مطالبة بوش بإقصاء مسؤول في البنتاغون وصف حرب الإرهاب «بالصراع بين القيم المسيحية ـ اليهودية والشيطان»

TT

طلبت منظمات دينية في الولايات المتحدة من الرئيس الاميركي جورج بوش اقصاء نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات الجنرال ويليام بويكين من منصب حساس اوكل اليه في مجال الحرب ضد الارهاب لإدلائه بعبارات مسيئة للاسلام كان آخرها وصفه الحرب ضد الارهاب بأنها «صراع بين القيم المسيحية ـ اليهودية والشيطان».

وكان بويكين قد قال، وهو يرتدي زيه الرسمي، في حديث امام جمهور مسيحي في ولاية اوريغون ان «الاسلاميين الراديكاليين» يكرهون اميركا «لاننا بلد مسيحي ولان جذورنا مسيحية ـ يهودية. والعدو هو شخص يدعى الشيطان». واضاف قائلاً: «عدونا الروحي سيهزم فقط اذا واجهناه باسم المسيح». وقد ادلى بويكين بهذه التصريحات في يونيو (حزيران) الماضي لكن لم يكشف عنها الا اول من امس من قبل شبكة «إن.بي.سي» الاخبارية وصحيفة «لوس انجليس تايمز».

وقد هيمنت الاسئلة حول قضية بويكين خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ورئيس هيئة الاركان ريتشارد مايرز اول من امس في وزارة الدفاع (البنتاغون). وقال مايرز انه «لا يبدو للوهلة الاولى، حدوث تجاوز لأي قواعد». كذلك قال رامسفيلد ان المعلومات التي بحوزته حول القضية ضئيلة لا يستطيع معها استخلاص ما اذا كانت تصريحات بويكين مناسبة ام لا.

يذكر ان بويكين كان قد قال ايضاً في يناير (كانون الثاني) الماضي خلال نقاش حول جهوده في القبض على بعض زعماء الحرب الصوماليين عام 1993: «كنت اعرف ان ربي اكبر من ربهم».

ودعا مجلس العلاقات الاميركية ـ الاسلامية (كير)، الذي يعنى بالدفاع عن المسلمين في اميركا، الرئيس بوش والوزير رامسفيلد الى اقصاء بويكين من منصبه الذي اوكل اليه والمتمثل في تكليفه الاشراف على جهود القبض على اسامة بن لادن وصدام حسين. وقال نهاد عوض مدير مجلس «كير» ان «لكل شخص الحق في ان يؤمن بما يشاء بغض النظر عن طبيعة ضعف المعلومات التي يستند اليها في ايمانه او تعصبه، لكن يجب ألا يسمح لتلك القناعات بأن تؤثر على قرارات مهمة يجب اتخاذها اثناء الحرب ضد الارهاب. يجب نقل الجنرال بويكين الى منصب لا يكون فيه قادرا على الاساءة الى صورة وطننا او مصالحه».

كذلك، طلبت منظمة «انتر فيث» الدينية، التي تضم في عضويتها نحو 150 الف شخص وتعنى بتطوير الحوار بين الديانات المختلفة، من بوش ورامسفيلد توبيخ الجنرال بويكين. وجاء في الرسالة التي كتبها رئيس المنظمة ولتون غادي: «بالنظر الى آرائه النشاز عن الاسلام وعن الاديان الاخرى، هل سيكون بامكان الجنرال بويكين ان يخدم الولايات المتحدة عندما يكون في منطقة الشرق الاوسط بقدر من الاحترام والدبلوماسية؟ في هذا اللحظة استطيع ان اقول لا. ملاحظات الجنرال بويكين تتعارض بشكل كبير مع التماسات الرئيس وتخرق القواعد الاولية في التسامح وقبول الآخر التي تتضمنها تقاليد هذا الوطن».

ورغم تكرار اسئلة الصحافيين اول من امس حول قضية بويكين، تجنب رامسفيلد ادانة هذا المسؤول في البنتاغون، كما رفض الكشف عما اذا كان سيقوم باجراء ضده. وقال رامسفيلد ان «هناك الكثير مما قاله اناس عسكريون ومدنيون او مشرعون لكن كل ذلك يشكل وجهات نظرهم. هذه هي الطريقة التي نعيشها هنا. نحن شعب حر. وهذا هو الشيء الرائع حول بلدنا. انا اظن ان اي شخص يحاول التحكم في افكار الآخرين مخطئ. ببساطة لا استطيع ان اعلق على ملاحظاته لانني لم ارها بعد».

ومن جانبه، قال مايرز ان الكثير من تعليقات بويكين تقع في ما يبدو ضمن «مساحة رمادية واسعة لما يمكن للقواعد ان تسمح به. عموماً عندما يتحدث المرء الى الجمهور فانه يتعين عليه قدر الامكان تجنب ارتداء الزي العسكري. لكن هناك دائما استثناءات».

ومن جانبه، اعتبر السناتور الجمهوري لينكولن تشافي ملاحظات بويكين «تبعث على الرثاء». اما السناتور الجمهوري جون وارنر فقال ان لجنة الخدمات العسكرية التابعة لمجلس الشيوخ (والتي كانت وراء ترشيحها لبويكين لاحتلال منصب في البنتاغون) ستدرس القضية.

يشار الى ان بويكين الذي شارك في الكثير من العمليات العسكرية السرية قد التحق في يونيو (حزيران) الماضي بمنصبه الجديد كنائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات. وهو وفق هذا المنصب يرأس مكتبا جديدا في البنتاغون يشرف على عمليات ملاحقة زعيم «القاعدة» والرئيس العراقي المخلوع وشخصيات مهمة اخرى.

وميله لوضع الحرب ضد الارهاب ضمن اطار ديني يتعارض مع محاولات بوش ومساعديه الكبار لتجنب لغة من هذا النوع خشية ان تبدو محرضة للنقمة في العالم الاسلامي ويمكن ان يستفيد منها اصوليون متشددون في جهودهم لاظهار انفسهم بأنهم يخوضون حربا مقدسة. وقال بيتر فيفر البروفيسور المساعد المتخصص في القضايا المدنية العسكرية: «الدرس هنا ليس فيما اذا كان لشخص ما الحق الذي يضمنه الدستور له في قول ما يشاء. الدرس هو كيف ان قول بعض الاشياء ضمن سياق معين ان يؤوَّل بشكل مختلف وضمن سياق مختلف ايضا».