مسعى سوري متجدد يجنب لبنان تعطيل جلسات مجلس الوزراء لإقرار الموازنة العامة

TT

كاد مجلس الوزراء اللبناني ان لا يعود الى الانعقاد مجدداً امس والى فترة غير محددة، لو لم تجدد سورية ممثلة برئيس جهاز الامن والاستطلاع لقواتها العاملة في لبنان العميد الركن رستم غزالة، مسعاها للتقريب بين المتباعدين حول مشروع موازنة سنة 2004 وتضغط بقوة في هذا الاتجاه، خصوصاً بعدما بلغها ان الخلاف بين رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري بلغ حدوداً خطرة يمكن ان تؤدي الى تعطيل عمل مؤسسة مجلس الوزراء.

وقد نجحت هذه المساعي التي سجلت رقماً قياسياً في سرعتها في الاعلان عن موعد جديد لجلسة جديدة لمجلس الوزراء انعقدت السابعة مساء امس بعدما كانت قد انتهت جلسة اول من امس الى عدم تحديد موعد لجلسة جديدة بحيث رُبط هذا الامر بانتهاء وزارة المال ومجلس الانماء والاعمار من اعداد تقريرين طُلبا منهما حول المشاريع والمبالغ المرصودة لتنفيذها في الموازنة، وحول المبالغ المدوّرة لهذه الغاية من موازنات سابقة.

وكانت الرغبة السورية ملحاحة الاثنين الماضي على ان يقر مجلس الوزراء مشروع الموازنة، اول من امس، حسبما اكد مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط». ولكن ما حصل في الجلسة عاكس هذه الرغبة وكاد ان يفجر خلافاً حاداً بين المعنيين وتحديداً بين الرئيسين لحود والحريري.

وقال احد الوزراء لـ«الشرق الأوسط» انه بعدما كان الطموح ان يقر مجلس الوزراء الموازنة ويرسلها الى مجلس النواب ضمن المهلة القانونية التي استحقت في6 اكتوبر (تشرين الاول) الحالي ليتسنى له مناقشتها في لجانه وإقرارها في هيئته العامة في نهاية المهلة القانونية التي تستحق في31 يناير (كانون الثاني) المقبل، صار الطموح الآن ان تعالج الخلافات القائمة حولها رئاسياً ووزارياً وتقر في مجلس الوزراء وترسل الى مجلس النواب من دون التفات الى ما ستؤول اليه في المجلس والمدة التي ستستغرقها مناقشتها واقرارها، خصوصاً ان رئيس مجلس النواب نبيه بري كان قد اكد الاسبوع الماضي ان المجلس لم يعد ملزماً بمهلة قانونية لاقرار هذه الموازنة لان الحكومة لم ترسلها اليه ضمن المهلة القانونية. وأكد بالتالي انه لا يمانع في اعتماد طريقة الانفاق على اساس القاعدة الاثني عشرية الى حين اقرار الموازنة.

وتخوف هذا الوزير من ان يطول المدار بالموازنة الى حد قد لا يصبح هناك متسع لاقرارها ويصبح الانفاق على اساس القاعدة الاثني عشرية هو المخرج. وهو امر يبدو ان هناك احتمالاً لنشوء خلاف حوله، حيث تشير المعلومات الى ان الرئيس لحود لا يريد ان تؤول الامور الى هذه القاعدة التي لا يؤيدها في المبدأ، فيما يجدها الرئيس الحريري ووزير المال الطريقة الفضلى بل الوحيدة المتاحة قانوناً للانفاق الى حين اقرار الموازنة.

وقالت مصادر قريبة من رئاسة الجمهورية ان «لا داعي للوصول الى الانفاق وفق القاعدة الاثني عشرية لانه لا يزال هناك متسع من الوقت امام مجلس النواب ليناقش الموازنة ويقرها قبل بدء السنة المالية الجديدة، فالموازنة اذا وصلت الى مجلس النواب الاثنين المقبل يستطيع ان يناقشها في لجانه خلال نوفمبر (تشرين الثاني) وان يقرها خلال ديسمبر (كانون الاول)، ولذا لا موجب للتأخير في هذا المجال».

وبدورها استغربت المصادر القريبة من الحريري ما حصل ويحصل حول الموازنة وكذلك استغربت ما طلبه رئيس الجمهورية حول المشاريع التي ينفذها مجلس الانماء والاعمار والموازنة المخصصة لها وتلك المدورة من موازنات سابقة. وقالت ان هذه المسائل تطلب للمرة الاولى، علماً ان هذه المشاريع يمولها اصلاً البنك الدولي ومؤسسات مالية عربية ودولية اخرى تشترط على الدولة اللبنانية ان تساهم في هذا التمويل بنسبة 10 في المائة فقط من قيمة كلفة التنفيذ الاجمالية.

وقالت هذه المصادر ان هذه المشاريع والقروض المخصصة لتنفيذها صدرت في شأنها قوانين عن مجلس النواب تحمل توقيع رئيس الجمهورية، وهو اطلع عليها اصلاً عندما عرضت في مجلس الوزراء واحيلت الى المجلس النيابي وفق الاصول المرعية الاجراء.

وشددت هذه المصادر على ان رئيس الحكومة، رفيق الحريري، كان ولا يزال عند موقفه، وهو عدم الاختلاف مع رئيس الجمهورية ادراكاً منه ان هذا الامر يضر بالبلد على كل المستويات في هذه المرحلة الحرجة، وانه مهما حصل من تباين بينهما حول هذا الملف او ذاك فانه لن يقدم على اي خطوة من شأنها ان تؤثر سلباً على الاوضاع الداخلية او ان تحدث ازمة على مستوى الحكم.