات وغيرها من الاساليب مقابل الحصول على اسلحة. وقد قدم عضو في «فيلق القدس» هرب الى بريطانيا مطلع العام الحالي معلومات عن نشاط مغنية. وفي مقابلة اجرتها معه «الشرق الاوسط» في فبراير (شباط) الماضي، قال هذا الشخص، واسمه حميد ذاكري، ان مغنية ظل في ايران و«خطط شخصيا لفرار عشرات من رجال «القاعدة» الى ايران». وقال ذاكري، ان مغنية عمل «كضابط اتصال مع الدكتور الظواهري ومع قادة منظمات اصولية اخرى»، مضيفاً ان من بين الذين ساعدهم مغنية اصغر زوجات اسامة بن لادن امل السادة وطفلها الرضيع، اللذين وفر لهما الانتقال من افغانستان الى ايران ومنها الى وطنها في اليمن مع بداية القصف الاميركي على افغانستان. وقالت مصادر استخباراتية اوروبية انه تم التأكد من معظم معلومات ذاكري.