إعلان «حالة الطوارئ» في سري لانكا بعد إقالة الرئيسة وثلاثة وزراء

TT

اعلنت رئيسة سري لانكا تشاندريكا كوماراتونغا حالة الطوارئ امس في البلاد بعد يوم واحد من تفجر الازمة الدستورية غير المسبوقة في البلاد والتي نجمت عن إقالة الرئيسة وثلاثة وزراء أساسيين، بينهم وزير الدفاع، وتعليق البرلمان لمدة اسبوعين، ونشر الجيش حول منشآت استراتيجية في مختلف انحاء البلاد، ووضع الشرطة في حالة استنفار قصوى.

جاء ذلك في اعقاب كشف متمردي «حركة نمور تحرير تاميل ايلام» في مطلع الاسبوع الحالي عن مقترحات بشأن المشاركة في السلطة والتي رحبت بها الحكومة اليمينية الحالية برئاسة رانيل ويكرماسينغه باعتبارها اساسا لمباحثات جديدة ستجرى في مطلع العام المقبل.

مصادر رسمية اوضحت ان حالة الطوارئ ستستمر عشرة أيام، وهي المدة القصوى التي تستطيع الرئيسة فرضها بدون موافقة البرلمان، حيث يتمتع الحزب الوطني المتحد برئاسة ويكرماسينغه. مضيفة ان حالة الطوارئ تمنح قوات الامن صلاحيات واسعة لتوقيف وحجز مشبوهين.

وفي وقت سابق من صباح امس، أكد مستشار الرئيسة للشؤون الدولية، انه سيحترم وقف اطلاق النار مع «نمور» التاميل على الرغم من إقالة وزير الدفاع.

واضاف ان كاماراتونغا «طلب مني ان اؤكد تحديدا ان اتفاق وقف النار سار، وسيبقى ساريا ولا تشكيك فيه»، مؤكدا ان «الرئيسة لا تعتزم استئناف القتال او التسبب في ذلك».

ويذكر ان اتفاق لوقف اطلاق النار وقع في 22 فبراير (شباط) من العام الماضي برعاية النرويج بين السلطات السري لانكية والانفصاليين التاميل الذين يطالبون منذ ثلاثين سنة بالسيطرة على شمال شرقي الجزيرة.

وباستثناء العدد الكبير للعسكريين حول المباني الرسمية، ساد الهدوء امس شوارع العاصمة كولومبو. وأكد الجيش ان عددا محدودا من القوات أمر باتخاذ مواقع كاجراء احتياطي وليس هناك مؤشرات على تمرد او غضب في الشوارع، كما كان المرور في ساعات الذروة عاديا.

وقال سوميدها بيريرا المتحدث باسم الجيش ان المطابع ووسائل الاعلام الحكومية ومحطة الطاقة كانت من بين المواقع التي نشرت فيها قوات الجيش.

وفي خطاب القته مساء اول من امس اكدت كوماراتونغا، وهي زعيمة التحالف الشعبي (يسار الوسط) المعارض حاليا، انها «ستبقى مستعدة للحوار مع نمور التاميل من اجل التوصل الى حل عادل ومتوازن للمشكلة الوطنية، يأخذ في الاعتبار وحدة وسيادة الاراضي وسيادة سري لانكا»، وانتقد حزب الرئيسة خطة السلام التي اقترحها «نمور» تاميل السبت الماضي، وتنص على انشاء منطقة حكم ذاتي في شمال شرقي البلاد، مؤكدا ان هذا الاقتراح يعتبر في الواقع انقساما للجزيرة.

ومن جهتهم، اعلن «نمور» التاميل انهم «يراقبون التطورات» وقيادتهم «ستقرر ما يجب القيام به، وفق ما اعلن الناطق باسمهم».

مما يذكر ان كوماراتونغا اتخذت خطوتها المفاجئة بينما كان ويكرماسينغه في الولايات المتحدة، وقبل بضع ساعات من اجتماعه في البيت الابيض مع الرئيس الاميركي جورج بوش حول قضية التاميل.

وتعارض كوماراتونغا التي انتخبت بشكل مستقل، وتحظى بسلطات واسعة بمقتضى الدستور، اسلوب ويكرماسينغه في ادارة عملية السلام وتتهمه بتقديم الكثير من التنازلات من اجل السلام.

ووصف رئيس الوزراء ان تحرك كوماراتونغا المفاجئ استهدف تقويض جهود لانهاء الانقسامات العرقية في البلاد، وسيؤدي الى انتشار الفوضى، مؤكدا شرعيته ورغبته في مواصلة عملية السلام مع «نمور» التاميل، وانه ما زال يتمتع بالسلطة اللازمة لمواصلة مباحثات السلام.

ومن ناحية ثانية، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية آدم اريلي ان بلاده تؤيد جهود انهاء واحد من اطول الصراعات المستمرة واكثرها دموية في آسيا، وانها «تشعر بالقلق» لاندلاع توترات طويلة بين كبار زعماء الدولة ـ الجزيرة، وقال للصحافيين «نحث الرئيسة ورئيس الوزراء على العمل معا وعلى تعزيزعملية السلام وحماية المؤسسات الديمقراطية»، مضيفا «نحن قلقون من ان هذه الاحداث يمكن ان يكون لها آثار سلبية على عملية السلام وعلى المباحثات مع «جبهة نمور تحرير تاميل ايلام» ونقف بصلابة وراء حكومة سري لانكا في بحثها عن السلام بعد 20 سنة من الصراع الدموي».

وفي آسيا اثار الصراع السياسي في سري لانكا قلقا في الدول الآسيوية المجاورة والاسرة الدولية، ودعت الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي الى مواصلة عملية السلام، كما عبرت الهند عن قلقها من الوضع في سري لانكا حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية نافتيج سارنا ان «التطورات السياسية المتسارعة في سري لانكا فاجأتنا». واضاف سارنا في التصريحات التي بثتها وكالة الانباء الهندية «برس تراست اوف انديا» ان نيودلهي تأمل في التوصل بسرعة الى طريقة لتجنب تصاعد الازمة الدستورية، بالحوار السياسي.

وعلى الجانب الاقتصادي، هوت اسهم سري لانكا 13 في المائة في اكبر انخفاض لها على الاطلاق بعد تعطيل البرلمان. وقال مسؤولون في مجال السياحة والاستثمار ان الخلاف بين الرئيسة كوماراتونغا ورئيس الوزراء ويكرماسينغه سيعصف باقتصاد الجزيرة بعد انتعاشه بفضل وقف اطلاق النار المستمر منذ 20 شهرا مع «نمور» التاميل. وكانت بورصة الاسهم في البلاد من اقوى اسواق العالم اداء هذا العام قبل اعلان الرئيسة عن اجراءاتها السياسية.

وكان التفاؤل بشأن الاقتصاد قد دفع سوق الاسهم للارتفاع بنسبة 70 في المائة في عام 2003 حتى يوم الاثنين الماضي. لكن هبوط البورصة خمسة في المائة وخسائرها الحادة امس قلصت مكاسب هذا العام الى 42.47 في المائة.

واغلق مؤشر كولومبو الرئيسي للاسهم امس على 1161.29 نقطة بانخفاض 12.98 في المائة بعد معاملات حجمها مليار روبية. وهوى سهم شركة «سري لانكا تيليكوم» اكبر سهم في السوق 23 في المائة الى 19.25 روبية. وبدد هبوط امس 39 مليار روبية من قيمة السوق. وانخفضت الروبية 40 سنتا لتصل الى 95.60 روبية للدولار.