دمشق: الهجمات على مقرات المنظمات الدولية والإنسانية في العراق تضر بمصالح الشعب العراقي

القوات الأميركية المسؤولة عن مراقبة الحدود العراقية ـ السورية تؤكد عدم ملاحظتها عبور عدد كبير من المتسللين

TT

نددت سورية امس بالهجوم الانتحاري الذي استهدف مقر الصليب الاحمر الدولي في بغداد الاثنين الماضي والهجمات التي تعرضت لها المنظمات الدولية والانسانية الاخرى، وقالت ان مثل هذه الهجمات تضر بمصالح الشعب العراقي.

وقالت بشرى كنفاني مديرة إدارة الإعلام في وزارة الخارجية في تصريح نقلته الوكالة العربية السورية للانباء «ان سوريا تشجب بقوة الاعتداء المدمر الذي تعرض له مقر الصليب الاحمر الدولي في بغداد».

وأضافت «ان مثل تلك العمليات التي تستهدف الابرياء ومنظمات انسانية ودولية تلحق أضرارا بالغة بصميم مصالح الشعب العراقي وهي أفعال ارهابية مدانة».

وكان الهجوم على مقر اللجنة الدولية للصليب الاحمر واحدا من اربع هجمات انتحارية قتل فيها 35 شخصا واصيب 230 اخرين بجروح في أكثر الايام دموية في بغداد منذ الاطاحة بصدام حسين.

وكشف النقاب خلال اليومين الماضيين في بغداد ان مهاجما اعتقل وهو يحاول تنفيذ هجوم انتحاري خامس على مركز شرطة في ذلك اليوم هو يمني وكان يحمل جواز سفر سورياً.

وانحى الرئيس الاميركي جورج بوش اول من امس باللوم في العنف في العراق على اعضاء في حزب البعث و«ارهابيين» اجانب وقال انه يتوقع من سورية وايران تعزيز السيطرة على حدودهما لمنع عبور المتسللين.

وتتهم واشنطن دمشق بأنها تغض الطرف عن عبور متشددين الحدود الى العراق. في غضون ذلك اشار قادة القوات الاميركية المسؤولة عن مراقبة الحدود بين العراق وسورية الى عدم وجود ادلة حتى الان، من مصادر الاستخبارات البشرية او طائرات الاستطلاع الرادارية، تشير الى عبور عدد مهم من المقاتلين الاجانب عبر سورية الى العراق بطريقة غير قانونية.

وتعمل القوات الاميركية والعراقية معا لتأمين الحدود العراقية ضد تسلل اجانب يهدفون الى مساعدة الهجمات ضد القوات والمدنيين المرتبطين بسلطة التحالف في العراق.

وتتولى الفرقة 101 المحمولة جوا المنتشرة على طول الحدود مع سورية حراسة القطاع الشمالي للحدود مع سورية بينما يتولى فوج الفرسان المدرع الثالث مراقبة القطاع الجنوبي للحدود. ويبقى قطاع يمتد نحو 60 ميلا من الحدود شمال نهر الفرات بلا حراسة سواء من القوات الاميركية او شرطة الحدود العراقية، ولكن تجري مراقبته جوا. وطبقا لمشروع تطلق عليه القوات الاميركية اسم «عملية تشمبرلين»، تتولى طائرات شبكة رادار الاستطلاع المشترك لاهداف الهجوم تجميع المعلومات بخصوص حركة السيارات وتنقلها للقوات البرية.

وذكربعض القادة من الفرقة 101 المحمولة جوا هذا الاسبوع انه لا المصادر الاستخبارية البشرية ولا طائرات الاستطلاع قد كشفت عن عمليات تسلل مهمة من سورية، وهو ما يتطابق مع بيانات سابقة من كبار قادة الفرقة. غير ان المقاتلين الاجانب يمكنهم الوصول الى بغداد من سورية والاردن وتركيا والكويت عبر نقاط الحدود بوثائق سفر اصلية او مزورة، الا ان القلق بخصوص التسلل غير المشروع عبر الحدود السورية يبدو لا أساس له من الصحة، طبقا لما ذكره الضباط. وقال ليفتنانت كولونيل جوزيف بوش قائد الكتيبة الثالثة في الفرقة 101 المحمولة جوا «اذا قال لي احد ان ممر هوشي منه يمر عبر منطقة عملياتي، فسأقول لهم انهم على خطأ». وكان يشير إلى ممر التسلل عبر لاوس الذي كانت تستخدمه قوات فيتنام الشمالية خلال الحرب الفيتنامية.

وعندما تمكنت طائرات الاستطلاع من اكتشاف ما يعتقده مشغلو الرادار بأنه قافلة تضم ما يتراوح بين 10 و20 سيارة كانت تتحرك عبر الحدود انتقل بوش ومعه مجموعة من قواته الى النقطة التي حددتها الطائرات للتسلل. وعثر على طريقين وعرين ضيقين لا يزيد عرض كل منهما على 5 اقدام، واحد على الحدود العراقية والاخر على الحدود السورية، في حالة جيدة ولا توجد اي اثار واضحة لاطارات السيارات تشير الى عبورها للطريق وقال بوش، 41 سنة، وخريج جامعة ويسكنسون «في رأيي لا يمكن لعشرة او عشرين سيارة عبور هذا الطريق في ذلك الوقت. ربما تحركت عشر او عشرين سيارة في تلك المنطقة، ولكنها لم تعبر الحدود».

وتعمل دوريات بوش مع 498 جنديا عراقيا من قوات حرس الحدود تولوا تدريبهم. ويحتل العراقيون ومعظمهم من أفراد الجيش العراقي السابق، 18 نقطة على الحدود تمتد من سنجار الى تركيا.

واضاف بوش «لسنا قوات السيطرة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. ولكن تحدث زيادة واضحة (في السيطرة) بالمقارنة بما كان عليه الموقف في ابريل». واكبر دليل على ذلك يمكن مشاهدته في ربيعة ابعد نقاط العبور القانونية من سورية شمالا. فقد ذكر الليفتنانت اريك الكسندر «عندما أتينا الى هنا (في شهر ابريل) كانت المنطقة مفتوحة»، واصفا مشهدا يتولى فيه حرس الحدود السوري وحده السيطرة على الحدود، بحيث يمكنهم السماح لاي شخص يعجبهم بعبور الحدود.

والان مع عبور ما يصل الى 800 شاحنة عبر الحدود في الاتجاهين في بعض الايام، تتولى هيئة جمارك عراقية جديدة تفتيش كل شيء من مقاعد الشاحنات الى الحقائب الشخصية، وفحص وثائق السفر والحصول على رسم يتراوح بين 10 دولارات و20 دولارا من كل شاحنة تدخل او تخرج من العراق.

ويتذكر الكولونيل جوزيف لينينغتون قائد لواء يتولى مسؤولية تأمين منطقة تصل مساحتها الى ثلاثة ارباع مساحة نيو جيرسي (حوالي 8 الاف ميل مربع) بقوة حجمها 4000 جندي، التعليمات التي تلقاها في اوائل شهر مايو (أيار) الماضي من قائده الميجور جنرال دافيد بيتراسو قائد الفرقة 101 المحمولة جوا: «نريد فتح الحدود للتجارة مع سورية. اذهب الى هناك وافتح الحدود».

وفي اتفاق توصل اليه بيراوس فإن العراق يقايض 4500 برميل من النفط يوميا مقابل 50 الى 70 ميغا وات من الكهرباء السورية المطلوبة لامداد الموصل اكبر مدن شمال العراق، والمناطق المحيطة بها بالكهرباء.

وكان قرار بيراوس، قبل اسبوعين، بفتح الحدود ودعمه لتبادل الطاقة قد تسبب في انتقادات من النائب راهم ايمانويل الذي قال في خطاب الى وزير الخارجية كولن باول ان التجارة الحرة مع سورية تنتهك روح التشريعات التي اقرها مجلس النواب الأميركي مؤخرا بفرض عقوبات اقتصادية.

غير ان مالك احمد غلاب، وهو محام عراقي من الموصل يدير مركز الجمارك في منطقة ربيعة، قال ان التجارة الحرة لا تفيد سورية فقط ولكنها تفيد العراق اكثر. واضاف «يحصل السائقون على عمل، والتجار سعداء، الحياة أصبحت أفضل». وفي الوقت ذاته تقع عمليات لتهريب البنزين والسجائر على نطاق محدود بين العراق وسورية مما يشير الى امكانية عبور الحدود بطريقة غير مشروعة. وقد القت كتيبة الليفتنانت كولونيل هنري ارنولد القبض على 6 عراقيين بعد عودتهم من سورية لتهريب السجائر.

وقال ارنولد «كانت لديهم مدافع رشاشة وقنابل تطلق بالصواريخ». وقد سمح ارنولد الحاصل على وسام القلب القرمزي لاصابته بشظايا عانى منها خلال هجوم على مواقع قيادته، للمجموعة بالمرور بأسلحتهم بعدما اقتنع بانها للحماية الشخصية وليس لعمليات ارهابية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»