كبائن الاتصالات في السعودية.. استثمارات كبيرة.. ومستقبل غير مضمون

إقبال ضعيف وعوائد متواضعة وديون متراكمة ومؤشرات بخروج 2000 كابينة من السوق في جدة

TT

منذ أن بدأ نشاط كبائن الاتصالات الهاتفية في السعودية في العام 1995، وهي تشكل هما للمستثمرين فيها بدءا من الشروط التي تتطلب مواصفات معينة للكبائن والخطوط الهاتفية المطلوب إدخالها، فضلا عن رسوم المكالمات وانتهاء بتوظيف السعوديين، فيما يواجه الموظفون فيها مستقبلا منهكا ويصف احدهم نفسه بأنه «مظلوم» وليس هناك بديل سوى السهر إلى ما بعد ساعات الليل الأولى.

وكان لتقدم الاتصالات الهاتفية في السعودية في الآونة الأخيرة تأثيره على سوق الكبائن ومنها على سبيل المثال خفض رسوم الاتصالات الهاتفية بين المدن السعودية، وكذلك خفض رسوم الاشتراك في شرائح الهاتف الجوال السعودي الثابتة إلى مائة ريال بدلا من 10 آلاف ريال عند بدء الخدمة عام 1996، وكذلك دخول البطاقات مسبقة الدفع للهاتف الثابت، والشرائح مسبقة الدفع بالنسبة للهاتف الجوال، والتي تهافت الكثيرون على اقتنائها حتى الذين يملكون شريحة جوال ثابتة. وادى كل ذلك الى احجام الجمهور عن استخدام الكبائن لعدم وجود حوافز مغرية.

كبائن الاتصالات في السعودية، كانت في سنتها الأولى مشروعا مغريا للكثير من المبتدئين في مجال الاستثمار كون العائد التشغيلي كان مجديا، والأرباح مغرية، بيد أنه مع مرور السنوات تحولت هذه الكبائن إلى هم يؤرق المستثمرين من حيث تغطية نفقات التشغيل ودفع مصاريف العاملين فيها، رغم أنها بقيت ما بين شد وجذب بين الطرفين، الاتصالات والمستثمرين.

وبقي الكثيرون حائرين حول استمرارية تشغيلها أو إلغائها.. ماذا حدث لكبائن الهاتف في السعودية؟

إقبال ضعيف، عوائد متواضعة، ديون متراكمة، تكاليف اتصلات باهظة، أرباح ضئيلة، مرتبات عالية، بطاقات هاتفية منافسة، وكانت النتيجة، أكثر من 2000 كابينة هاتف في جدة تقدر استثماراتها بنحو ملياري ريال (الدولار يعادل 3.75)، تمضي نحو الموت ببطء، والحال كذلك في بقية المدن السعودية.

محمد شوك الذي يملك نحو 90 من هذه الكبائن في جدة، يفكر حاليا في التخلص من استثماراته الهاتفية لعدم مقدرته على تغطية نفقاتها، إلى جانب تراجع مردودها المادي، ويقول شوك لـ«الشرق الأوسط»: فكرت كثيرا بترك استثماراتي الهاتفية في الآونة الأخيرة، نتيجة لتراجع دخلها المادي بعكس ما كانت عليه في السنوات الماضية فضلا عن ذلك النفقات المادية التي تتطلبها كل كابينة على حدة، ويضيف: المواطنون والمقيمون انصرفوا كليا خاصة في الآونة الأخيرة عن استخدام كبائن الاتصالات الهاتفية، نتيجة لتوفر العديد من الخدمات الهاتفية التي تسهل من إمكانية تحدثهم مع الآخرين، سواء كان ذلك عن طريق البطاقات الهاتفية، أو الشرائح المسبقة الدفع الخاصة بالهاتف الجوال الذي أصبح في متناول العديد من المواطنين والمقيمين حتى أصحاب ذوي الدخل المحدود منهم، وأردف: أصبح العديد من المستثمرين في تلك الكبائن، يفضلون الابتعاد عن الاستثمار فيها، لتجنب الوقوع في خسائر مادية كبيرة. ولم يلحق الضرر مالكي الكبائن وحسب، بل طال الأمر العاملين فيها وجلهم من السعوديين، وفي هذا الصدد يقول عبد الحكيم الحازمي، 22 عاما، الموظف في إحدى الكبائن في حي الفيصلية في جدة لـ«الشرق الأوسط»: عندما بدأ نشاط هذه الكبائن كان العامل يحصل على راتب شهري يوازي ما بين 500-600 دولار، عندما أقرت الدولة توظيف السعوديين فقط في هذه الكبائن استمر الأمر كما هو عليه، بيد أن الأمر تراجع الآن كليا، وأصبح راتب الموظف السعودي الذي يعمل لمدة 10 ساعات متواصلة يوميا دون إجازة أسبوعية مايعادل (400) دولار فقط، ويضيف: نحن على ثقة بأن الرواتب ستتدنى في هذه الكبائن وسيصل الراتب إلى حدود تعادل 300 دولار، ورغم هذا سنرضى بالأمر الواقع، كوننا لا نملك أي مصدر رزق آخر.

ويؤكد الحازمي: مستقبل العمل في هذه الكبائن أصبح «مظلما» بالنسبة للسعوديين كونهم يتعرضون للطرد من قبل ملاك الكبائن عند حدوث أي فروقات، كالعجز اليومي إلى جانب ما يتردد حاليا من أن هذه الكبائن أصبحت تشكل عبئا على أصحابها من حيث المردود اليومي والمصاريف التشغيلية، مشيرا إلى أنه لا ذنب للموظف في هذا الأمر.

وبالعودة إلى محمد شوك يقول: «إن العوائد المادية التي كانت تدرها هذه الكبائن في سنواتها الأولى، دفعت العديد من المستثمرين الى التوسع في نشاطاتهم من خلالها، وذلك دون علم مسبق بما سيترتب مستقبلا من مستجدات في الخدمات الهاتفية التي قد تتوفر كما هو حاصل الآن وقال: «أصبح بإمكان أي شخص اقتناء كابينة اتصال في الوقت الحالي بقيمة لا تتجاوز ما يعادل «53» ألف دولار، عكس ما كان عليه الأمر في السابق حينما كان لا يتطلب سوى دفع أكثر من ما يعادل «250» ألف دولار».

=