مخطط حرب العراق في البنتاغون يتهم منتقديه بتضخيم دوره

اتهامات لوليام لوتي بأنه يدير عملية استخباراتية هدفها الانتقاص من «سي آي إيه» خدمة لأهداف وزارة الدفاع

TT

في الاوضاع العادية يعتبر مسؤول مكتب سياسة الشرق الاوسط التابع لوزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) شخصا عاديا وغالبا ما يكون موظفا من الدرجة الثالثة لا يكاد يكون ملحوظا داخل مبنى «البنتاغون» دعك من خارجه. إلا ان وليام لوتي، نائب مساعد وزير الدفاع، ليس من هذا النوع، فهو المسؤول عن ادارة الشؤون اليومية لسياسة البنتاغون ازاء العراق ويعتبر الاكثر بروزا وسط الذين شغلوا هذا الموقع. وتشير نتائج دراسة اجريت في الآونة الاخيرة ان اسم وليام لوتي ورد 1340 مرة دخل فيها المستخدمون شبكة الانترنت، اذ يصوره الكثير منهم على انه يباشر عمله المتعلق بسياسة البنتاغون في العراق على نحو خفي تماما فضلا عن عمله وسط شبكة تربطه بنائب الرئيس، ديك تشيني، والرئيس السابق لمجلس النواب، نيوت جينجريتش، ومساعد وزير الدفاع للسياسات، دوغلاس فيث. اذ عمل لوتي مع كل هؤلاء خلال السنوات السبع السابقة كما تعرض في مواقع بشبكة الانترنت الى هجوم وصف فيه بأنه «كذاب حقير» وبأنه «شيطان».

وينظر المنتقدون بشيء من الشك الى «مكتب الخطط الخاصة» الذي انشئ العام الماضي. فالاسم المبهم والغامض، على نحو مقصود فيما يبدو، أثار شكوكا في ان لوتي يدير عملية استخباراتية مشبوهة تهدف الى انتقاد وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) مع تزويد البنتاغون بالنتائج التي تدعم سياساته. وفي لقاء اجرى معه اخيرا قال لوتي ان ثمة تفكيرا تآمريا يتعلق بهذه القضية مؤكدا ان مكتبه يعنى في الاساس باستخدام المعلومات الاستخبارية وليس توفيرها للجهات الاخرى. كما اشار الى انه لا يتمتع بالنفوذ الهائل الذي يصوره به بعض منتقديه، مشددا على ان الشائعات التي تدور حول نفوذه وسلطاته مبالغ فيها الى حد كبير. وقال لوتي انه تعرض الى هجوم منتقديه لأن مكتبه يتعامل مع قضايا ساخنة ومثيرة للجدل، لكنه اكد في نفس الوقت انه لا «يترأس صورة مصغرة من وكالة الاستخبارات المركزية». كما اكد ان مكتبه معني بالدرجة الاولى بتطوير الخيارات ذات الصلة بسياسات الدفاع في العراق ومراقبة تطبيق هذه السياسات وليس جمع المعلومات الاستخبارات وتخطيط الحروب وتطبيق السياسات. ويعتقد مراقبون ان لوتي اجتذب الانتباه بسبب طريقته المتشددة في التعامل، فيما يعتقد ريتشاردز شولتز، مشرفه الاكاديمي السابق على رسالة الدكتوراه بجامعة تافتس، انه صاحب مقدرة على امتصاص المشاعر وردود الفعل السلبية وصرف الاهتمام عن قضايا اخرى، كما وصفه بأنه شخص انفعالي ومتمسك بسياسات مثيرة للخلاف. من جانبهم، قال خبراء في مجال الدفاع ان بروس هاردكاسيل، مسؤول وكالة استخبارات الدفاع البارز لشؤون الشرق الاوسط، حاول تجنب اللقاء مع وليام لوتي بعد خلاف حاد بينهما على مدى الـ12 شهرا السابقة حول مدى خطورة التهديد الذي كان يشكله العراق خلال حكم الرئيس المخلوع صدام حسين. وقال مسؤول في البنتاغون يدرك أبعاد الخلاف بين لوتي وهاردكاسيل انه من الصعوبة بمكان إبلاغ الناس الذين يعرفون سلفا جوانب هذه المسألة. كما علق مسؤول سابق بوكالة استخبارات الدفاع قائلا ان لوتي لا يرغب عادة في معلومات الآخرين التي تتعارض مع رأيه. وفيما رفض هاردكاسيل الادلاء بأي تعليق، قال لوتي نفسه ان منتقديه «مرتبكين او خبثاء او الاثنين معا». وأضاف قائلا ان المسؤولين المعنيين بالسياسات ومحللي الاستخبارات يؤدون اعمالا ومهام مختلفة، غير ان الامر الاكثر اهمية، طبقا لما قال، هو العمل سويا وليس الاتفاق حول كل شيء. إلا ان جون تريجيليو، وهو مسؤول سابق بوكالة استخبارات الدفاع عمل مع لوتي في مسائل تتعلق بسياسات الدفاع، وصف لوتي بأنه شخص «جريء ومحترف وأمين»، كما وصف ادعاءات من اتهموا لوتي باستغلال المعلومات الاستخباراتية بأنها «سخيفة»، فيما يتذكر الادميرال ويليام فالون، الذي عمل قائدا للوتي في السفينة الحربية الاميركية «يو اس اس غوام» بأنه قائد كفء لم يعرف عنه تحريف المعلومات. وقال فالون، الذي رقي في الآونة الاخيرة قائدا للاسطول الاميركي في المحيط الاطلسي، انه سخر من الادعاءات التي سمعها حول لوتي مؤكدا انه لم ير فيه ما يسند هذه الادعاءات. يشار الى ان عمل لوتي في البحرية على مدى 26 عاما جمع بين مهام وواجبات بوصفه ضابطا في سلاح البحرية الى جانب العمل في مواقع رفيعة تتعلق بدوائر رسم السياسات في واشنطن. فعقب عمله كضابط اسلحة في طائرات «إي أي ـ 6بي» التي تستخدم في التشويش على الاجهزة الالكترونية للعدو، درس لوتي الاستراتيجية والدبلوماسية بجامعة تافتس الاميركية. ويقول شولتز ان لوتي التحق بجامعة تافتس لنيل درجة الماجستير، إلا ان مستواه الاكاديمي الرفيع كان وراء قبوله لنيل درجة الدكتوراه.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»