ثلاث جلسات في أول أيام مؤتمر حقوق الإنسان بالرياض

أوراق عمل تؤكد عالمية إعلان حقوق الانسان وحماية المدنيين في النزاعات المسلحة وتأصيل الإسلام لهذه الحقوق

TT

بدأت بالأمس في العاصمة السعودية الرياض جلسات مؤتمر حقوق الإنسان في السلم والحرب، الذي تنظمه جمعية الهلال الأحمر السعودي بحضور العديد من الشخصيات العالمية والعربية والمحلية المعنية بهذا القطاع. وجاءت الفعاليات التي رأس أولى جلساتها الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية المساعد للشؤون السياسية ورئيس الإدارة العامة للمنظمات الدولية على نحو ورقة عمل أولى مقدمة من الدكتور عبد الرحمن الزنيدي أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة بالرياض بعنوان «حقوق الإنسان ـ العالمية والخصوصية»، وفيها بين أن حقوق الإنسان إعلانات واتفاقات في عصرنا هذا تعد انجازا بشريا على مستوى العالم ارتقى بها على الرغم من افتقاده هداية الوحي الإلهي في رعاية كرامة الإنسان وصيانة مطالبه الأساسية.

وقال الزنيدي إن هذه الحقوق انبثقت من معاناة الإنسان التاريخية في الغرب ـ بالذات ـ تحت وطأة القوى المستغلة لضعفه واستكانته، وبعد كوارث وحروب طاحنة سقط فيها عشرات الملايين من القتلى والمشوهين كالحرب العالمية الثانية التي ولد بعدها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 تلت ذلك معاهدات وتعديلات على هذه الحقوق خلال العقود التالية. مضيفا، أن هذه الحقوق بدأت في مهدها الغربي محلية في بريطانيا وفي أمريكا وفي فرنسا، ثم انتقلت إلى العالمية وصار ينظر إلى الدول من خلالها أي من خلال تمثلها لهذه الحقوق. وأوضح الزنيدي انه في أعقاب التحولات الكبرى في مطلع التسعينات من القرن العشرين مثل: سقوط الكتلة الشيوعية، والانفجار الإعلامي والاتصالي، وحرب الخليج الثانية ونحوها تفاقمت قضية (عالمية هذه الحقوق) وصارت هذه الحقوق جزءا من العولمة ذات الأبعاد المتعددة ـ الاقتصادية والثقافية وغيرها، أي أن الغرب اتجه إلى عولمة (حقوق الإنسان) بالقوة ضغطا سياسيا واقتصاديا أو حتى عسكريا، كما استفزت العولمة في مناحيها المتعددة امما مختلفة خافت على مصالحها وهواياتها فإنها كذلك في أمر حقوق الإنسان، أنها على الرغم من إعجابها بعناوين هذه الحقوق حرية وعدالة ومساواة إلا أنها لا تتساءل عن مضامينها، على أي أساس وضعت؟ ثم إذا كان الغرب هو الذي وضعها بناء على مقتضيات ظروفه وخلفيته القيمية والثقافية، فما وجه إلزام الآخرين بها من الذين تختلف ظروفهم وخلفياتهم عنه، بل أليس من حق هذه الأمم أن تضع هي ـ لحقوق الإنسان مضامين تتسق مع تراثها وظروفها الخاص؟

وأضاف هذه هي العقدة الكبرى المتعلقة بحقوق الإنسان في هذا العصر بين الأمم من جهة، والغرب من جهة أخرى أو بين مطلب عمومية حقوق الإنسان وفق الصيغة الغربية، وبين خصوصية تلك الحقوق لكل امة، وإذا كان الأمر معقولا لدى المصنفين بصيغته الثانية فكيف تجرى الحركة العالمية التي تتقارب بل وتتوحد شيئا فشيئا في راهننا؟ كيف تتعامل الأمم فيما بينها على أساس حقوق مختلفة، بل ألا يمكن تجاوز خصوصية حقوق الإنسان إلى عالمية مرضية من كل الأطراف». من جانبه أوضح أستاذ القانون الدولي بجامعة اليرموك في الأردن دكتور محمد يوسف علوان في ورقة بعنوان «القانون الدولي لحقوق الإنسان: آفاق وتحديات» أن الفرد كان يخضع خلال قرون طويلة للجماعة في كل شيء، من دون حدود أو قيود، وكانت سلطة الدولة في علاقتها مع الأفراد مشيرا إلى انه جاء إقرار القوانين الداخلية بحقوق الإنسان ثمرة كفاح إنساني طويل، خاضته البشرية عموما، والثورات الإنسانية الكبرى ذات الأبعاد العالمية خاصة، ولكن مجرد النص على الحقوق والحريات في دستور الدولة والقوانين الداخلية الأخرى، ووضع ضمانات داخلية لمراعاة هذه الحقوق والحريات، لا يكفلان بالضرورة تمتع الإنسان فعليا بها ومن هنا بدت ضرورة اللجوء إلى ضمانات دولية تكون مكملة للتدابير الداخلية ولا تحل محلها أو تقلل بأي حال من أهميتها. وقال علوان إن القانون الدولي التقليدي كان يولي عناية للعلاقات المتبادلة بين الدول وتحديد حقوق كل منها وواجباتها، وكان ينظر إلى الدول على أنها أشخاص القانون الدولي الوحيدة التي يمكن لها اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات الدولية، أما معاملة الدولة لرعاياها فلم يكن القانون الدولي التقليدي يعنى بها، لأنها تدخل ضمن الاختصاص الداخلي لها، ولم يتعرف القانون المذكور للفرد بحقوق على الصعيد الدولي، ولا شخصية قانونية دولية، يمكن له معها أن يطالب الدول بصون حقوقه على هذا الصعيد وقد وقف مبدأ السيادة عقبة أمام قيام سلطة دولية أعلى من الدول للنظر في تجاوزاتها لحقوق الإنسان واتخاذ التدابير الكفيلة بوقف هذه التجاوزات. وأشار إلى أن القانون الدولي التقليدي كان يلتفت إلى المسائل الإنسانية فقد كان منطلقه في ذلك الاعتبارات الأساسية كما أن المبدأ الذي كان يحكم حقوق الإنسان في ظل هذا القانون هو مبدأ المعاملة بالمثل، الذي هو أساس القانون الدولي الاتفاقي وقد أولى هذا القانون عنايته اساسا لحماية المواطنين في الخارج، وخاصة واطني الدول الغربية خارج بلادهم، عن طريق مؤسسات معروفة: نظام الامتيازات الأجنبية، ونظام الحماية الدبلوماسية، ونظام التدخل الإنساني أو لمصلحة الإنسانية وفكرة الحد الأدنى في معاملة الأجانب كما عرف هذا القانون أنظمة اتفاقية لحماية حقوق فئات معينة من البشري يخاطب بعضها ضحايا المنازعات المسلحة، حين يخاطب بعضها الآخر، الذي ظهر في ظل عصبة الأمم سكان الأقاليم المشمولة بنظام الانتداب والاقليات والعمال. وأوضح أن القانون الدولي ومع مرور الزمن أصبح ينظر إلى الفرد كشخص من أشخاص القانون الدولي، يتمتع بحقوق على الصعيد الدولي، ويخضع لالتزامات على الصعيد ذاته، وهناك الآن مجموعة كبيرة من القواعد الدولية التي تقرر حقوقا للإفراد في مواجهة الدولة. وتشكل هذه القواعد المتمثلة في الإعلانات والاتفاقات الدولية العالمية منها والإقليمية، ما يطلق عليه اليوم اصطلاح القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وقال الدكتور علوان إن ميثاق الأمم المتحدة 1945 ارسى الحجر الأساس لهذا القانون بعد أن بدت لواضعيه الصلة التي تربط السلم والأمن الدوليين من جهة واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع من دون تميز من جهة أخرى. ولم تكتف الأمم المتحدة بتضمين ميثاقها عددا من النصوص الخاصة بحقوق الإنسان بل راحت تستكمل هذه النصوص باعتماد العديد من الصكوك والاتفاقيات الدولية التي تشمل مختلف حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ويأتي في مقدمة هذه النصوص ما يطلق عليه عادة اسم الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، التي تشمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان عام 1966 (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية، والسياسة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) والبروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الأول الذي تعترف بموجبه الدولة الطرف في العهد، التي تصبح طرفا في البروتوكول، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب العهد، في تسلم ونظر الرسائل المقدمة من الأفراد الداخلين في ولاية تلك الدولة، والذين يدعون أنهم ضحايا أي انتهاك من جانبها لأي حق من الحقوق المقررة في العهد.

وأكد أن الإنسانية خطت خطوات مهمة على صعيد تأكيد حقوق الإنسان منذ صدور الإعلان وعلى من نصف قرن اندفعت مسيرة حقوق الإنسان على الصعد الوطنية والإقليمية والعالمية وشهدت هذه المسيرة مزيدا من الاهتمام العالمي بها بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة فإلى جانب الشرعة الدولية لحقوق الإنسان اعتمدت الأمم المتحدة عشرات الإعلانات والاتفاقيات التي تختص بحقوق الإنسان عامة، أو بحقوق معينة بالذات، أو باشخاص أو فئات معينة بالذات كالعمال والنساء والاقليات، كما عقدت العديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في إطار الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة التي تأتي في مقدمتها منظمة العمل الدولية ومنظمة اليونيسكو وبعد أن كانت القواعد القانونية الدولية الناظمة لحقوق الإنسان تتسم بالعمومية والقوة المعنوية في مرحلة أولى أصبحت نحو التخصيص والالزامية في مرحلة تالية. من جانبه أكد الأستاذ الدكتور احمد أبو الوفا وكيل كلية الحقوق ـ جامعة القاهرة ـ وأستاذ القانون الدولي العام ـ في ورقة مماثلة «الإسلام وقواعد القانون الدولي الإنساني»، أن التغيرات العميقة التي تحدث في المجتمع الدولي ظاهرة واضحة في مختلف قطاعات الحياة الدولية، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، موضحاً أن هناك الكثير من المبادئ التي تحكم قواعد القانون الدولي الإنساني خلال النزاعات المسلحة، منها المبدأ الذي يقرر أن حق أطراف أي نزاع في استخدام الوسائل التي تضر بالعدو ليس حقاً مطلقاً، والمبدأ الذي يقرر حظر شن هجوم على السكان المدنيين بصفتهم هذه، والمبدأ القاضي بضرورة التمييز في جميع الأوقات بين الأشخاص الذين يشتركون في القتال والسكان المدنيين، بما يترتب عليه تجنيب هؤلاء الأخيرين بقدر الأمان ويلات النزاع المسلح، والمبدأ الذي يقرر ضرورة التمييز بين الأهداف العسكرية وغير العسكرية، ويعد هدفاً عسكرياً تلك الأشياء التي بطبيعتها تساعد في العمل العسكري، أما الأهداف غير العسكرية فتشمل الأشياء التي تخدم اغراضاً إنسانية أو سليمة كدور العبادة أو الثقافة والمستشفيات والمباني التي تأوي المدنيين بشرط عدم استخدامها في الأغراض العسكرية. وأكد الدكتور أبو الوفا أن هذه المبادئ تسري على كل النزاعات المسلحة ويتمثل سبب وجود القانون الدولي الإنساني في حماية كل الأنفس البشرية المندمجة بطريقة أو بأخرى في النزاعات المسلحة أو الذين يعدون من ضحاياها، وذلك بتجنيبهم أوجه المعاناة غير الضرورية، فالأمر إذن يتعلق بحماية آلاف بل قل ملايين الأشخاص الذين تهدد حيواتهم بدء واستمرار بل وانتهاء النزاعات المسلحة، ولا يهم في هذا المقام طبيعة النزاعات أو الدافع أو الأسباب التي تتواجد خلفها على أساس انه في النهاية يذوق ويلاتها دائماً الكائنات البشرية.

وكان الدكتور مطلب النفيسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء ترأس الجلسة الثانية التي جاءت بدايتها مع الدكتور احمد المفتي مدير عام مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان الذي أكد عبر ورقته التي بعنوان «النظام الدولي لحقوق الإنسان.. المبادئ والمعايير والتوافق مع الأديان» أن مفهوم حقوق الإنسان في الغرب ليس تجاوزاً لمفهوم حقوق الإنسان في الإسلام، ولكن لأن الغرب أسهم بنصيب الاسد في إنشاء النظام الدولي لحقوق الإنسان الذي بدأ بميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945 ونؤكد ابتداء أن قناعتنا التامة هي أنه لا توجد أي فوراق جوهرية بين الأديان والنظام الدولي لحقوق الإنسان الذي يقوم على قيم الدين الذي يوفر ابعاداً أكثر عمقاً وأوسع نطاقاً لحقوق الإنسان كما سنوضح لاحقاً. وقال الدكتور المفتي إن النظام الدولي لحقوق الإنسان هو نظام نشأ بعيداً عن الأديان السماوية لاعتبارات تاريخية في الغرب، ومن ناحية أخرى توضح الورقة بأن أصول وقيم كل الأديان السماوية واحدة في منظور الدين الإسلامي. فيما أوضح الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية وأستاذ قسم القانون الدولي العام ونائب رئيس جامعة الأزهر بمصر الدكتور جعفر عبد السلام في ورقته «القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان من منظور إسلامي» أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يمثل النظرية العامة في الحقوق والحريات العامة التي استقر المجتمع الدولي على تمتع الإنسان بها داخلياً وفي نطاق المجتمع الدولي والتي وردت تفصيلاً بالوثيقة الدولية لحقوق الإنسان بأجزائه الثلاثة: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966 وفتحت باب الانضمام إليه لسائر الدول الأعضاء وفي العام نفسه الأداة، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وأوضح الدكتور جعفر أن القانون الدولي لحقوق الإنسان بهذه العمومية يتضمن مبادئ وقواعد عامة تسري في زمن السلم والحرب على السواء، أما القانون الدولي الإنساني، فهو يحكم العلاقات الدولية في زمن الحرب، وبذلك فهو يتضمن الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المقاتل والحماية التي تتقرر لضحايا الحرب وهم الأسرى والجرحى والغرقى سواء في القتال البري أو البحري أو الجوي. فيما قدم عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية والأستاذ المشارك لمادة حقوق الإنسان في الإسلام بقسم العلوم الشرعية وعضو اللجنة الخاصة بصياغة المواثيق الإسلامية المتعلقة بحقوق الإنسان دكتور عبد اللطيف بن سعيد الغامدي ورقة عمل بعنوان «القانون الدولي الإنساني وقانون حماية الإنسان من منظور إسلامي» أوضح فيها تعريف القانون الدولي الإنساني بأنه مجموعة من القواعد القانونية العرفية المكتوبة التي تهدف إلى حماية حقوق الإنسان في زمن النزاعات المسلحة وفي إطار واسع حماية الأعيان التي ليس لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية ويشمل هذا التعريف على عنصرين أساسيين لهما العناية نفسها، هما حماية الفرد رجلاً كان أو امرأة وحماية الأعيان. وأكد أن الإسلام يولي أهمية كبرى للقانون الإنساني ونظرته للقيم الإنسانية مدروسة ومركزة وكاملة لأنها تنبع من تفكير قوي وصادق وواع، مؤكداً أن التصور الإسلامي لكل القضايا وقضية القانون الدولي الإنساني ينبع من انه ذو اصل الهي ومقدس ولا يخضع بالتالي إلى نظام قانوني علماني، ويرتكز اساساًَ على قواعد مستمدة من القرآن الكريم تشكل كلا يمتد إلى الجميع عبر المكان والزمان، ولا يمثل اذاً فرعاً للقانون العام أو الخاص، ومن ذلك نستخلص قاعدتين أساسيتين أن مجال تطبيق القانون الإنساني الإسلامي كل لا يتجزأ ولا يفرق بين حرب وأخرى، أو نزاع وآخر داخلي أو دولي وان هذه القواعد المطبقة في كل النزاعات ترتكز اساساً على الرحمة والرأفة انطلاقاً من قدرة الله. وقد ترأس الجلسة الثالثة الدكتور عبد الله بن صالح عضو مجلس الشورى وفيها أكد الدكتور رشاد حسن خليل عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بمصر، أن حقوق الإنسان من حيث المبدأ قديمة قدم الإنسان نفسه، ولكن الذي يعنينا تقريره هنا هو بيان أن الشريعة الإسلامية قد قامت بأعظم عمل إنساني في هذا المجال، وذلك حين دعت إلى هذه الحقوق بأسلوب فريد ونظام جديد، يجعلها دستوراً للحياة، وقانوناً يوجب الطاعة والاتباع، فالإسلام بحق هو دين الفطرة الخالد، الذي يحمي الإنسان ويقرر حرياته ويحافظ على حقوقه، ويرفع من شأنه ويكرم إنسانيته. وأوضح أنه حتى يتيسر إيضاح ذلك، فإننا يجب أن نعمل على عدة محاور، اولا: مصادر حقوق الإنسان في المواثيق الوضعية، وتنحصر في المبادئ والأفكار التي نادى بها العلماء والمفكرون. الأعراف الدولية التي تكون منها القانون العام الدولي. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ثانياً: سبق الإسلام وخصائصه في تقريره لحقوق الإنسان ويستلزم الكلام عن هذا الجانب أن نتناوله من خلال أمرين الناحية التاريخية. خصائص ومزايا حقوق الإنسان. من جانبه أكد أستاذ الدراسات العليا وعضو المجلس العلمي ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن احمد الصالح في ورقة تناولت قانون حقوق الإنسان في مصادر الشريعة (الطفل، المرأة، الرجل) أن الحديث عن حقوق الإنسان بمعناها الحقيقي والواقعي، لا بد أن نتحدث عنها في إطار منظومة هذا الكون الكبير الدقيق المحكم الذي خلقه ودبر أمره رب العالمين، وذلك حتى تكون الصورة أمينة ومتكاملة وتعطي وصفاً حقيقاً واميناً لتلك الحقوق بمعناها العام، وبمفهوم المصلحة العليا للناس جميعاً في علاقاتهم وتعاونهم وتكاملهم وتكافلهم أما إذا تحدثنا عن تلك الحقوق بمنأى أو معزل عن هذه المنظومة المحكمة والمتقنة في جميع دقائقها بتدبير من الله، فان هذا الحديث سيكون مبتسراً وقاصراً، وبالتالي فلن تكون هناك صورة واحدة لهذه الحقوق بل ستكون هناك مقاييس متنوعة وصور متعددة لتلك الحقوق تبعاً لأهواء من صنعوها وأفكار من صاغوها، وهذه نقطة بدء جوهرية ومدخل ضروري لا بد منه قبل الخوض في هذا الحديث حتى يكون القياس اميناً وواقعياً لا يخضع لأفكار شتى وأهواء متعددة وإنما يخضع فقط لمن خلق هذه المنظومة بأسرها ونظم واحكم خطاها وحركة سيرها. فيما قال وكيل كلية الدعوة وأصول الدين ـ جامعة أم القرى الدكتور يحي بن محمد حسن زمزمي في ورقته إن قضية حقوق الإنسان من اكبر القضايا التي شغلت العالم اليوم بمختلف دوله وشعوبه ودياناته وجنسياته وفئاته وطبقاته ولقد استغل العالم الغربي هذا المصطلح أبشع استغلال فحفظ حقوقاً كثيرة لنفسه وانتهك حقوق غيره فأشعل حروباً وأزال شعوباً وشرد امماً باسم حقوق الإنسان.

وأضاف لأن الشريعة الإسلامية والدين الخاتم قد سبقت إلى اعتبار حقوق الإنسان وتأصيلها وحفظها ومراعاتها انطلاقاً من خصائصها ومميزاتها: كالربانية والشمول، والتوازن، والثبات، والكمال، ونحوها فقد عني القرآن الكريم عناية خاصة ومتميزة بهذه القضية وغيرها.

وأشار مدير معهد القضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية دكتور زيد بن عبد الكريم الزيد في ورقة بعنوان «القانون الدولي الإنساني في السيرة النبوية: غزوة بدر أنموذجا» إلى أن سن الأنظمة الهادفة إلى تحقيق العدل سلماً وحرباً ليس أمر عسيراً ولكن العسير تطبيق المبادئ وتحويل مضامينها ونصوصها إلى سلوك ضابط وعمل مهيمن وبخاصة في مجال الحرب ـ إذ سرعان ما تنسى كل تلك التشريعات الجميلة، والقيم المحمودة وتطفو شريعة الغاب وعندها ويل للمغلوب من الغالب.