لائحة الاتهام الأميركية تشير إلى التنصت على منزل العمودي ومحاميه يدفع ببراءته ويقول إن واشنطن تريد تحويل قضيته إلى «إرهابية»

TT

دفع الناشط الاسلامي الاميركي عبد الرحمن العمودي اول من امس ببراءته من التهم الموجهة اليه باجراء تعاملات مالية غير مشروعة مع ليبيا، في حين امر قاض فيدرالي بالاستمرار في حبسه الى حين محاكمته في فبراير (شباط) المقبل.

وكان العمودي، الاميركي الاريتري المولد، قد وجهت له 18 تهمة بينها خرق الحظر الاميركي على ليبيا والحصول على 340 الف دولار نقداً من منظمة الدعوة الاسلامية التابعة للحكومة الليبية. واتهم ايضاً بغسيل اموال وسوء استخدام جواز سفره. ويقول خبراء قانونيون ان العمودي يواجه، في حال ادانته، عقوبة بالسجن قد تصل الى اكثر من 100 عام اضافة الى تجريده من جنسيته الاميركية.

ودفع ستانلي كوهين احد محامي العمودي ببراءة موكله، واتهم الحكومة الاميركية بالسعي لتحويل الدعوى الى قضية ارهابية. وقال كوهين في محكمة الكسندريا بولاية فيرجينيا: «ما نراه اليوم هنا هو زعم بارتكاب جريمة تتعلق بانتهاك اللوائح يضفى عليها صبغة الارهاب»، وذلك في اشارة الى وثائق اخرى عرضت على المحكمة، دون ان يتم تضمينها في لائحة الاتهام، وتشير الى ان العمودي ارتبط بمجموعات تمول منظمات ارهابية. وهذه مقتطفات من لائحة الاتهام التي جاءت في 23 صفحة وتمحورت خصوصاً حول «تعمد المتهم اخفاء سفرياته الى ليبيا» و«بعلمه المسبق ان تلك السفريات تعد خرقاً» للقانون الاميركي. وجاء في مقدمة اللائحة تعريف بالعمودي اشار الى انه ولد في اريتريا عام 1952 وتوجه الى الولايات المتحدة عام 1979 ثم حصل على الجنسية الاميركية عام 1996. اسس المجلس الاسلامي الاميركي، وكان مديره التنفيذي لبضع سنوات. كما اسس المؤسسة الخيرية الاسلامية الاميركية، وهو الآن مديرها التنفيذي. وخلال الفترة من 1985 الى 1990، كان العمودي مساعدا تنفيذيا لرئيس مؤسسة «سار» الاميركية الخيرية. وقال العمودي في الآونة الاخيرة انه يخطط لدمج المجلس الاسلامي الاميركي، مع منظمة اخرى اسمها «التحالف الاسلامي الاميركي» لتكوين منظمة جديدة اسمها «الكونغرس الاسلامي الاميركي». ويعتبر العمودي، ايضا، الامين العام لمؤسسة سكسس (النجاح) الخيرية، ورئيس مؤسسة الحج الخيرية.

ونقلت لائحة الاتهام مقتطفات من خطابات القاها العمودي، واشارت الى انه في مظاهرة نظمت امام البيت الابيض عام 2000 قال «صحف نيويورك قالت انا اؤيد منظمة حماس. من يؤيد هنا حماس؟. كلنا مؤيدون لحماس. الله اكبر. هناك احتلال اسرائيلي، وحماس تحارب الاحتلال. الله اكبر. وانا، ايضا، اؤيد حزب الله. الله اكبر، الله اكبر».

وفي مؤتمر الاتحاد الاسلامي الفلسطيني عام 1996 نقل عن العمودي قوله «هذه فرصة لنا لنؤسس القيادة الاخلاقية لاميركا، ولنبدأ من الآن، حتى تصبح اميركا دولة اسلامية بعد مائة سنة. عندما نكون في الخارج نقول: ليدمر الله اميركا، ولكن عندما نأتي الى اميركا، يجب ان نعمل على تغييرها من الداخل».

وجاء في اللائحة انه في سنة 2001 اشترك العمودي في مؤتمر عقد في بيروت وحضره ممثلون عن حماس وحزب الله والجهاد الاسلامي، «دعا الى مقاطعة البضائع الاميركية والاسرائيلية، وقال في بيانه المشترك: «اميركا اصبحت اسرائيل الثانية».

وجاء في لائحة الاتهام انه في اغسطس (آب) 2003 سافر العمودي وعائلته الى لندن. وعندما اراد السفر من هناك الى دمشق فتشته الشرطة البريطانية وعثر بحوزته على 340 الف دولار، محزومة في 43 حزمة تحوي كل منها 100 قطعة نقدية من فئة مائة دولار ومرتبة ترتيبا رقمياً. وقال العمودي للشرطة ان قصة تلك الاموال تعود الى سنوات عندما قابل دبلوماسياً ليبياً وتحدث معه عن رفع التجميد عن الاموال الليبية المحجوزة في البنوك الاميركية. ووعد الدبلوماسي العمودي بعمولة في حال تحقق ذلك، وبالفعل اجرى العمودي اتصالات مع بعض اعضاء الكونغرس لذلك الغرض. وعندما سألته الشرطة البريطانية: لماذا تتعامل مع ليبيا، وانت مواطن اميركي، والقانون الاميركي يمنع ذلك؟ قال ان ليبيا غيرت سياستها في الآونة الاخيرة ونبذت الارهاب، مضيفاً ان هدفه هو «بناء جسر» بين اميركا ودولة اسلامية.

وأوردت لائحة الاتهام ان العمودي قال انه سافر الى ليبيا عشر مرات تقريبا، كان يقابل خلالها رئيس منظمة الدعوة الاسلامية العالمية. وفي آخر زيارة له قبل حادثة لندن، قال له رئيس الجمعية ان شخصا سيسلمه مبلغا من المال خلال اقامته في فندق متروبول في شارع «ايدجوار رود» في لندن. وفعلا جاء الى غرفته شخص يتكلم العربية بلكنة ليبية، وسلمه حقيبة «سامسونايت». وبعد خروجه فتح العمودي الحقيبة ووجد المبلغ.

ولأن القانون الاميركي يمنع تحويل اكثر من 10 آلاف دولار بدون اقرار بنكي، اراد العمودي ايداع المبلغ في بنوك في السعودية، كي يقوم بسحبه على دفعات.

عندما فتشت الشرطة البريطانية العمودي عثرت بحوزته على جوازي سفر اميركيين، وثالث يمني. كان كل جواز اميركي يحمل تأشيرة دخول الى ليبيا صدرت في كندا. كما كان الجواز اليمني يحمل عدة تأشيرات دخول الى ليبيا، ما يعني انه زار ليبيا عدة مرات خلال الفترة من مايو (ايار) 2002 الى يوليو (تموز) 2003.

وقالت لائحة الاتهام ان «بيانات بطاقة «اميركان اكسبريس» الائتمانية التي يحملها العمودي اوضحت انه اشترى في عامي 2000 و2002 تذاكر سفر جوي من زيوريخ الى ليبيا. وفي بداية هذه السنة، وبموافقة من المحكمة، وضعنا جهازا للتنصت على هاتف منزل العمودي، ومن بين الاتصالات التي سجلت واحد الى الملحق المالي في بعثة ليبيا في الامم المتحدة في نيويورك». وتضيف اللائحة ان جهاز «بالم بايلوت»، الذي وجد في مكتب العمودي، اثبت اجراء اتصال هاتفي مع سفير ليبيا في الامم المتحدة. وكان نفس الجهاز يحمل رقم هاتف امين عام منظمة الدعوة الاسلامية.

وتقول اللائحة ايضاً: «عثرنا على رسالة من العمودي الى امين عام منظمة الدعوة تشير الى ان العمودي نجح في شراء مبنى ليكون مكاتب للجمعية الاسلامية الاميركية، والصندوق الخيري الاسلامي الاميركي، وجمعية الحج، والمبنى كلف مليونين ونصف مليون دولار، اقترض جزءاً منها من بنك التنمية الاسلامي، والشركة السعودية للتنمية الاقتصادية. وطلب العمودي من امين عام منظمة الدعوة المساعدة في دفع اقساط القروض او شراء جزء من المبنى.

كما اوردت لائحة الاتهام انه «عثر في جهاز كومبيوتر العمودي على رسالة الى الملحق المالي في بعثة ليبيا في الامم المتحدة، قال فيها انه دفع 4 آلاف دولار من البعثة لشراء تذكرة طائرة من واشنطن الى زيوريخ، كجزء من زيارته الى ليبيا. وطلب العمودي مبلغا اضافيا، قدره 5 آلاف دولار، لشراء تذكرة الى لندن لمقابلة سفير ليبيا لدى الامم المتحدة.

وعثر ايضاً في جهاز كومبيوتر العمودي على رسالة الى السفير الليبي لمساعدته في ترتيب مقابلات مع الرئيس الايراني محمد خاتمي عندما يزور نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، وايضا مع رؤساء وفود باكستان، وليبيا، والسودان، والعراق».

وتختتم لائحة الاتهام قائلة «ان العمودي عاد يوم 28 سبتمبر (ايلول) 2003 الى واشنطن عن طريق مطار دالاس الدولي، وكتب في بطاقة الوصول عن الدول التي زارها: «السعودية وبريطانيا». وعندما فتش، عثر معه على جواز سفر يمني فيه ختم دخول الى ليبيا وختم خروج منها، وكذلك على جواز اميركي فيه ختم دخول الى بريطانيا، وختم خروج منها. وتقول لائحة الاتهام ان هذا «يوضح ان العمودي كان يعرف الحظر المفروض على سفر المواطنين الاميركيين الى ليبيا، وانه تعمد استعمال الجواز اليمني لزيارة ليبيا، وايضا لزيارة لبنان وسورية واليمن ومصر». وعندما سئل العمودي عن الدول التي زارها بالجواز اليمني ذكر الدول السابقة ما عدا ليبيا».

وتضيف لائحة الاتهام: «اعتمادا على ما سبق، وغيره، فان لدينا ادلة بأن العمودي خرق القانون رقم 50، الجزء 1705، والامر التنفيذي رقم 12543، المتعلقين بمقاطعة ليبيا».