كندي من أصل سوري اعتقل في أميركا يتحدث عن تعرضه للتعذيب

TT

قال مواطن كندي اعتقل العام الماضي في مطار جون كيندي الدولي في نيويورك للاشتباه في علاقته بالارهاب، اول من امس، انه نقل سرا الى سورية وتعرض الى التعذيب في السجن لمدة عشرة اشهر.

وذكر ماهر عرار، 33 سنة، في مؤتمر صحافي عقده في اوتاوا انه ناشد السلطات الاميركية السماح له بمواصلة رحلته الى كندا، التي عاش فيها لمدة 15 سنة وتقيم فيها اسرته. ولكن بدلا من ذلك، نقل عرار تحت حراسة اميركية الى الاردن وسلم الى سورية، البلد الذي ولد فيه. وقد نفى عرار اية علاقات له بالارهاب، واكد انه سيبذل كل ما في وسعه لتبرئة نفسه.

وقال مسؤولون اميركيون اول من امس ان عرار رحل لانه كان مدرجاً ضمن قائمة مراقبة ارهابيين بعد ورود معلومات «استخباراتية دولية» تربط بينه وبين جماعات ارهابية. وذكر مسؤولون، تحدثوا شريطة عدم الافصاح عن هوياتهم، ان حالة عرار ينطبق عليها «التسليم غير الاعتيادي»، وهو من النشاطات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه)، حيث يتم تسليم المشتبه فيهم من المستويات الدنيا الى اجهزة استخباراتية اجنبية يعرف عنها ممارستها للتعذيب.

وقد ادت قضية عرار الى اعتذارات متكررة من الحكومة الكندية، التي ذكرت انها تحقق في نوعية المعلومات التي تقدمت بها الشرطة الكندية الى السلطات الاميركية. وذكر وزير الخارجية الكندي بيل غراهام انه سيوجه اسئلة الى السفير السوري بخصوص البيانات التي ادلى بها عرار عن التعذيب. وفي مقابلة من اذاعة «سي.بي.سي» الكندية نفى عماد مصطفى القائم بالاعمال السوري في واشنطن تعرض عرار للتعذيب.

وقال عرار انه من الواضح ان المسؤولين الاميركيين اعتمدوا في اتهاماتهم له بالارهاب على علاقته بعبد الله المالكي، وهو كندي من مواليد سورية. والمالكي معتقل لدى السلطات السورية، على الرغم من عدم توجيه اي اتهامات له. واضاف عرار انه يعرف المالكي معرفة عادية قبل اعتقاله لكنه شاهده في السجن السوري حيث تعرضا معا للتعذيب.

وطالب عرار الذي تحولت قضيته الى قضية عامة باعتذار علني، وقال: «لست ارهابيا، ولا عضوا في «القاعدة» كما انني لم اتوجه الى افغانستان في حياتي». واوضح انه كان عائدا الى مونتريال عبر نيويورك في 26 سبتمبر (ايلول) 2002 بعد زيارة لعائلته في تونس. واضاف: «بدأت الكوابيس عندما احتجزني ضباط الهجرة واخذوني بعيدا، ثم حضرت الشرطة وتم تفتيش حقائبي. طلبت اجراء مكالمة هاتفية فلم يسمحوا لي». واضاف ان عميلا من مكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي) وضابطاً في شرطة نيويورك حققا معه. وتابع قائلاً: «كنت خائفا للغاية، وقالا لي انه ليس لدي الحق في استخدام محام لانني لست اميركيا».

وذكر عرار ان الضباط الاميركيين قيدوه ثم وضعوه في طائرة صغيرة نقلته الى واشنطن، حيث صعدت مجموعة جديدة الى الطائرة ونقلته الى عمان. وقال عرار ان المسؤولين الاميركيين سلموه الى السلطات الاردنية الذين «عصبوا عينيه وقيدوه بالسلاسل ووضعوه في سيارة شحن صغيرة». واضاف قائلاً: «لقد اجبروني على وضع راسي على ظهر المقعد الخلفي للسيارة ثم بدأوا بضربي، وكلما كنت احاول التحدث كانوا يضربونني». وذكر انه بعد عدة ساعات، نقل الى سورية حيث اجبر على كتابة اعتراف بانه كان في معسكر للتدريب في افغانستان. وتابع قائلاً: «استمروا في ضربي الى ان اضطررت للادلاء باعتراف كاذب. كنت على استعداد للاعتراف باي شيء كي يتوقف التعذيب».

وقال عرار ان زنزانة سجنه كانت «مثل القبر، تماما مثل قبر. فلم تكن فيها اضواء، عرضها متر وطولها متران وارتفاعها متران. الابواب معدنية وهناك فتحة صغيرة في السقف. كانت هناك قطط وفئران تظهر بين وقت وآخر، والقطط كانت تتبول عبر الفتحة الموجودة في السقف».

ومن جانبه، قال ستيفن وات من «مركز الحقوق الدستورية في واشنطن» ان قضية عرار تثير تساؤلات بخصوص اجراءات مكافحة الارهاب الاميركية، اذ ان «الولايات المتحدة شاركت في ترحيل شخص ما الى دولة تعرف انها تمارس التعذيب. ومن المحتمل ان الولايات المتحدة استفادت من ثمار هذا التعذيب. وانني اطرح السؤال التالي: لماذا لم ينقل الى كندا؟». وناقش مسؤول استخباراتي كبير القضية من منطلق سياسة التسليم السري. واكد المسؤول وقوع العديد من حالات التسليم السري منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، «وقد نفذنا عددا من تلك العمليات، وكانت مثمرة للغاية».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»