باحث أميركي: 150 ألف جندي من أصل يهودي خدموا في جيش هتلر

TT

برلين ـ رويترز: قال باحث اميركي قابل مئات الجنود من قدامى المحاربين امس الخميس ان نحو 150 الف رجل يتحدرون من اصل يهودي خدموا في الجيش الالماني تحت حكم الزعيم النازي ادولف هتلر وبعضهم بموافقة صريحة من هتلر نفسه.

وقال بريان مارك ريج استاذ التاريخ بالجامعة العسكرية الاميركية في فرجينيا لـ«رويترز» ان قضية الجنود المتحدرين من اب يهودي او أم يهودية كانت موضوعا من المحرمات التي تجاوزها كثير من الباحثين لما تثيره من تساؤلات شائكة.

واضاف ريج «لم يكن كل من ارتدى الزى العسكري نازيا ولم يتعرض كل من

تحدر من اصل يهودي للاضطهاد». وتابع «الى اين ينتمون؟ هل خدموا

في الجيش؟ ولكنهم فقدوا امهاتهم في معسكر اعتقال اوشفيتز».

وطبقا لقوانين نورمبرغ التي صدرت عام 1935 فان اليهودي او من كان احد

ابويه من اليهود لم يكن مؤهلا للخدمة العسكرية. لكن ريج قابل اكثر من 400

من الجنود السابقين ممن يتحدرون من أب يهودي أو ام يهودية والذين اطلق عليه النازيون لقب «ميشلينغ» بالالمانية.

وقدر ريج انه كان هناك نحو 60 الف جندي يهودي ممن ينطبق عليهم وصف

ميشلينغ و90 الفا اجدادهم يهود كانوا في الجيش النظامي (فيرماخت) تمييزا

لهم عن قوات النازي.

وقال ريج «هؤلاء فكروا في انه اذا خدموا جيدا فانهم لن يضروهم او يضروا

اسرهم».

ومع عودتهم الى البلاد من الحملة على بولندا في بداية الحرب واكتشافهم كيف

يتفاقم اضطهاد اسرهم، بدأ كثير من الجنود المصنفين على انهم من اب يهودي او ام يهودية يشكون، مما دفع هتلر لإصدار الاوامر بتسريحهم عام 1940.

ولكن الكثيرين من هؤلاء اليهود استمروا في الخدمة بالجيش، احيانا بسبب التأخير في وصول اوامر التسريح للجبهة، او لانهم اخفوا اصولهم، او لانهم تقدموا بطلبات ونالوا عفوا لحسن خدمتهم.

وكثير من كبار الضباط ممن يتحدرون من اصل يهودي حصلوا على تصريح خاص بالخدمة في الجيش من هتلر نفسه.

وقال ريج «التاريخ ليس ابيض وأسود الى هذا الحد. التاريخ الخاص بالميشلينغ يظهر مدى افلاس القوانين النازية العنصرية».

وبينما كانت المانيا تدرك منذ امد ان هناك رجالا خدموا كجنود رغم انه كان من المفترض ان تعتبرهم القوانين العنصرية النازية يهودا وعلى وجه الخصوص

المستشار الاسبق هيلموت شميدت والفيلد مارشال ايرهارد ميلخ، فان العدد

الضخم الذي حدده ريج فاجأ الكثيرين.

ووصفت صحيفة «دي فيلت» اليومية كتاب ريج وهو بعنوان «جنود هتلر اليهود» بانه احد اكثر الدراسات اهمية عن مذابح اليهود في السنوات الاخيرة. وزار المؤلف برلين لاصدار الطبعة الالمانية من الكتاب.

وقال ريج «إن الميشلينغ عانوا نفس المصير في الحياة الاكاديمية كما عانوا في

الحياة العامة. لم يتحدث عنهم احد. اعتقد الناس ان الحديث في هذا الامر

قد يساء تفسيره وسيكون ذلك مثل قولك انظر لقد فعلوها في انفسهم».

واتجه ريج الذي خدم في مشاة البحرية الاميركية وخدم ايضا كمتطوع في الجيش الاسرائيلي للبحث في هذا الموضوع بعد ان اكتشف اصله اليهودي اثناء

بحثه في اصول شجرة عائلته وبعد ان قابل احد المحاربين القدامى في الجيش

النظامي في عهد هتلر.

وكثيونر ممن قابلهم كانوا يروون قصتهم للمرة الاولى، وفي بعض الحالات

كانت عائلاتهم لا تعرف شيئا عن تراثها اليهودي. وقال ريج «كانوا يتحدثون

من اعماق قلوبهم ويخبرونني عن هذه القصة الفصامية التي عايشوها».

وريج على قناعة بأن معظم الجنود المتحدرين من اصل يهودي لم يكونوا على

دراية بأعمال القتل المنهجية النازية ضد اليهود، ويشير الى ان معظم اليهود

نقلوا الى مراكز الترحيل عام 1944.

وقال ريج «يقول معظمهم انهم لا يشعرون بالذنب تجاه الخدمة في الجيش. انهم

يشعرون بالذنب تجاه ما لم يفعلوه لانقاذ اقاربهم».