إسرائيل تتحدى الأمم المتحدة وتتعهد بالمضي في بناء الجدار الفاصل

144 دولة أدانت بناء الجدار و4 وقفت ضده وإسرائيل تعتبر قرار الجمعية العامة يضر بالأمم المتحدة

TT

تعهدت اسرائيل امس بالمضي قدما في بناء الجدار العازل في الضفة الغربية رغم موافقة الجمعية العامة للامم المتحدة بأغلبية ساحقة على قرار يدينه ويطالبها بوقف الخطة، في ما وجد القرار ترحيبا فلسطينيا وعربيا، واعتبروه خطوة لتحويل القضية لمحكمة العدل الدولية.

وقال ايهود اولمرت نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ان بناء الجدار «سيستمر، وسنواصل اهتمامنا بأمن المواطنين الاسرائيليين» مكررا موقف الدولة العبرية القائل بان الجدار ضروري لمنع الهجمات الانتحارية. واتهم الرئيس الاسرائيلي موشيه قصاب الامم المتحدة بانها «تخرق قوانينها ومواثيقها ومبادئها عندما تتخذ قرارا كهذا»، وقال إن الجدار الفاصل «اقيم من اجل توفير الامن للشعب الاسرائيلي في مواجهة الارهابيين الذين يتسللون من المناطق الفلسطينية الى اسرائيل ليقتلوا المواطنين اليهود، فمنذ متى مثل هذه الحماية باتت جنحة تستحق الادانة».

ورحب الفلسطينيون بقرار الامم المتحدة، واعتبر رئيس الوزراء احمد قريع (ابو العلاء) ان القرار «هو خطوة مهمة لا بد من استكمالها بإبداء محكمة العدل الدولية رأيها في الجدار» الذي تبنيه اسرائيل. ويقول الفلسطينيون ان الجدار خطة اسرائيلية لمصادرة الاراضي الفلسطينية وانها تصادر ايضا نتائج محادثات السلام النهائية التي سترسم الحدود. واصدرت الجمعية العامة القرار بعد ان وافقت عليه 144 دولة وعارضته اربع دول بينها الولايات المتحدة واسرائيل في حين امتنعت 12 دولة عن التصويت. ويطالب القرار وهو نص توفيقي تم التوصل اليه بعد مساومات بين الاتحاد الاوروبي راعي القرار والحكومات العربية استمرت اكثر من ست ساعات، اسرائيل «بوقف والغاء بناء الجدار في المنطقة الفلسطينية المحتلة» ويصف الجدار بانه «يتناقض مع بنود القانون الدولي ذات الصلة».

وقال اولمرت ان الحكومة الاسرائيلية ستتحدى «ما تمليه اغلبية (في الامم المتحدة).. معادية غير متفهمة ومضللة تتحرك دوما ضد اسرائيل». وخفف نص سابق صاغه ناصر القدوة المراقب الفلسطيني لدى الامم المتحدة وايدته الحكومات العربية حتى يحصل على تأييد الاتحاد الاوروبي. وتقول اسرائيل ان الجدار ضروري لمنع الهجمات التفجيرية التي يشنها نشطاء فلسطينيون في اطار الانتفاضة المستمرة منذ ثلاث سنوات. ويقول مراقبون دوليون ونشطاء سلام اسرائيليون ان بامكان اسرائيل اقامة الجدار على اراضيها لو كانت الدوافع وراء اقامته امنية.

وقال مندوب اسرائيل لدى الامم المتحدة دان غيليرمان بعد التصويت ان تبني هذا القرار «يضر بالامم المتحدة وبعملية السلام». واضاف «طالما ان الاغلبية تتبع مثل هذا التقليد فيجب ان لا يندهش احد بان يتطلع ضحايا الارهابيين الى مكان اخر لحمايتهم». وعبر المندوب الفلسطيني ناصر القدوة عن شكره «للدول الاعضاء والاتحاد الاوروبي على هذا القرار الذي تم اعتماده».

واعربت الولايات المتحدة عن تحفظاتها بشأن الجدار وهددت باقتطاع جزء من تكلفة الجدار من تسعة مليارات دولار ضمانات قروض مقدمة لاسرائيل ووافق عليها بالفعل الكونغرس الاميركي وهي ضرورية لاقتصادها المنهك. واعلن ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي انه سيمضي قدما في بناء الجدار رغم ذلك. وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين ان التصريحات الاسرائيلية عن المضي في بناء الجدار تعكس تصميم اسرائيل على مواصلة انتهاك القانون الدولي ومواصلة الاحتلال والاستيطان بدلا من مواصلة مسار السلام والمصالحة. واعلن شارون الاسبوع الماضي ان اسرائيل ستمضي قدما في بناء الجدار رغم التهديدات الاميركية. وتشعر واشنطن بالقلق من ان يصادر الجدار نتائج قضايا تتحدد خلال المفاوضات.

واحال العرب القضية الى الجمعية العامة بعد ان استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن لابطال قرار في هذا الصدد. وعلى عكس قرارات مجلس الامن فان قرارات الجمعية العامة غير ملزمة لكنها تعكس الرأي العام العالمي. وقال جون نجروبونتي المندوب الاميركي لدى الامم المتحدة الاسبوع الماضي ان مشروع القرار الذي استخدمت واشنطن الفيتو ضده منحاز ضد اسرائيل وانه حتى لا تستخدم بلاده الفيتو كان على مشروع القرار ان يدين الهجمات الانتحارية والجماعات التي تعلن المسؤولية عنها. وقال دبلوماسيون اوروبيون ان الحل الوسط الذي امكن التوصل اليه في الجمعية العامة هو اكثر توازنا من مشروع القرار الذي قدم الى مجلس الامن. فهو قد ادان عملية فدائية فلسطينية في حيفا في وقت سابق من الشهر وادان الهجوم الذي وقع في غزة الاسبوع الماضي وادى الى مقتل ثلاثة ضباط امن اميركيين. كما انتقد ايضا الانشطة الاستيطانية الاسرائيلية واي انشطة لمصادرة الاراضي وضم الاراضي كأمر واقع.

وفي القاهرة رحب الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة، واعتبر في مؤتمر صحافي مشترك مع احمد قريع ان القرار يكشف وجود أغلبية ساحقة تقف ضد السياسة الاسرائيلية بكل قوة». واضاف «لا يمكن للولايات المتحدة ان تقوم بدور الوسيط النزيه في مفاوضات سلام لأن الوسيط لا ينحاز لطرف معتد هو اسرائيل ضد طرف آخر ارضه محتلة». ومن جهته دعا وزير الخارجية المصري احمد ماهر اثر لقائه قريع الدول التي صوتت على القرار، لا سيما الاتحاد الاوروبي، الى تطبيق القرار «عمليا».