تعليمات للمطارات الأميركية بتشديد الفحص الشعاعي بحثا عن دمى وسترات ووسائد مشبوهة في أمتعة المسافرين

وزارة الأمن الداخلي أشارت في تحذير الى معلومات استخباراتية تفيد بلجوء «القاعدة» إلى حشو هذه المواد بالمتفجرات

TT

صدرت توجيهات الى اجهزة الامن في المطارات الاميركية ومطارات دول اخرى بالتدقيق في الفحص الشعاعي لأمتعة المسافرين تحسبا لمحاولات تهريب وسائد وسترات وحتى لعب أطفال محشوة مثيرة للشبهات. وجاءت التعليمات اثر تلقي اجهزة الاستخبارات الاميركية معلومات تشير الى تلقي عناصر في تنظيم «القاعدة» تدريبا على اخفاء مواد كيماوية متفجرة داخل دمى وسترات ووسائد بغرض تحويلها الى قنابل. فقد كشف تحذير لوزارة الامن الداخلي الاميركية ارسل في اغسطس (آب) الماضي الى مسؤولي الامن في مختلف الدول ان مسؤولي اجهزة الاستخبارات الاميركية توصلوا الى عدة مؤشرات تدل على احتمال لجوء تنظيم «القاعدة» الى استخدام مادة كيماوية تسمى «نيتروسيليلوز» في مواد متفجرة يمكن تهريبها داخل الطائرات. وورد في التحذير الذي اصدرته وزارة الامن الداخلي في 8 اغسطس الماضي ان «الوزارة تعتقد ان هذا النوع من التهديد يعتبر حقيقيا ومستمرا». كما اشار التحذير ايضا الى ان «تقارير مستمرة من مصادر موثوقة ومستقلة تشير الى ان تنظيم «القاعدة» يعمل على تدريب عناصر لصنع هذا النوع من القنابل». وحسب التحذير فان كتيبات إرشادية للتدريب تمت مصادرتها من مواقع لتنظيم «القاعدة» اظهرت مدى تطور التحضيرات في هذا المجال. ويقول خبراء متفجرات ان القوة التفجيرية لقنبلة «النيتروسيليلوز» تعتمد على عدة عوامل، لكنها تعتمد بصورة اساسية على إحكام وضع هذه المادة، التي تشبه المواد القطنية، في وعاء أو داخل مساحة محددة. وأضاف الخبراء ان إشعال النار في قطع رقيقة من هذه المادة يمكن ان تشعل اللهب بسرعة وتنطفئ ايضا بنفس السرعة، إلا ان الحشوات أو اللفافات الكبيرة من هذه المادة الموضوعة بإحكام داخل وعاء أو جسم يمكن ان تحدث تفجيرا مدويا. ويقول غريغوري باور، المدير السابق لرابطة محققي وفنيي المتفجرات، ان تفجير هذه المادة بالقوة اللازمة يتطلب وضعها بإحكام داخل وعاء او مساحة محددة، وأضاف ان تنفيذ هذه العملية يتطلب وجود شخص متدرب وعلى معرفة تامة بما يفعل. وجاء في التعليمات التي اصدرتها وزارة الامن الداخلي الاميركية ان مواد مثل الأزرار والسحابات أو ساعات اليد يمكن استخدامها بحشوها بصورة محكمة بمادة «النيتروسيليلوز» كعنصر إشعال لإحداث تفجير. واوضح باور، الذي تقاعد عام 2000 بعد 23 عاما من العمل في فريق المتفجرات التابع لشرطة ميلواكي، انه سمع باحتمال إقدام ارهابيين على استخدام مادة «النيتروسيليلوز» وأشار الى ان قابليتها للاحتراق والانفجار اشبه بالمسحوق الاسود، وهو مزيج من نترات البوتاسيوم أو الصوديوم والفحم والكبريت، الذي يستخدم كوقوع في الذخائر. وفيما يقول مسؤولون اميركيون ان اجهزة المسح الشعاعي للحقائب والامتعة لا تستطيع كشف مادة «النتروسيليلوز»، تشير تقارير اخرى الى ان السلطات الامنية يمكن ان تستخدم ايضا تقنية اخرى تستخدم فيها اجهزة فحص الامتعة لمسح حقيبة يد أو سترة، على سبيل المثال، بقطعة من القطن او الشاش ثم إدخال قطعة القطن أو الشاش داخل جهاز خاص يقوم بدوره بتسخين هذه القطعة بغرض معرفة ما اذا كانت هناك متفجرات او مخدرات وذلك من خلال البخار الناتج من عملية تسخين قطع القطن أو الشاش. يشار الى ان ادارة امن المواصلات التابعة لوزارة الأمن الداخلي قد اشترت العديد من هذه الاجهزة العام الماضي كجزء من جهود كشف المتفجرات في الامتعة التي تم فحصها. ويمكن مادة «النيتروسيليلوز»، التي تسمى ايضا بنترات السيليلوز، من خلال مزج القطن او أية مادة شبيهة به مع حامض النتريك وحامض الفوسفوريك وهي مواد لها استخدامات اخرى متعددة مثل تنظيف شبكات الصرف كما يستخدمها التشكيليون ايضا في النقش المعدني. وتسفر إضافة النيتروجليسرين الى هذا المزيج عن انتاج مادة اكثر خطورة. واذا جرى تجفيف هذه المادة بصورة جيدة فإنها لا تبعث أية رائحة، إلا ان عدم تجفيفها بصورة كاملة ربما يؤدي الى ظهور رائحة طفيفة اقرب الى الاثير، حبسما ورد في تحذير وزارة الامن الداخلي في اغسطس الماضي. تجدر الاشارة الى ان صحيفة «ال موندو» الاسبانية هي التي كشفت مطلع الشهر الجاري عن هذا التحذير. وتضمنت نسخة التحذير التي حصلت عليها «واشنطن بوست» في وقت لاحق على تنبيه للجهات المرسلة اليها بعدم الكشف عنها لأجهزة الإعلام أو الرأي العام. من جانبه قال برايان تورميل، المتحدث باسم إدارة امن المواصلات، ان ادارته وادارة الطيران الفيدرالي ظلتا تصدران على مدى ثلاث سنوات مذكرات حول خطر اخفاء متفجرات في الملابس والدمى. وأضاف ان ثمة تحسبا لهذا الخطر في شكل وتطور الاجراءات التي ظلت تتبع في عمليات التفتيش ومسح امتعة المسافرين ، مؤكدا ان هذا هو السبب وراء مطالبة المسافرين بخلع السترات ووضعها مع المتعلقات الاخرى حتى يتم فحصها بواسطة ماكينة المسح الشعاعي بالاضافة الى الدمى المحشوة والوسادات. وشكا بعض المسافرين من ان هذه الاجراءات لا فائدة منها، إلا ان ادارة امن المواصلات اشارت الى كشف احد اجهزة المسح الشعاعي في مطار بفلوريدا في يوليو (تموز) الماضي عن وجود مسدس عيار 22 مليمتراً مخفى داخل دمية محشوة. وأكد تورميل ان الاجراءات الامنية تقتضي فحص كل السترات والوسائد والدمى. وتعكف حاليا ادارة امن المواصلات التابعة لوزارة الامن الداخلي الاميركية على إجراء تجارب على استخدام مداخل في المطارات تطلق نفثات هوائية على عابريها بغرض هز المواد الكيماوية التي من المحتمل ان تكون مخفاة داخل ملابسهم وذلك بغرض الكشف عن أية متفجرات.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»