عاصفة شمسية تضرب الأرض وتشوش على اتصالات الطيران

"ناسا" امرت رواد محطة الفضاء الدولية بالاحتماء من الاشعاعات داخل الوحدة الروسية

TT

قال علماء فلك ان الشمس دفعت، في اعقاب انفجار مذهل فيها هو الثالث الذي سجل من نوعه، اول من أمس، كتلا من الغازات المليئة بالجسيمات المشحونة التي تهدد الاقمار الصناعية ونظم الاتصالات العالمية. ويأتي الانفجار الشمسي بعد انفجارات اصغر منه سجلت في ثلاث مناطق من البقع الشمسية، وكانت هيئة المحيطات والجو القومية قد حذرت من قدوم عواصف اخرى. وكان من المقرر ان تصل اولى «النذر الشمسية» الى الارض أمس منتصف النهار بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (الخامسة مساء بتوقيت غرينيتش). ورغم ان الانفجار الشمسي لا يشكل اي تهديد مباشر للناس على الارض، الا ان وكالة الطيران والفضاء الاميركية «ناسا» وجهت تعليمات الى رواد محطة الفضاء الدولية للالتجاء بين حين وآخر الى الوحدة الروسية في المحطة، التي صممت بدرع مضاد متين ضد الاشعاعات، لحماية انفسهم من تأثير العاصفة. وقد سجلت اقمار صناعية ترصد الشمس انبعاثات من انفجار فيها، الثلاثاء، في نطاق درجات «أكس» وهي أعلى الدرجات، تغلغلت تأثيراتها في نطاق الاتصالات الراديوية المستخدمة في الطيران. وانطلقت من الانفجارات «كتل تاج الشمس المنبعثة» على شكل كرة غازية فائقة السخونة، مليئة بالجسيمات المشحونة، تتحرك بسرعة 4.35 مليون ميل في الساعة. وعندما تصل الارض فانها ستحدث تغيرات في المجال المغناطيسي للارض مما قد يؤثر على شبكات الاتصالات، ومنها اتصالات الهاتف الجوال، والطاقة.

وقال بال بريكي الباحث في مشروع المرصد الشمسي «سوهو» لوكالة الفضاء الاوروبية ان «العاصفة قوية، حيث تنطلق سحابة كثيفة بسرعة هائلة». ويتوقع ان تؤدي الى ازدياد وهج الهالة القطبية او الشفق القطبي. واذا ثبتت شدة العاصفة فانها ستعطل الاقمار الصناعية وتشوش على الاتصالات. وقال لاري كومبس الباحث في تنبؤات المناخ الفضائي في هيئة المحيطات والغلاف الجوي القومية في بولدر، كولارادو، ان «العاصفة المغناطيسية الارضية ستكون اقوى بكثير من العاصفتين التي سبق وأن وصلت الارض خلال الايام الخمسة الماضية، وانها ستؤثر كثيرا على نظم الطاقة». وتعتمد تأثيرات «كتل تاج الشمس» على الارض، على اتجاه خطوط مجالها المغناطيسي. وإن كان مجالها متجها مثل المجال المغناطيسي للارض، فانها لن تؤثر الا قليلا على الارض. وبعكس ذلك فان التأثيرات ستكون شديدة. ولم يتمكن العلماء من تحديد خصائص المجال المغناطيسي للعاصفة الشمسية الا صبيحة امس. وقال روبرت ميرسير المتحدث باسم «دايركت تي في» التي تشغل سبعة اقمار صناعية للبث الفضائي، اننا «نعرف ان الفضاء هو بيئة معادية، الا اننا واثقون بامكاناتنا لـ«ترويضه». واضاف ان الاقمار الصناعية الجديدة تصمم بدرع واق افضل والكترونيات متطورة.

وقال كايل هيرنج المتحدث باسم «ناسا» ان الرواد نصحوا بالهروب من مواقعهم لدى تعرض المحطة الى مستويات عالية من الاشعاع المنبعث من الشمس. ووفقا لما قاله خبراء مسؤولون عن صحة رواد الفضاء، فقد اخفق جهازان على متن المحطة مخصصان لقياس جرعات الاشعاع داخل اجسام الرواد في عملهما منذ شهرين، كما حدثت مشاكل اخرى لاجهزة رصد الاشعاعات. الا ان هيرنج قال ان الوكالة تستطيع رصد الاشعاعات في المحطة، بأدوات التحكم من بعد. واضاف انه ان لم يتخذ الرواد خطوات لحماية انفسهم من الاشعاع فانهم سيتعرضون في غضون 20 دقيقة الى جرعات منه تعادل ما يتعرضون اليه خلال 24 ساعة.

من جهتها تراقب قيادة قوات سلاح الجو الفضائي المشرفة على المعدات العسكرية الفضائية الوضع، ولا تتوقع سوى حدوث اعطال طفيفة. وقالت جينا ماكمولين الناطقة باسم القيادة ان «اقمارنا الصناعية مصممة بدروع ضد الاشعاعات». واضافت انه وحسب شدة العاصفة، فان «بعض الاقمار ستوضع في «وظيفة الخمود» لتقليل الاضرار.

وقال العلماء انه أوقفت أعمال بعض اقمار الابحاث والمسابر التي ترصد الشمس، اول من امس الثلاثاء، تحسبا لتأثيرات العاصفة.

وفي حال حدوث عاصفة مغناطيسية ارضية بشدة 5 جي (وحدة جي هي وحدة جاوس لقياس كثافة تدفق المجال المغناطيسي)، فان التأثيرات التالية ستحدث وفقا لخبراء هيئة المحيطات والغلاف الجوي:

ـ تعطيل بعض نظم الطاقة ـ تدمير الاقمار الصناعية بسبب الاضرار في ذاكرة الاجهزة على متنها ـ تعرض المسافرين في الطائرات المحلقة في خطوط العرض العليا الى اشعاعات تصل جرعاتها الى 100 جرعة من اشعة أكس الطبية. وقع قمر «كوداما» الصناعي للاتصالات ضحية العاصفة الشمسية التي ضربت الارض، واعلنت وكالة الفضاء اليابانية انه تم ايقاف عمله، على أمل تشغيله لاحقا بعد انقشاع العاصفة. وكانت سحابة من الغاز الناري من أحد ألسنة اللهب الكبرى التي انطلقت في اعقاب الانفجارات الشمسية، قد وصلت امس الى الارض، مسببة عاصفة مغناطيسية شديدة، لم تستمر طويلا. ووصف العلماء التأثير الذي احدثته العاصفة على المجال المغناطيسي للارض بأنه «شديد جدا». وقالوا ان سرعة العاصفة كانت غير معهودة، وانها أقوى من عاصفة مماثلة وقعت عام 2001 واعتبرت الأقوى منذ عاصفة عام 1989 التي عطلت شبكات الطاقة الكهربائية في كندا. ويفترض العلماء ان شدة العاصفة المغناطيسية على الارض قد وهنت بسبب اصطفاف نسبة كبيرة من خطوط المجال المغناطيسي للكتل الشمسية مع خطوط المحال المغناطيسي للارض.