مسؤولون سعوديون يكشفون أسرار معلومات استخبارية تقدمها الرياض لواشنطن لمحاربة الإرهاب منذ 1997

تقديم حمض نووي أثبت تورط النشيري في تفجير «كول» وسجناء في السعودية تعرفوا على صاحب الحذاء المتفجر ومعلومات عن المحضار والحازمي

TT

واشنطن ـ أ.ب: كشف مسؤولون سعوديون لاول مرة عن تفاصيل معلومات استخبارية ودبلوماسية هامة قدمتها السعودية الى الولايات المتحدة لمساعدتها في الحرب على الارهاب منذ عام .1997 وفي مقابلات أجرتها وكالة الأسوشييتد برس (أ.ب) مع مسؤولين سعوديين قال هؤلاء إن المساعدات التي قدموها للأميركيين تتراوح بين اشراكهم في المعلومات المتوفرة لدى السلطات السعودية لتحديد القيادي المشتبه في انه وراء العملية التي نفذها تنظيم «القاعدة» لنسف السفارتين الأميركيتين في أفريقيا سنة 1998 إلى اجراء اتصالات مع السلطات اليمنية بشأن قيادي في «القاعدة» كان الاميركيون يريدون استجوابه. وجاء كشف المسؤولين السعوديين عن هذه المعلومات ردا على انتقادات رددها مسؤولون اميركيون عن مستوى تعاون السعودية خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) .2001 وأهم معلومة عن التعاون بين الجانبين يعود تاريخها الى ما قبل هجمات 11 سبتمبر اذ قال الأمير تركي الفيصل الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات السعودي والسفير الحالي في لندن في مقابلة مع اسوشيتد برس إن حكومته كانت مقتنعة منذ أواخر عام 1999 أو بدايات 2000 بأن خالد المحضار ونواف الحازمي اللذين شاركا في هجمات 11 سبتمبر لاحقا متورطان في مؤامرتين إرهابيتين.

وقال الأمير تركي إن أجهزة الاستخبارات السعودية أخبرت الاستخبارات الاميركية (سي.آي.إيه) في أواخر 1999 أو بداية 2000 إن بلاده وضعت كلا الرجلين ضمن قائمة المراقبين بعد أن علمت من محتجزين كانوا مع «القاعدة» بأن الاثنين قد تكون لهما علاقة بهجمات «القاعدة» على السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام سنة 1998، وكذلك في مساعي تهريب أسلحة سنة .1997 وأضاف الأمير تركي أن «ما قلنا لهم هو أن هذين الشخصين هما على قائمة المراقبة بسبب نشاطات لهما سابقا مع القاعدة في كلا التفجيرين اللذين وقعا للسفارتين ومحاولتهما لتهريب أسلحة إلى السعودية سنة 1997».

لكن مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية أنكروا أن يكونوا قد تسلموا معلومات من هذا النوع وقال بيل هارلو المتحدث باسم «سي.آي.إيه» إنه «ليس هناك أي دليل على أن الاستخبارات السعودية قدمت لنا معلومات حول المحضار والحازمي قبل 11 سبتمبر». وأضاف هارلو أن «هناك بحثا متأنيا لسجلاتنا لا من موظفينا فقط بل من لجنة تحقيق الكونغرس. نحن وجدنا معلومات من هذا النوع بعد وقوع هجمات 11 سبتمبر بشهر».

ويقول المسؤولون الأميركيون ان معظم ما طرحه السعوديون حول تعاون السعودية معهم كان متفاوتا من وقت إلى آخر، لكنه ظل يتحسن باطراد. الا ان المسؤولين السعوديين يقولون ان المساهمة السعودية لم يتم الكشف عنها سابقا بسبب اعتبارات امنية.

من جانبهم يزعم مسؤولون وأعضاء كونغرس أميركيون ان تدفق المعلومات من السعودية كان في بعض الفترات متعثرا وناقصا خصوصا حينما يكون الأمر له صلة بالتحقيق مع بعض المواطنين السعوديين، وعمل الجمعيات الخيرية فيها واحتمال استخدام بعضها للأموال بطريقة سيئة. وقالت السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز رئيسة لجنة الشؤون الحكومية: «بينما تصر الحكومة السعودية على أن التعامل كان كاملا مع المساعي الأميركية لفرض القانون لاحظ مسؤولونا أن التعاون كان متفاوتا». وقامت لجنتها بالتحقيق في التبرعات المالية التي يحتمل أن تدعم الإرهاب. لكن السعوديين يعارضون ذلك قائلين إنهم هم الذين بادروا الى طرح فكرة تشكيل قوة مشتركة مضادة للإرهاب مع أجهزة الاستخبارات الأميركية ابتداء من سنة .1997 وقالوا إنهم كانوا في بعض الفترات مندهشين لتسلمهم نفس المطالب من أكثر من وكالة استخبارية أميركية بدون أن يعرف مسؤولو أي منها أن هناك وكالة أخرى قد قدمت نفس الطلب. وقال الأمير بندر بن سلطان السفير السعودي في الولايات المتحدة «الكل أصبح أكثر ذكاء بعد هجمات 11 سبتمبر. والكل فوّت الفرصة قبل هجمات 11 سبتمبر. وليس هناك أي بلد يمكن أن يلام».

لكن كلا الجانبين يوافقان الآن على أن العملية قد تحسنت كثيرا خصوصا مع المعلومات التي تقدمها الفرق المشتركة المكلفة إبقاء المعلومات الاستخبارية المهمة بشكل مركزي. وقال السعوديون إنه بعد إصدار الحكم ضد ريتشارد ريد الذي كان قد وضع قنبلة في حذائه وفشل في تفجير طائرة أثناء رحلتها صوب بوسطن بعد أن تمت السيطرة عليه في ديسمبر (كانون الاول) 2001، قدمت السعودية معلومات استخبارية إلى وكالة الاستخبارات الأميركية من عدة أشخاص مسجونين في السعودية ولهم علاقات بـ«القاعدة». وقال مسؤولون سعوديون واميركيون ان السجناء المشار اليهم تعرفوا على ريد لانهم كانوا معه في معسكر في افغانستان ويتذكرونه بأنه كان عصبيا ويمكن تهدئته بتقديم الآيس كريم له.

وفي أوائل سنة 2002 اجرت واشنطن اتصالات بالرياض بشأن يمني من «القاعدة» يدعى أبو معاز الجداوي كان يعتقد انه يقود خلية تنوي القيام بهجمات إرهابية وكان قد أشير إليه ضمن تحذير قدمته المباحث الاميركية «إف.بي.آي» يوم 11 فبراير (شباط) 2002، من احتمال وقوع هجمات إرهابية داخل اليمن أو الولايات المتحدة.

واجرت السلطات السعودية اتصالات بنظيرتها اليمنية سهلت ارسال الجداوي إلى السعودية ومن ثم الى الأردن حيث يمكن للمحققين الاميركيين استجوابه.

ووافق المسؤولون السعوديون والأميركيون على أنهم بدأوا بالتعاون مع بعضهم البعض تعاونا وثيقا منذ هجمات 11 سبتمبر لعرقلة عمل خلية يرأسها سوداني كان يخطط لضرب طائرة أميركية أثناء إقلاعها من قاعدة الأمير سلطان داخل السعودية باستخدام صواريخ محمولة على الكتف.

وقال عادل الجبير احد مستشاري ولي العهد السعودي للشؤون الخارجية انه «منذ 11 سبتمبر 2001 تبادل البلدان أكثر من 3500 مذكرة تخص الجهود المبذولة في محاربة الإرهاب. وهذا يمثل أكثر من 5 مذكرات في اليوم وهو مثال واضح عن التعاون المكثف».

ويعترف المسؤولون في الـ«سي.آي.إيه» بأن دعم السعودية الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب يعود إلى ما قبل هجمات 11 سبتمبر، إذ قام السعوديون بأخذ عينات من أحد القادة الميدانيين لتنظيم «القاعدة» الذين شاركوا في الهجوم الانتحاري على السفارة الأميركية في أفريقيا سنة 1998 وقارنوها مع سجلات تعود إلى عبد الرحيم النشيري أحد القادة الميدانيين لعمليات «القاعدة» في منطقة الخليج فاتضح أنه ابن عم له. وقدم تشخيص الحامض النووي المبكر اثباتا مبكرا على أن النشيري كان متورطا في التفجيرات، ونفس الشخص سيظهر إلى السطح في عملية تفجير المدمرة الاميركية كول في اليمن قبل أن يُعتقل بعد هجمات 11 سبتمبر، حسبما قال المسؤولون الأميركيون.