يوم أميركي في نيفاشا: باول يتوقع إبرام اتفاق سلام سوداني قبل نهاية العام

باول بعد لقاء طه وقرنق: بوش سيدعو القادة السودانيين إلى البيت الأبيض بعد توقيع السلام

TT

وسط حشد أمني أميركي غير مسبوق في المدينة الكينية الصغيرة نيفاشا، أكد وزير الخارجية الأميركي كولن باول امس في كينيا ان نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق وافقا امامه على ابرام اتفاق سلام شامل في السودان «قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وأكد باول الذي احيط بهالة اعلامية وأمنية كبيرة، للصحافيين بعد لقائه طه وقرنق في نيفاشا (80 كلم الى شمال غرب نيروبي)، ان «الجانبين وافقا على مواصلة المحادثات وابرام اتفاق قبل نهاية ديسمبر على ابعد تقدير». واضاف ان الرئيس الأميركي جورج بوش سيدعوهما الى البيت الأبيض في حال التوصل الى اتفاق شامل. واضاف «فور التوصل الى اتفاق شامل فان الرئيس بوش سيدعوهما للحضور الى البيت الأبيض» للاحتفال بمراسم التوقيع. وأبلغ الصحافيين في نيفاشا حيث تجرى المفاوضات انه بات يرى «النهاية على مرمى البصر». واضاف «بناء على ما سمعته اليوم اعتقد ان الطرفين اقتربا من اتفاق نهائي».

وبعد ساعات من من اعلان باول بأن التوصل الى اتفاق سلام بحلول نهاية 2003 أكد مستشار الرئيس السوداني للسلام غازي صلاح الدين ان لا أحد يستطيع «فرض تاريخ محدد» لانتهاء المفاوضات مع الحركة الشعبية. وقال صلاح الدين في نيفاشا انه «من المستحيل لأي كان فرض تاريخ محدد على طرفين يتفاوضان» من اجل وضع حد لحرب أهلية مستمرة منذ عشرين عاما. ورد المستشار الرئاسي السوداني على تصريحات باول بالقول «هذا ليس موعدا أقصى» لانهاء المفاوضات، بل «تعبيرا عن رغبة في مضاعفة الجهود من اجل التوصل الى اتفاق». وقال الناطق باسم الحكومة السودانية سيد الخطيب «انها بادرة التزام.. بأن يبذل الطرفان جهودا حقيقية لوضع حد لمعاناة الشعب السوداني». والتقى باول نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه، كما التقى زعيم الحركة الشعبية جون قرنق، قبل ام يعقد مؤتمرا صحافيا، بمشاركة الطرفين السودانيين ووزير الخارجية الكيني كالونزو موسيوكا. وباتت الاحتمالات كبيرة مع طرح باول امس لامكانية تحسين العلاقات الأميركية ـ السودانية اذا تم التوصل الى اتفاق وهو امر متوقع خلال العام الحالي. وقال باول «الآن لدينا نافذة امل ولحظة يجب عدم اهدارها». وعقد باول لقاء غير رسمي مع موسيوكا وكبير الوسطاء في المفاوضات لازاراس سيمبويو. ووصل وزير الخارجية الأميركي الى نيفاشا في كينيا حيث تجرى محادثات السلام السودانية للقاء طرفي النزاع والمشاركة في المحادثات. وهي المرة الأولى التي يشارك أحد أعضاء الادارة الأميركية في محادثات السلام السودانية. وتعتبر المحادثات الحالية في كينيا المرحلة قبل النهائية التي تسبق توقيع الاتفاق النهائي الذي يضع حدا لعشرين عاما من الحرب الأهلية.

وتعهد النائب الأول السوداني وزعيم الحركة الشعبية امام كولن باول بالاستمرار في التفاوض والالتزام بعملية السلام بالتوقيع على الاتفاقية قبل نهاية هذا العام.

وقال باول في مؤتمره الصحافي امس ان «الطرفين اتفقا بعد الاجتماع الذي عقدناه معا على الاستمرار في التفاوض في بقية الموضوعات المطروحة، للوصول الى اتفاق سلام نهائي قبل نهاية ديسمبر المقبل». وكشف عن دعوة وجهها الرئيس الأميركي جورج بوش لقادة الطرفين بزيارة البيت الأبيض بعد التوقيع على الاتفاق سلام لاطلاعه على وثيقة الاتفاق، تأكيدا لالتزام واشنطن بمساعدة السودان في تنفيذ الاتفاقية. وشدد باول على ضرورة تحقيق السلام في هذا الوقت، وقال «يجب علينا ان نصل الى الحل النهائي»، وان الوقت قد حان لاغتنام هذه الفرصة، «فهي الاخيرة»، واضاف: «اعتقد ان السلام اصبح قريبا خاصة بعد التقدم الجيد الذي تحقق في قضية الثروة وان بقية القضايا في المناطق الثلاث والسلطة يمكن الاصول فيهما الى حل في المستقبل القريب». وقال ان الرئيس بوش كلفه بالحضور الى نيفاشا للاجتماع مع طه وقرنق لتشجيعهما على الاستمرار في العمل بقوة من اجل تحقيق السلام، وقال «نحن نريد سلاما شاملا ونهائيا لشعب السودان في الشمال والجنوب و الذي عانى من الحرب طويلا»، مشيرا الى ان الطرفين استطاعا من قبل توقيع اتفاق بروتوكول ماشاكوس في يوليو (تموز) 2002، الى جانب اتفاقيات وقف العدائيات والترتيبات الأمنية والعسكرية والتي وصفها بأنها من اصعب قضايا المفاوضات. وقال: «نجاح الطرفين في التوقيع على اتفاق الترتيبات الأمنية يؤكد عزيمتهما للوصول الى اتفاق سلام، والطريق الآن اصبح مفتوحا للسلام الشامل والنهائي».

من جانبه قال وزير الخارجية الكيني كالونزوا موسيوكا في المؤتمر الصحافي مع باول ان الطرفين سيبقيان في نيفاشا حتى يصلا الى اتفاق سلام نهائي، ويمكنهما ان يواصلا المفاوضات حتى خلال شهر رمضان، واضاف «ليس مهما الآن ان تكون هناك راحة لأن الطرفين التزما بتحقيق السلام الذي مضيا فيه كثيرا، وان يتم التوقيع النهائي قبل نهاية هذا العام».

وأكد طه في المؤتمر الصحافي صعوبة عملية السلام الجارية الآن «لذلك لن نذهب الى الراحة حتى ننجز السلام العادل لأهل السودان» مشيرا الى ان «الوقت الذي امضوه في المفاوضات سيسهل الطريق لانجاز السلام لكي نجعل من العزيمة الدولية والرغبة الايجابية لعدد من الدول المساعدة انجاز السلام». وقال ان حضور باول الى نيفاشا يعد «تدخلا ايجابيا ويوضح اهتمام الولايات المتحدة في أعلى مستوياتها للسلام في بلادنا ونحن نرحب ترحيبا عميقا بذلك».

وقال ان السلام هدف حقيقي بالنسبة لنا وان الطرفين يريدان انتهاز هذه الفرص الذهبية حتى لا تضيع منهما.

من جانبه جدد رئيس الحركة الشعبية التزامه بتحقيق السلام وقال ان «شعبنا يريد السلام لأنه عانى اكثر من 20 عاما من الحرب»، وقال: «جئنا هنا لنوقف هذه الحرب التي قتلت مليوني شخص ونزح بسببها 4 ملايين». واضاف «الآن هناك نافذة وفرصة لنا لأن ننجز سلاماً شاملاً وعادلاً لأهل السودان»، وقال «هذه رسالة السلام والالتزام والعزيمة». واضاف «مثلما استطعنا انجاز الترتيبات الأمنية بذات الروح ستواجه بقية الموضوعات رغم صعوبتها وهي لن تكون اكثر صعوبة من الترتيبات الأمنية». وكرر ما سبق ما وصفه بتسلق الجبال.. وقال «اجتزنا جبلا وتبقت سلسلة جبال لانجاز السلام قبل نهاية هذا العام».

من جهة ثانية رفع عدد من نساء جنوب السودان مذكرة الى باول والجامعة العربية و«الايقاد» والاتحاد الأفريقي يؤكدن فيها على ضرورة وقف الحرب، وان الدماء التي سالت من السودانيين تكفي.. وقلن في المذكرة ان نساء السودان الجديد اكدن على اهمية التفاوض وتحقيق السلام وان السلام لن يتحقق بدون وجود حقيقي للمرأة وطالبن بتفاوض وسلام حقيقي لتحقيق الحريات، ووقف المعاناة لأهل السودان ولنساء الجنوب بصورة خاصة.