ماليزيا تسعى لاحتواء الضجة حول اتهام رئيس وزرائها لليهود بأنهم «يحكمون العالم»

انتقادات أوروبية وأميركية لمهاتير محمد وإشادة عربية وإسلامية بما ورد في خطابه

TT

امام موجة من الانتقادات من الولايات المتحدة والدول الاوروبية اعتذرت ماليزيا امس عن اتهام رئيس وزرائها مهاتير محمد في كلمته امام القمة الاسلامية اول من امس اليهود بأنهم يحكمون العالم. الا ان وزير الخارجية الماليزي سيد حامد البار، في سعيه لاحتواء الجدل الذي اثاره رئيسه، قال انه لا يعتذر عما جاء في كلمة مهاتير محمد، موضحا ان كلام رئيس الوزراء اخرج من سياقه. وقال البار في تصريحات امس «يؤسفني انهم اساءوا فهم كل ما قيل.. لم يكن القصد اثارة جدل. كان (مهاتير محمد) يقصد اظهار ان المرء اذا جلس وتأمل فان بمقدوره ان يكون قويا للغاية». واضاف ان العالم الاسلامي يشعر انه «مهمش». وقال «الرجاء ان تنسوا مسألة معاداة السامية.. رسالة رئيس الوزراء هدفها وقف العنف الذي هو ليس الجواب لكي ننجح في صراعنا. ربما هذا الكلام لا يعجب الناس ولكن الحقيقة هي: ان اليهود اقوياء جدا».

وكان مهاتير محمد قد دعا في خطابه الى وقف العمليات الانتحارية في الشرق الاوسط والى مواصلة المفاوضات. لكنه وجه انتقادات مباشرة الى اليهود. وقال ان «الاوروبيين قتلوا ستة ملايين يهودي من اصل الـ12 مليونا. لكن اليهود يقومون اليوم بادارة العالم بالوكالة». واستدعت وزارة الخارجية الالمانية القائم بالأعمال الماليزي في برلين للاحتجاج على تصريحات «غير مقبولة على الاطلاق». وردت عليها واشنطن بقولها «علينا ان نكون واضحين ان هذه التصريحات مهينة ونتعامل معها باحتقار وهي موضع سخرية». ونددت اسرائيل امس بتصريحات رئيس الوزراء الماليزي، معتبرة انها «اهانة لضحايا المحرقة». وقال متحدث باسم وزارة الخارجية ان «اسرائيل ترفض باشمئزاز هذه التصريحات المعادية للسامية التي تلحق اهانة بضحايا المحرقة» التي تعرض لها اليهود على يد النازية خلال الحرب العالمية الثانية. واضاف المتحدث «نأمل في ان تهب كل دول العالم المستنيرة والمدافعة عن السلام والديمقراطية للاحتجاج على هذه التصريحات المشينة التي تبث الكراهية». كما اكد المسؤول في وزارة الخارجية نمرود بركان لاذاعة الجيش الاسرائيلي ان وزير الخارجية سيلفان شالوم «سيطلق حملة واسعة في العالم ضد هذا النوع من التصريحات» دون تقديم المزيد من الايضاحات.

واتهم الاتحاد الاوروبي مهاتير محمد بالقاء تعليقات مهينة ومعادية للسامية. وقال فرانكو فراتيني وزير الخارجية الايطالي لمؤتمر صحافي في قمة للاتحاد الاوروبي «اوروبا تستهجن بشدة تصريحات رئيس الوزراء الماليزي في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الاسلامي في ماليزيا». واضاف فراتيني «رئيس وزراء ماليزيا استخدم تعبيرات مهينة للغاية ليس فقط تجاه اليهود.. فبعض التعبيرات معادية للسامية بشدة.. ولكن ايضا كلمات تناقض مبادئ التسامح والحوار بين الغرب والعالم الاسلامي». وقال رئيس الوزراء الاسترالي جون هاوارد ان تصريحات مهاتير «مسيئة» و«خطيرة». وقالت ايطاليا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي انها كانت ستقترح امس ان تدين قمة الاتحاد الاوروبي رسميا تعليقات مهاتير التي وصفها وزير خارجيتها بأنها «مؤسفة». الا ان البعض في القمة الاسلامية فضل التأكيد على القسم الآخر من تصريحات مهاتير محمد الداعية الى السلام والتأمل. وقال وزير الخارجية المصري احمد ماهر ان الخطاب «تقييم حكيم للوضع وكان موجها الى المسلمين. كان دعوة لكي يستيقظوا». وقال وزير الخارجية الباكستاني خورشيد محمود قصوري «انه واقع تاريخي ان يكون اليهود اخذوا اراضي المسلمين عندما اضطهدوا على ايدي الاوروبيين». وقال وزير الخارجية اليمني ابو بكر عبد الله القربي ان مهاتير «كشف مشكلة مهمة جدا وهي سيطرة اليهود على الاقتصاد ووسائل الاعلام في العالم». واضاف «لا اعتقد ان (الخطاب) كان معاديا للسامية بل كان يعرض وقائع. وليس عدوانيا بل يدعو العالم الاسلامي الى تحمل مسؤولياته حيال شعوبه». وحال الرئيس الفرنسي جاك شيراك من دون تضمين بيان القمة الاوروبية ادانة لخطاب مهاتير محمد. واعترض شيراك، يدعمه رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتيس، على فقرة في البيان الختامي للقمة تستنكر تعليقات رئيس الوزراء الماليزي. وجاء في النص الذي اسقط من البيان «ان تعليقاته المرفوضة تعرقل جميع جهودنا لتعزيز الانسجام الديني والاثني ولا مكان لها في العالم الشريف. ان هذه الملاحظات الكاذبة والمعادية للسامية تجرح مشاعر المسلمين بقدر ما تجرح مشاعرنا». وعندما قدم وزراء الخارجية النص للقادة قال شيراك انه لا مكان لبيان صادر عن القمة الاوروبية لنص كهذا وأيده قادة آخرون، حسبما كشف دبلوماسيون.

ورد مهاتير محمد على منتقديه امس وقال في مؤتمر صحافي: ان الانتقادات «غير عادلة بشكل صارخ». واعتبر ان «عدم القدرة على انتقاد اليهود بدون ان نتهم بمعاداة السامية يعبر عن تحيز ضد المسلمين». وتابع «ليس من المناسب انتقاد الاوروبيين واليهود. فهم يعتقدون على ما يبدو انهم شعب مميز، لكننا لا نعتقد ذلك». واضاف «ان يقال لي انه لا يمكنني ذكر وقائع تاريخية يعني اسقاط حقي في حرية التعبير». واكد رئيس الوزراء البالغ من العمر 77 عاما، ان خطابه يدعو بشكل اساسي الى وقف العنف والعمليات الانتحارية والعمليات الانتقامية ضد اسرائيل، مبديا اسفه لعدم ابراز هذا القسم من كلمته.