تسريب من مكتب شارون: إسرائيل رفضت في الماضي عرضا إيرانيا لتحسين العلاقات وتحرير الأسير رون أراد

TT

استمرارا للحرب الدائرة بين مؤيدي صفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحزب الله، وبين معارضيها داخل المؤسسة الاسرائيلية، جرى تسريب نبأ لافت للنظر، امس، يقول ان ايران توجهت رسميا الى حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ايهود باراك، سنة 2000، باقتراح بدء حوار بين الحكومتين. ومن اجل اغراء اسرائيل اكثر على هذا الحوار، اوضح الايرانيون ان احد المواضيع التي يوافقون على طرحها هو موضوع الاسير رون اراد، الذي سقط في لبنان قبل 17 سنة.

وحسب هذا النبأ، الذي سرب من مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي، ارييل شارون، هذا الاسبوع، فان حكومة باراك رفضت هذا العرض. وقد سئل باراك عن سبب الرفض، فتهرب من الجواب بالقول: «لا اذكر اقتراحا كهذا». لكن وزير الخارجية آنذاك، ديفيد ليفي، اكد وجود الاقتراح وقال انه في حينه رفض العرض الايراني، لانهم طلبوا ان يبدأ الحوار بشكل غير ملزم على مستوى المديرين العامين لوزارتي الخارجية بين البلدين، وان يتم في طهران. وقد تحمس مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية، ايتان بنتسور، يومها للاقتراح، وقال انه يرى فيه املا كبيرا باطلاق سراح الطيار رون اراد. الا ان وزيره ليفي لم يقتنع، وقال انه يخاف على حياة بنتسور ومساعديه: «فلو سافروا لكان الايرانيون احتفظوا بهم رهائن، كما فعل حزب الله اللبناني مع التاجر الاسرائيلي الحنان تننباوم».

ومع ان كشف هذا النبأ جاء ليحذر اولئك الرافضين لصفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحزب الله فيقول: «اسرائيل اضاعت الكثير من الفرص في الماضي لاطلاق سراح اسراها. وينبغي عدم تكرار الخطأ»، الا ان رفض الحوار مع ايران بحد ذاته يثير تساؤلات كبرى في الساحة السياسية اكثر من موضوع الاسرى.

وقالت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية امس، ان هناك نقاشا حادا وخلافا كبيرا داخل المؤسسة الامنية حول موضوع العلاقات مع ايران. فالاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الاسرائيلي ابدت رفضا حازما للاقتراح وأصرت على الاستمرار في سياسة التشدد مع ايران. لكن الموساد (المخابرات الخارجية) برئاسة افرايم هليفي، في حينه، ومجلس الامن القومي، برئاسة ديفيد عبري، ايدا التجاوب مع الموقف الايراني. وقال المؤيدون ان ايران تشعر بالقلق من تنامي القوة العسكرية الاسرائيلية والتأييد الاميركي المتصاعد لاسرائيل، مقابل تنامي اعداء الغرب للثورة الايرانية. وتخشى ان تستغل اسرائيل ذلك لشن هجوم على ايران لذلك بادرت الى فتح صفحة جديدة، ولا توجد لاسرائيل اية مصلحة في صدها.

واما المعارضون فقالوا ان ايران تحاول تخدير اسرائيل بهذا الاقتراح، حتى تسكت عن الجهود المتصاعدة لانتاج قنبلة نووية في طهران. وبواسطة اسرائيل تحاول اسكات الغرب والولايات المتحدة وتغيير توجههما الى النظام الايراني. وحذروا من الوقوع في هذا الفخ.

ووصل هذا النقاش بين الطرفين المختلفين في اسرائيل الى الادارة الاميركية ايضا، وشارك فيه السياسيون العسكريون من الطرفين. ونجح قادة الجيش الاسرائيلي في اقناع جميع الاطراف بأن العرض الايراني «ليس جادا ولا مخلصا ويجب رفضه»، وهذا ما حصل بالفعل.

يذكر ان عائلة الطيار رون اراد، التي تدير معركة شعبية واسعة ضد اتمام صفقة تبادل الاسرى مع حزب الله بتأييد مكشوف من قيادة الجيش وقوى اليمين الاسرائيلي، حاولت هي ايضا استغلال هذا التسريب عن الاقتراح الايراني لصالحها. فقالت ان هذا يؤكد موقفها: «فنحن اليوم امام فرصة لا تعوض لاطلاق سراح رون. فحزب الله مضغوط جدا، ومعني جدا باطلاق سراح الاسرى. فاذا ضغطنا عليه بالمزيد، وقلنا له ان الصفقة لن تتم الا اذا شملت رون اراد، سيرضخ وسيقدم لنا معلومات حول مصيره». لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، رفض هذا التوجه وقال ان الفرصة المتاحة اليوم هي اطلاق سراح تننباوم وجثث الجنود الثلاثة المخطوفين. وأي تأخر في تنفيذها سيكون بمثابة اضاعة للفرصة. ويواجه شارون بهذا الموقف معارضة شديدة من داخل حزبه وحكومته، عوضا عن معارضة الجيش. وفي مساء اول من امس، اقيمت مظاهرة كبرى ضده في تل ابيب بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لوقوع رون اراد في الاسر.

وخلال هذه المظاهرة تكلم احد رفاق رون اراد، الطيار اساف، وهو ضابط برتبة مقدم فكشف انه وعددا من زملائه عادوا الى سماء لبنان للبحث عن رون بعد ساعة من سقوط طائرته قرب صيدا. وحاولوا مخاطبته باللاسلكي، فرد عليهم، وتمكنوا، حسب الذبذبات الصوتية من تحديد مكانه. وكادت طائرة مروحية ان تهبط لانتشاله، واذا بالمقاومة اللبنانية تعد لهم كمينا «كان سينتهي بتصفيتنا جميعا او بأسر عدد آخر منا. فاضطررنا الى الغاء هذه المهمة والعودة الى قواعدنا العسكرية خائبين».