قمة ماليزيا الإسلامية تشدد على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية وتندد بالهجوم على سورية

مجلس الحكم الانتقالي في العراق يعلن أنه سيحاول احترام مهلة الأمم المتحدة بشأن تنظيم الانتخابات *الحريري: الشرق الأوسط يقف اليوم على عتبة حرب جديدة * مشرف: الرأي العام الباكستاني معارض لإرسال جنود إلى العراق

TT

شددت القمة الإسلامية في بوترا جايا بماليزيا على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ونددت بالعدوان الذي شنته إسرائيل على أجزاء وأراضي سورية ولبنان في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وندد المؤتمرون في بيان ختامي يشتمل على أكثر من 100 بند، بعملية التفجير الإرهابي الإجرامية التي تعرضت لها السفارة الأردنية ومقر بعثة الأمم المتحدة في بغداد والعتبات المقدسة في النجف.

وفي الشأن العراقي أكد البيان ضرورة احترام الجميع لسيادة العراق واستقلاله السياسي ووحدته الوطنية وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية والالتزامات المترتبة على قوى الاحتلال وضرورة تصرف هذه القوات بكيفية تضمن احترام سيادة الدول المجاورة للعراق.

ودعا البيان اللجنة الرباعية الدولية إلى مضاعفة جهودها من أجل استئناف العمل لتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومرجعية مدريد والمبادرة العربية للسلام وتنفيذ «خريطة الطريق».

كما دعا إلى العمل من أجل أن يعتمد مجلس الأمن «خريطة الطريق» كما نشرت ووضع آلية لتنفيذها وفق جدول زمني محدد وضرورة نشر قوات دولية للفصل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وأدان البيان بشدة التهديدات الإسرائيلية ضد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المنتخب ديمقراطيا، ودعا المجتمع الدولي إلى حمل إسرائيل على احترام قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بمطالبة إسرائيل بالكف عن تهديد سلامة الرئيس عرفات وعدم إبعاد أي فلسطيني عن أرضه ووطنه.

وطالب المجتمع الدولي بإجبار إسرائيل على وقف بناء المستوطنات وإزالة الجدار العنصري الذي يلتهم الأراضي الفلسطيني ويحولها إلى بانتستونات ويفرض وقائع سياسية مجحفة ويزيد من تفاقم الأوضاع في المنطقة.

وأدان البيان إسرائيل بشدة لارتكابها جرائم الاغتيالات والاعتقالات وهدم المنازل وتدمير البنى التحتية وفرض العقوبات الجماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني وانتهاك حرمات الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية.

وطالب المجتمع الدولي بتأمين انسحاب قوات الاحتلال الإسرئيلي من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وإنهاء الحصار على الشعب الفلسطيني وقيادته مدينا في الوقت ذاته سياسة إسرائيل الاستيطانية التوسعية، مؤكدة ضرورة العمل على وقف جميع أعمال الاستيطان والإجراءات والممارسات الإسرائيلية المخالفة لقرارات الشرعية الدولية.

وأدان البيان كذلك بشدة السياسة الإسرائيلية التي ترفض الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بالجولان السوري المحتل مشيداً بصمود لبنان داعما جهوده من اجل استكمال تحرير جميع أراضيه حتى حدوده المعترف بها دوليا.

وأكد ضرورة احترام الجميع لسيادة العراق واستقلاله السياسي ووحدته الوطنية وسلامة أراضيه كما أكد حق الشعب العراقي في تحكمه على نحو تام في موارده الطبيعية وحقه في إقامة حكومة تمثل كل الفئات وذات قاعدة عريضة.

ورحب البيان بتشكيل مجلس الحكم العراقي باعتبار ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح وقرر الإيعاز للممثلين الدائمين للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي لدى الأمم المتحدة في نيويورك رصد التطورات المتعلقة بالعراق وتنسيق مواقف المنظمة داخل أروقة الأمم المتحدة.

وأكد البيان تضامنه مع سورية في وجه التهديدات الخارجية والمؤامرات التي تتعرض لها مشيدا بسياسة ضبط النفس والحكمة التي تحلت بها سورية إزاء العدوان الذي من شأنه أن يشعل فتيل الحرب في المنطقة.

ورحب البيان بالمبادرة الليبية للوصول إلى حل سلمي لازمة لوكربي وبإنشاء صندوق منظمة المؤتمر الإسلامي لمساعدة الشعب الأفغاني وقرر إنشاء صندوق إسلامي لتنمية المناطق المتضررة من الحرب في السودان.

وأكد المشروع عزم وتصميم أعضاء المؤتمر مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره بما في ذلك إرهاب الدولة رافضا أسلوب الانتقائية وازدواجية المعايير المتبع في مكافحة الإرهاب ولكل المحاولات الرامية إلى ربط الإرهاب بدين من الأديان أو ثقافة معينة.

وأعرب عن بالغ قلق المؤتمرين إزاء الربط المتكرر والخاطئ بين الإسلام وانتهاكات حقوق الإنسان واستغلال وسائل الإعلام للترويج لهذه المفاهيم الخاطئة داعيا إلى وقف الحملات غير المبررة التي تشنها بعض المنظمات غير الحكومية ضد عدد من الدول الأعضاء ترتكز على مطالبتها بإلغاء تطبيق الحدود والعقوبات الشرعية مؤكدة حق هذه الدول في التمسك بالخصوصيات الدينية والاجتماعية والثقافية.

وأكد البيان حق جميع الدول الثابت في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية مرحبا بتنامي التعاون ما بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ودعا إلى تعجيل جميع الدول النامية بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، مبرزا أن هذه العملية لا ينبغي أن تعيقها أية اعتبارات سياسية مع رفض المؤتمرين للمحاولات الرامية إلى إقحام قضايا غير تجارية في برنامج عمل منظمة التجارة العالمية.

إلى ذلك، اعلن مجلس الحكم الانتقالي في العراق امس في ماليزيا انه «سيحاول» احترام المهل التي حددها قرار الامم المتحدة الذي طالب بوضع برنامج يؤدي الى تنظيم انتخابات في البلاد قبل 15 ديسمبر (كانون الاول) المقبل.

وردا على سؤال حول قدرة مجلس الحكم في العراق على احترام القرار 1511 الذي صوت عليه مجلس الامن اول من امس بالاجماع، اعلن رئيسه اياد علاوي «سنحاول».

واضاف علاوي «لكننا سنعمل بحسب الظروف في العراق». واوضح «نريد فعلا تنظيم انتخابات في اسرع وقت ممكن. وما ان يصبح لدينا دستور ونجري استفتاء وتقام حكومة منتخبة، عندها ستأتي السيادة».

ورحب اياد علاوي برفع فرنسا والمانيا وروسيا معارضتها للقرار، واعرب عن سعادته بالدور المتزايد للامم المتحدة.

وقال «ان توسيع دور الامم المتحدة يخدم مصالح العراق». الا ان رئيس مجلس الحكم الانتقالي العراقي كرر رفضه لارسال قوات الى العراق من دول مجاورة.وقال ان المباحثات ستتواصل مع الولايات المتحدة حول هذا الملف.

واعتبر علاوي ان «مساهمة عسكرية من دول الجوار ستعقد المشاكل القائمة».

وفي سياق ذلك،اعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف امس ان باكستان لن ترسل قوات الى العراق في اعقاب اعتماد مجلس الامن بالاجماع قرارا لا «يغير المناخ» العام.

واوضح مشرف على هامش قمة منظمة المؤتمر الاسلامي: «لقد اعلنا ان المطلوب تحقيق عدد كبير من الشروط مسبقا قبل ان نسهم في قوات في العراق». واضاف «اولا، فليطلب الشعب العراقي قوات مسلمة او قوات باكستانية. وثانيا، فلتبد الدول الاسلامية رغبتها في المشاركة بارسال قوات الى العراق».

وذكر الرئيس مشرف بأن الرأي العام في باكستان معارض لارسال جنود.وقال «في الحقيقة،ان تمرير قرار مجلس الامن لم يحمل تغييرا لهذا المناخ. ولا يمكننا اتخاذ قرار ارسال جنود قبل ان يتغير ذلك».

من جهته، حذر رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في كلمة القاها في المؤتمر، من ان منطقة الشرق الاوسط «تقف اليوم على عتبة حرب جديدة» بفعل العدوان الاسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني. ودعا الحريري المجتمع الدولي الى «تحمل مسؤوليته في ردع الحكومة الاسرائيلية التي لا تريد السلام»، مشيراً الى ان «قانون محاسبة سورية» الذي وافق عليه مجلس النواب الاميركي «يظهر مدى انحياز الكونغرس الاميركي الى جانب اسرائيل». واضاف «ان السياسة التي تنتهجها اسرائيل لم تجلب الى المنطقة سوى الدمار والحروب والدول العربية والاسلامية التي دعت دائماً الى الحل السلمي وعبرت عن خيارها بصوت موحد في قمة بيروت العربية، وصلت الى قناعة ان اسرائيل لا تريد السلام، بل تقود شعوب المنطقة ودولها الى طريق مسدود».

الى ذلك، قال عبد العزيز بلقزيز، الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي ان دول العالم الاسلامي تواجه اخطارا جسيمة تهدد حضارتها ودينها. ودعا الى توخي أقصى درجات التضامن والاعتماد المتبادل بين الدول الاسلامية، لتعزيز العلاقات بينها وخاصة في المجالات الاقتصادية التي وصفها بأنها حجر الزاوية في مساعي توحيد الأمة الإسلامية.

وقال بلقزيز في كلمة ألقاها أمام المنتدى الاقتصادي لرجال الأعمال، الذي نظمه المعهد الآسيوي للاستراتيجية والقيادة في ماليزيا، ضمن فعاليات مؤتمر القمة الإسلامي ان العالم الإسلامي يزخر بالموارد البشرية والطبيعية ويمثل في الوقت نفسه سوقا استهلاكية كبيرة تفتح الآفاق أمام تعزيز التعاون.

وطالب بألا يقتصر التعاون الإسلامي على الجانب الرسمي بين الحكومات بل أن يمتد ليشمل رجال الأعمال من القطاع الخاص.

وأشار إلى أن الوضع الحالي على الساحة العالمية يمثل إخطارا عديدة لرأس المال الإسلامي المودع والمستثمر في العالم الغربي ودعا إلى إعادة النظر في سياسات الاستثمار بالدول الإسلامية وبحث الفرص المتنوعة للاستثمار فيها.

وحث بلقزيز الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي على تسهيل نقل رؤوس الأموال من الغرب إلى العالم الإسلامي.

من جهته، قال الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) إن من أضخم التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في هذه المرحلة الدقيقة، «التحدي العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي، الذي يفرض علينا جميعاً، من دون استثناء، أن نواجهه بما نملك من قوة دفع للجهود المبذولة على النطاق الوطني والإقليمي والدولي، من أجل تحقيق مستوى من التنمية الشاملة يتناسب مع تطلعات شعوبنا».

وأضاف أن العالم الإسلامي قد استكمل إرساء القواعد لأركان استراتيجية المعرفة في جوانبها المتعددة. وبموجب قرارات مؤتمر القمة الإسلامي، تتحمل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة مسؤولية متابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية المعرفية الكبرى المتكاملة، والتنسيق مع الدول الأعضاء للوصول إلى تحريك آليات تطبيقها، وفقا للخطط المرسومة، وطبقا للأهداف المحددة.

وقال إن هذه الاستراتيجيات في مجموعها تصب في اتجاه النهوض بالتربية والعلوم والثقافة والاتصال في العالم الإسلامي قاطبة، والحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية للجاليات والأقليات الإسلامية في المهجر، وصولا إلى تجديد البناء الحضاري للعالم الإسلامي في الميادين جميعا على أقوى الأسس وبأحدث الأساليب.