ليبيا تريد من فرنسا تلبية 3 مطالب مقابل التوصل لتسوية حول قضية «يوتا»

TT

ما زالت المفاوضات الليبية ـ الفرنسية حول تعويضات طائرة «يوتا» التي استؤنفت الثلاثاء الماضي ثم علقت في نفس اليوم بسبب نفي فرنسا وجود «اتفاق سري» بينها وبين ليبيا لتسوية هذه المسألة، في طريق مسدود. وأمس، زاد الوضع تعقيدا مع مطالبة سيف الاسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي ورئيس مؤسسة القذافي الخيرية التي تفاوض عن الجانب الليبي، فرنسا بتلبية «بعض الشروط» وبأن تدفع ثمن موافقة ليبيا على دفع تعويضات اضافية لضحايا طائرة «يوتا».

وجاءت مطالب سيف الاسلام في اطار حديث لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، ورغم ان سيف الاسلام لم يعد يتحدث عن «اتفاق سري» أبرم بينه وبين السفير الفرنسي في طرابلس، بل يصفه بأنه «وثيقة سرية» وهو ما يشكل تراجعا عن موقفه الاول، الا ان «الشروط» التي يطالب بتحقيقها تجعل أمر الوصول الى تسوية نهائية لقضية «يوتا» أمرا بالغ الصعوبة.

وأمس دعا الناطق باسم الخارجية الفرنسية هيرفيه لادسو، ليبيا الى استئناف المفاوضات «على أسس واضحة»، الامر الذي يفهم منه انه مطالبة لليبيا بأن «تنسى» أمر الاتفاق او الوثيقة السرية.

وكان سيف الاسلام قد وجه رسالة الى باريس مفادها انها «اذا أرادت تعويضات اضافية، فان عليها، بالمقابل، ان تدفع الثمن». وهو من جهة يطالب باريس بتسوية اوضاع الليبيين الستة الذين صدرت بحقهم احكام غيابية عام 1999، وبينهم عبد الله السنوسي، عديل العقيد القذافي، الذي حكم عليه بالسجن المؤبد. ولم يشرح سيف الاسلام ما الذي يطلبه الليبيون الستة، علما ان القضاء قال كلمته وهو مستقل.

وبعيدا عن الضغوط السياسية، فان الوفد الفرنسي المفاوض، وهو أساسا تجمع عائلات ضحايا «يوتا» الذي يقوده غيوم دوفدا دو سان مارك ليس له تأثير على العدالة، فيما الجهة الثانية المفاوضة وهي جمعية الدفاع عن ضحايا الارهاب قادرة على إسقاط ملاحقة ليبيا امام المحاكم الاوروبية، لانه لم تصدر احكام عنها.

اضافة الى ذلك، يطالب سيف الاسلام بتعويضات غير محددة لعائلات الطيارين الليبيين الثلاثة الذين أسقطت القوات الفرنسية طائرتهم فوق تشاد اواسط الثمانينات.

وأخيرا، يطالب سيف الاسلام باتفاق «عدم اعتداء» بين بلاده وفرنسا، وتحديدا في ما يخص القارة الافريقية، حيث تنشط السياسة الليبية بقوة.

ويرفض سيف الاسلام دفع ما يزيد على مليون دولار لكل عائلة من عائلات الضحايا، فيما هذه الاخيرة تطالب بمساواتها بعائلات ضحايا لوكربي، وعمليا، يطالب الجانب الفرنسي بمبلغ ما بين مليوني دولار ومليوني ونصف المليون دولار.

وحتى تزداد الامور تعقيدا ويدخل الحابل بالنابل، فان تجمع عائلات ضحايا «يوتا» وجمعية الدفاع عن ضحايا الارهاب يتناحران لنا ويتبادلان الاتهامات، ففيما يقول التجمع ان المحامية فرنسوا رودتسكي، رئيسة جمعية الدفاع عن ضحايا الارهاب «تضع العصى» في الدواليب وتعرقل الوصول الى حل، تتهم هذه الاخيرة غيوم دونوا دو سان مارك بـ«الانتهازية»، وبرغبته الاستئثار بالمفاوضات، كما انها تطغى بكونه يمثل كل عائلات الضحايا.

وفي الايام الثلاثة الاخيرة لم تنقطع الاتصالات بين غيوم دو سان مارك ورئيس الوفد الليبي صلاح عبد السلام من جهة، وسيف الاسلام القذافي من جهة اخرى، في مسعى للتغلب على عقدة «الاتفاق» او «الوثيقة» السرية.وقالت الاوساط الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» انه من الضروري العثور على حل.

وتعتقد هذه الاوساط، وفق ما أكدته، ان وثيقة «لا تعدو كونها رسالة وجهت الى السفارة الفرنسية تتضمن مواقف ومطالب ليبية».

وبحسب هذه المصادر فان السفارة الفرنسية لم تعترف بها ابدا، وبالتالي «ليس هناك ما يعطيها قيمة قانونية ما». ويتخوف الجانب الفرنسي من انقطاع المفاوضات ومن عودة الوفد الليبي الى بلاده، مما سيجعل تسوية هذه المسألة تطول شهورا وربما سنوات.

وكان الجانبان قد وقعا في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي اتفاقا مبدئيا يتعهدان بموجبه الوصول الى اتفاق نهائي خلال مدة شهر. غير ان المهلة اقتضت ولم يظهر شيء في الافق، الامر الذي دفع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، السبت الماضي، الى التهديد بـ«استخلاص النتائج» من رفض ليبيا «الالتزام بتعهداتها». وعقب ذلك، اعلن الجانب الليبي استعداده لاستئناف المفاوضات التي لم تجر منها سوى جولة واحدة، الثلاثاء الماضي.

ويرى الكثيرون في باريس ان «أوراق» الضغط الفرنسية على ليبيا محدودة الجدوى، ان دبلوماسيا او اقتصاديا وتجاريا، خصوصا بعد ان سهلت فرنسا التصويت على قرار رفع العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا، الشهر الماضي، في مجلس الامن الدولي، بعد ان كانت تهدد باستخدام الفيتو من اجل اجهاضه. ويؤكد هؤلاء ان باريس «أحرقت» الورقة الوحيدة ذات المعنى، مما يضعها اليوم في حالة حرج ازاء الرأي العام من جهة، وازاء عائلات الضحايا وجمعياتهم من جهة اخرى.